الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صفقة إدانة قتل المدنيين الإسرائيليين مقابل تخفيف ضغوطات الإصلاح

باتر محمد علي وردم

2004 / 5 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


تضمن البيان الختامي للقمة العربية العتيدة في تونس توجه القادة العرب إلى إدانة قتل المدنيين الإسرائيليين من قبل العمليات العسكرية التي تنفذها الفصائل الفلسطينية، وهي إدانة غير مسبوقة من قبل القادة العرب ومن خلال الجامعة العربية بشكل جماعي.
وبعيدا عن الدخول في الأبعاد الأخلاقية لقتل المدنيين، وخاصة في يوم قتلت فيه القوات الإسرائيلية طفلة فلسطينية رضيعة لتضاف إلى لائحة آلاف الشهداء المدنيين الذين سقطوا من الشعب الفلسطيني فإننا نريد أن نتكلم عن الثمن السياسي لهذه الإدانة وما الذي حصل عليه العرب مقابل ذلك.
إدانة القادة العرب الجماعية لقتل المدنيين الإسرائيليين تعني في الواقع رفع "الشرعية العربية" –إذا كان هناك معنى لهذا المصطلح- عن العمليات العسكرية التي تقوم بها الفصائل الفلسطينية وجعلها بالتالي تنظيمات "إرهابية" بناء على بيان وقع عليه كل القادة العرب، وهذا ما يعتبر نصرا سياسيا كبيرا لإسرائيل والولايات المتحدة تحقق على حساب الخيارات النضالية والعسكرية للفصائل الفسلطينية بدون استشارتها.
وإذا كانت السياسة مبنية على الصفقات فدعونا نتجاوز الحديث العاطفي ونتحدث عن الثمن السياسي الذي سيحصل عليه العرب مقابل هذه الإدانة. في البداية يجب أن يكون هذا الثمن مرتبطا تماما بمعاناة الشعب الفلسطيني، فإذا كانت القمة العربية قد أدانت قتل المدنيين الإسرائيليين فمن الضروري في المقابل أن يحصل العرب على التزام أميركي بإدانة قتل المدنيين الفلسطينيين أو ايقاف العدوان الإسرائيلي المستمر أو العودة إلى مباحثات مباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية بناء على قرارات الأمم المتحدة.
ولكن شيئا من هذا لن يحدث، وسيكون ثمن إدانة قتل المدنيين ثمنا لمنفعة النظام العربي الرسمي من خلال تخفيف الضغط الأميركي من أجل الإصلاح الديمقراطي في العالم العربي، والقبول بنظرية "خصوصية" الدول العربية وأن الإصلاح سيأتي من الداخل، وهذا ما يمكن ترجمته حسب القاموس السياسي العربي أن الإصلاح لن يأتي أبدا.
إنقاذ النظام العربي الرسمي من الضغط الأميركي هو ثمن الموقف العربي الجماعي بإدانة قتل المدنيين الإسرائيليين، وهذا ما يقوله بوضوح رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري المفوض العربي للمجتمع المدني لدى الجامعة العربية والذي قال في تصريحات صحافية أن "الوثيقة الأمريكية عدلت عبر إدخال أفكار عربية حول خصوصية الإصلاحات في كل بلد وفي المقابل سيبدي العرب موقفا معتدلا في القمة".
ويبدو واضحا أن النظام العربي الرسمي بدأ يستشعر الخطر من الضغط الأميركي لتطبيق الإصلاحات الديمقراطية فكان رد الفعل هو الضخ من رصيد النضال العسكري الفلسطيني بدلا من البدء بتنفيذ الإصلاح وتوجيه رسالة تراضي إلى البيت الأبيض وإسرائيل مقابل تخفيف ضغط الإصلاح.
هذه صفقة سياسية غير مقبولة، وربما بات على المنظمات الديمقراطية والمدنية والأحزاب العربية الداعية للإصلاح أن تتخذ موقفا علنيا مباشرا تدعو فيه إلى ممارسة المزيد من الضغط الخارجي لتطبيق الإصلاح في العالم العربي. فإذا كان النظام العربي الرسمي يواجه الضغط الأميركي بالمزيد من التنازل في الشأن الفلسطيني فهذا يعني السير نحو الهاوية والاستمرار بالتنازل عن الحقوق العربية والفلسطينية مقابل الاستمرار في القمع والتسلط ورفض الإصلاح وإطلاق شعارات غير واقعية عن الإصلاح من الداخل من قبل نظام عربي رسمي رافض تماما للإصلاح ولكنه قابل تماما بتقديم تنازلات تحفظ بقائه!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: غانتس اختار أن يهدد رئيس الوزراء بدلا من حماس


.. انقسامات داخلية حادة تعصف بحكومة نتنياهو وتهدد بانهيار مجلس




.. بن غفير يرد بقوة على غانتس.. ويصفه بأنه بهلوان كبير


.. -اقطعوا العلاقات الآن-.. اعتصام الطلاب في جامعة ملبورن الأست




.. فلسطينيون يشيعون جثمان قائد بكتيبة جنين الشهيد إسلام خمايسة