الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قاسم عبد الأمير عجام مثقف عراقي قتله حلمه الذي رواه بحب

هادي الخزاعي

2004 / 5 / 25
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


زخر العراق بالأسماء التي تعطي ولا تأخذ, مذ حطت الحروف الأولى آمنة على ضفاف الفراتين, ومنذ نضدت تلك الحروف لاح كلكامش, وحارس غابة الخلود, وخمبابا وأنليل وتموز, ومنها أيضا أعتلت مسلة الصوان بأسم حمورابي فوق جبين البشر. لم يك العراق يوما عقيما, مقتصرا على أنجاب الأنجاس والمأجورين واللصوص والقتلة.. فقد أنجب وأنجب من ذلك النوع من البشر الذين توجهت عقارب بوصلتهم نحو الشمس أبدا فكانت مآثرهم تقتحم عقول الناس فتتربع على وجدانهم لطهرهم وعفتهم, ومن بين ما أنجب في ثلاثينيات قرننا الفائت... قاسم عبد الأميرعجام.. هذا الذي من ثم صار مسحورا بكيمياء الحياة, فمنذ أن رمى وهو صبيا أول أضراسه الساقطة الى الشمس كعادة أطفال العراق, طلب منها واحدا من أسنان الغزلان. لم تبخل عليه شمس الحلة التي كانت قد أشرقت قبلا على بابل, وهبته الفطنة وحب الخيروشيئا من أناه. مذ ذاك أدرك الفتى أن الحياة أخذ وعطاء, وأنها بلا حوار تستحيل الى غابة.
كنت لما أزل شابا, تسحرني القصيدة والجريدة والكتاب, وتطير بي الموسيقى عاليا في رحاب الأنسانية الواسع, وتدخلني الحياة بمعمعانها وبكل تفاصيل ذلك المعمعان, عندما ألج مسرحا أو دارا للسينما, لأغرف من عطائهما.
كنت جذلا بمتعة الوجدود, استشرق من ايحآته اليومية نبض الحياة, ومن أصالة شخوصه الفاعلين, أنسخ الحلم الوردي الذي يرووه كل يوم, عبر عمود في جريدة, أوفي ديوان شعر أو كتاب أو مسرحية, أو ندوة في وكر من أوكار الثقافة التي ترصدها عيون وتقارير المخبرين.

في خضم الأوار السياسي والثقافي الذي أشعلته ثقافة الحلم الوردي التقدمية في العراق أبان السبعينيات من قرننا الفائت, تفجرت على سطح ذلك الحلم, أسماء تمثلناها ووشمناها في حافظات قلوبنا نحن شبيبة ذلك الحلم, وكان قاسم عبد الأمير عجام واحدا من فوارس ذلك الحلم, عبر ما كان يترشح من كتاباته من ملامح ومعطيات ماهية الحلم. وطيلة ما تعلمنا, منذ أن وضع غوبلز المصَنع, يده على مسدسه , لم نغرى أو نرهب أن ننسى أي من أسماء الذين مهدوا لأوان الورد, وأسمك واحد من تلك الأسماء أيها الأمير.
أيعقل أيها الأمير أن تستحيل صامتا بلا حراك في أول مسافات الوهج وبداية زمن المشتهى.. هل حقا قدح الزناد عندما تلازمتا على صدرك الفرضة والشعيرة.. أي اصبع من ثلج ذاك الذي أمر الرصاصة أن تكون دليل الموت أليك.. فيتخثر الدم في نسغك الصاعد النازل وتؤول الى محض حكاية حزينة على شفاه من أرادوا وأياك مشايعة الحزن المعشوشب بالشوك في حدائق وروضات فرحات أطفالنا المعدوده.

وأي مقاومة وطنية يدعونها أولئك الراقصين علة أشلائنا والكارعين كؤوس دمانا حتى الثمالة فيتلمضوا حتى على ما علق من ذاك الدم في زاويتي الفم وحوافي الأسنان, وكيف يدعيها صاحب ذلك الأصبع البارد.. وهل حقا انه يبسمل بمثلما يبسمل به أبوك وامك؟!أمنحني الحق في أن أشك أيها الأمير, وألا فقد صدق من قال" لعبت بالملك قريش..." الى آخرما جاء في القصيد.

كثار هم يا قاسم المقطوفين قبل آوان الورد ولحظة أن يكون الحلم, ولعل صاحب المرؤة الرحيم حسين مروه سيروي لك الحكاية منذ البداية, منذ أن سطر أبي مخنف سيرة الطف ووحشة ليل الكر والبلاء.. منذ عاقر القرمطي ,علي بن محمد, رمضاء السماوة وصباخها غير مبارح, حتى نهشته النسور حيا حين قوزقه جنود السلطان على أبواب المدينة, وستسمع يا أمير حكاية الحلاج من لسانه.. وستسمع كل حكايات المقتولين بسيوف السلاطين والأمراء وشذاذ الآفاق الذين تولوا علينا بسيوفهم وسنابك خيلهم, وجنون أناهم المعمدة بدماكم ودم من يغذون السير على خطاكم, وما أكثرهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الزمالك المصري ونهضة بركان المغربي في إياب نهائي كأس الاتحاد


.. كيف ستواجه الحكومة الإسرائيلية الانقسامات الداخلية؟ وما موقف




.. وسائل الإعلام الإسرائيلية تسلط الضوء على معارك جباليا وقدرات


.. الدوري الألماني.. تشابي ألونزو يقود ليفركوزن لفوز تاريخي محل




.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ