الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نازل ثاني طسة

علي فاهم

2009 / 9 / 23
كتابات ساخرة


ربما يبدو العنوان غريباً و لكن كانت هذه الكلمات السحرية هي المطرقة التي كسرت زجاج الصمت الذي أطبق على راكبي السيارة الكيا ذات الأحد عشر راكباً منذ انطلاقها من المرآب و حتى وصولها الى (ثاني طسة) و الطسة لمن لا يعرفها هي الحفرة الموجودة في وسط الشارع الذي تسير فيه السيارات و الذي يشبه الى حد كبير الشارع السياسي العراقي المملوء بالطسات السياسية ، فبينما كانت تسير السيارة مترنحة تهتز كل أعضائها و تهز معها أجساد الركاب و كأنهم يرقصون رقصة هندية و هم سكارى و ما هم بسكارى و لكن قدرهم أنهم لم يوفقوا لامتلاك السيارات الخاصة ، و ستبقى حلماً مرتبطاً بحسرة ذهنية يعيش فيها ما دام يمشي مستقيماً وسط شارع أعوج ، فكيف و المطلوب منهم السير باستقامة وسط شارع أعوج مملوء بالحفر و الطسات و من يطالبهم بالاستقامة هو أعوج ، نعود لسيارتنا الكيا التي تحمل في بطنها كوكتيل منوع من أطياف هذا الشعب الذي كان كل راكب و رغم صمته و قسوة تعابير وجهه فعيونه كانت تحكي قصص و روايات و ملاحم و تفضح أنفاسه و تنهداته جبال الهموم الراكنة و الهامدة على قلوبهم المتعبة و أيامهم التي لم تعرف طعم الراحة و لم تذق حلاوة السكينة ،
نازل ثاني طسة .....
قالها أحد الركاب دلالة للسائق على انه يريد النزول من السيارة عند الطسة الثانية أثارت هذه العلامة استغرابي كوني أسير بهذا الطريق لأول مرة فألتفت للرجل و لكن الرجل لم يعرني أي اهتمام و نزل من السيارة بعد أن توقفت و استأنفت مسيرها المترنح بعد هزة قوية بفعل الطسة الثانية الذي يعتبر وصف طسة لها فيه تقليل و تجميل لهذه الحفرة التي كادت السيارة تغرق فيها لولا رحمة الله عز وجل، ارتسمت على وجهي علامة أستغراب كبيرة و مجموعة من الأسئلة عن هذه البحيرة التي لا أعتقد أن الأخوة المسؤولين كانوا قد شاهدوها و إلا لما تركوها هكذا من دون أن يجعلوها أحدى عوامل الاستثمار من جلب للسياح بواقع كونها أحد المسطحات المائية المعروفة على الأقل لدى سكان هذه المنطقة و التابعين لهم بأحسان .
و لكن يبدوا أني فضحت نفسي و كشفت أمري فقد سارعت امرأة كبيرة في السن تجلس بجانبي لتجيبني عن إحدى تساؤلاتي : يمة هذولة الي أنتخبناهم ، نكرة ما يعرفون يطموهة !!! فشاركها الحديث أحد الركاب الأخرين : هو المحافظ لو يمر من هنا و يشوف هذه الحفر يمكن يلكة حل بس شلون يشوف و هو غاط بنص الحماية ، أردت أن أعلق على هذه المداخلات و لكن المشاركة كبرت لتشمل أغلب الركاب و كأنهم كانوا بانتظار من يفتح لهم باب الحديث ليفصحوا عن همومهم و رؤاهم قطع الحديث أحد الركاب مناصراً للحكومة مستشهداً بان الوضع الأمني أفضل الآن و أن الخدمات تحتاج الى وقت فقط لتصل اليكم ، واجهه راكب أخر بموضوع البطاقة التموينية و الحصة التي لا يصل معظم مفرداتها للناس و مصيبة الكهرباء كما سماها ، و أضافت امرأة تجلس بأخر السيارة و ماذا عن الأدوية و نقصها بالمستشفيات و حاول أخر تبرير هذه الأعمال من ساحة الحكومة رامياً بالكرة في ساحة المكونات السياسية المتصارعة على الكعكة و تناولت نقاشاتهم موضوع المليشيا و مستقبل القاعدة و قوات الصحوة و الاتفاقية بين العراق و أمريكا و الملف النووي الإيراني و غيرها من المواضيع السياسية و تفاجأت بالتحليلات الموضوعية و كأني أجلس وسط مجموعة من المحللين السياسيين أو لنقل أني وسط جلسة مصغرة للبرلمان العراقي يتناول هموم الناس و يشخص لها الحل و العلاج حتى تمنيت أن تنقل وسائل الأعلام العراقية ببث حي من داخل الكيا ليرى العراقيون صورة التلاحم و التلائم بين الناس رغم أختلاف طوائفهم و مشاربهم فقد أنتهت جلسة البرلمان المصغرة ببعض النكات التي ضحكت لها الوجوه كاسرة كل غصات الألم لتبشر بإرادة ستغير الواقع رغم كل الطسات الموجودة في طريقهم ،
أما أنا فما زلت غارقاً بأستغرابي من مسألة الطسة الثانية التي نزل عندها الراكب و قلت مستهزئاً و بصوت خافت : نازل ثاني طسة فأجابني طفل كان يجلس أمامي : و كيف سيعرف بيته اذا لم تكن هناك طسة .
و دمتم سالمين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |


.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه




.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز


.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال




.. محمود رشاد: سكربت «ا?م الدنيا 2» كان مكتوب باللغة القبطية وا