الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا شيء سوى الجنس!

خيري حمدان

2009 / 9 / 22
الادب والفن


ذهبت ربّما لتصنع القهوة أو لتغتسل! لا أدري ولكنّي تحرّرت من جزءٍ كبيرٍ من ملابسي في انتظار لحظة الوصال. حين عادت نظرت إليّ بحيرة. أخبرتها بأنّنا اتّفقنا قبل ذلك على أن ننهي تواصلنا الجنسيّ على عجل دون خاتمة أو حتّى مقدّمات. لكنّ رائحة القهوة كانت نافذة وقويّة وشهيّة.

كان المطر في الخارج قويّاً ولم أكن أحمل معي مظلّة، وفي انتظار الإشارة الضوئية الخضراء شعرت بها وقد وضعت مظلّتها الكبيرة فوق رأسي. قالت بأنّني تبلّلت كثيراً. شكرتها وأخبرتها بأنّني نسيت المظلّة في البيت! ذهبنا بعد ذلك إلى مقهى قريب، شربنا الشاي مع الليمون وطلبت هي كأساً من النبيذ الأحمر، كانت حائرة في هذه العلاقة العابرة. أخبرتها بأنّني أكره العلاقات الجادّة وأنّني رجلٌ بوهيميّ أرفض احتواء امرأة لي أكثر من ساعات معدودة. لا مواعيد لا قبل عند الباب وقد أدعو صديقة لمضاجعتها في بيتها. كانت مشدوهة ولكنّها لم تجرؤ على رفض الدعوة. ثمّ ذهبنا إلى بيتها لممارسة الجنس لا أكثر.

لماذا صنعت القهوة؟ هل من الضروري أن أترك جزءاً من ذاتي هنا. ألا يكفيك حيواناتي المنوية أتركها مجاناً في الواقي أو في رحمك. أنا بين يديك! وأخذت عيناها تتحدّث. قالت: هل تقبّلني قبل ذلك؟ قلت لها بأنّني سأقبّل نهديها ويديها وشفتيها وإبطيها وكلّ بقعة ساخنة في جسدها! هزّت رأسها وقالت: هل ستقبّلني من أجل القبلة ذاتها؟ هل ستنظر إلى عينيّ أثناء ذلك؟ هل ستمسك بيدي قبل أن أتوه في عالمك الرجوليّ.

هوى عضوي المنتصب دفعة واحدة. لم أكن أخشى النسيان بل كنت أخشى الذكرى. لم أكن أرغب بمشاهدة نصف عريها والساتان الذي كان يغطّي بشفافية وقحة محاسنها. كانت على وشك هزيمتي، الذكرى هي عدوّي الأوّل. ذكرى القبلة الأولى وفنجان القهوة الأوّل. هذه المرأة التي تحمل جرحاً أبديّاً بين فخذيها وتنزف كلّ شهرٍ أسبوعاً. تنزف ولا تموت، لكنّها تجدّد ذاتها وتبدو بعد ذلك أجمل وأكثر رونقاً وزهواً وحضوراً. هذه المرأة على وشك أن تهزمني مضفية على حضورها ذاكرة لا تّمحي بالاغتسال بعد بلوغ ذروة باتت صعبة المنال. أدركت بأنّ مروري بجسدها يعني إبقاء توقيع وبصمة في الذاكرة! من يضمن لي عدم قرع بابها مرّة ثانية في الغد أو بعد غد؟ هل سأحضر لها وردة أو حتى باقة من القرنفل؟ وربّما هدية قد لا تعجبها وأنطلق وإيّاها تجاه المحال التجارية لإرضاء غرورها، وستضع يدها بيدي وستحضن ذراعي وستريح برأسها فوق كتفي وستكتب في ذاكرتي قصّة حبّ قد تنتهي بزواج ربّما. لا .. هذا كثير! لماذا لا تشرب القهوة؟ كنت أودّ أن أقول لها بأنّ قهوتها رائعة ولهذا أخشى أن أشربها. أخشى ابتسامتها أيضاً. أشتهيها وأخشى شهوتي! أخشى أن أسافر في عينيها! بل وأخشى جرأتها هي التي حمتني من المطر لأخطف رحيقها دون مقابل! ووافقت على المضيّ في قاطرتي المأهولة بهوس الحريّة المكبّلة بالجمال. أخشى عينيها أيضاً لأنّهما تضجّان بصخب الحياة. كانت تعرض روحها وجسدها بسخاء. وأدركت أنا معنى السفر في حقائبها وأشياءها الصغيرة وعالمها الأنثويّ وملابسها السوداء القصيرة واكسسواراتها. حاولت أن أنظر إلى ذاتي فوجدتني مطأطئاً رأسي. آه .. ربّما كنت أخشى الحياة! كيف يمكن أن تختزلني امرأة. أنا الشرقي لا أرتوي من نبعٍ واحدٍ، قد أختنق في بحيرتها اللجّة. قد أذوب في سكّرها وفي سراديب يومياتها.

كنت قد حضرت لأمارس طقوس الجنس كالعادة، أرفع بنطالي وأرتدي قميصي وأطير نحو عشّ آخر. ولكنّ، ها قد مضى عشرون عاماً وأنا غير قادر على مغادرة عشّها. وكلّما حاولت الهرب تذكرت الساتان الذي كان يخفي عريها المكشوف وخفرها الخفيّ، وفنجان القهوة الذي دلقته في جوفي وكانت عيناها آنذاك تصرخ تتحدّث بلغات لم أدرك كنهها حتى يومي هذا.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا شيئ....الخواء...
رامز بوزيان النصري ( 2009 / 9 / 22 - 23:42 )
العنوان في هذا النص مخادع غايته اما الاستفزاز او الاثارة او لعلها دعوة الى التامل......لا شيئ سوى الجنس...ان اللا هنا نافية للجنس في اللغة..مشيعة لها في النص ...هل هي لا النفي ا ما الاباحة ..ثم النص نفسه يبدا بجنس مستهلك على طريقةرواد المواخير فاذا به يرتفع في انسانيته محلقا في فصاءات تلامس الذات كلما اقتربت منها امسكت السراب....


2 - بس لو يفهمنا الكاتب شو القصد
سارة ( 2009 / 9 / 23 - 07:57 )
انا ما فهمت شيئ
لا فكرة ولا ولا ولا هههههههههههههههههه


3 - الفهم موكول للقارئ
رامز بوزيان النصري ( 2009 / 9 / 23 - 10:24 )
اعتقد ان دور الكاتب ينتهي بمجرد عملية الوضع -وضع النص-و للقارئ ان يعيد انتاج المعنىو ان يفكك الشكل لانه يعاود صياغته من خلال ثقافته ورؤيته و ذائقته و بهذا المعنى يصبح سؤال =ما الذي يقصده الكاتب = غير ذي معنى


4 - الأستاذ رامز بوزيان النصري
خيري حمدان ( 2009 / 9 / 23 - 19:24 )
ربّما كان العنوان كما ذكرت مخادعا واستفزازيا، ولكني كسبت حضورك وقراءتك وتحليلك الجميل والوافي للموضوع. ليس هناك عبثية في معظم العلاقات الإنسانية مهما كانت لحظية. وتعليقك الثاني كان أوفى من الأول.
دمت بمحبة


5 - لقد..ابدعت حقا
سليم دريد ( 2009 / 9 / 24 - 20:40 )
تحية عطرة باريج الخزامى وعبق الورد
لقد ..ابدعت حقا وكسبت قمة تقديري واحترامي
اسلوبك رائع ولغتك سليمة وشيقة وموضوعك لا تضاهيه اي جراة لا سيما في وقت يخشى فيه الكثير اختراق الطابوهات وبالاخص الجنس الذي يعتبرون الكاتب في موضوعه انسان ماجن ويحرض على الفسق والدعارة لكنهم يتناسون ان الجميع يلهث وراءه
تقبل سيدي عبوري..وارجو ان اتعرف عليك اكثر واقرا من ابداعك الشيء الكثير
مع التحية مرة اخرى والود
سليم دريد

اخر الافلام

.. إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا


.. شكلت لوحات فنية.. عرض مُبهر بالطائرات من دون طيار في كوريا ا




.. إعلان نشره رئيس شركة أبل يثير غضب فنانين وكتاب والشركة: آسفو


.. متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا




.. أون سيت - هل يوجد جزء ثالث لـ مسلسل وبينا ميعاد؟..الفنان صبر