الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رد مبكّر على رسالة متأخرة

باسل ديوب

2004 / 5 / 26
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


رد على مقالة السيد إياس عبد المسيح //
رسالة متأخرة إلى أصدقائي الطلبة
إلى من استعادوا ظلالهم فغدوا إرهابيين

لا أعرف لماذا يرتبك السيد إياس عبد المسيح ولماذا يعيش النكبة ويؤكد على أن اعتقالنا كان نكبة !!!
ثم يمضي في رسالته لندرك أنه ليس مرتبكاً ،فهو يسرد ببساطة كلامه، حلت النكبة باعتقالنا، وخيمت السوداوية ثم عاد الفرح والأمل بعد أقل من أسبوعين على النكبة لا بالنضال إنما بإفراج السلطة عنا!!
فعاد الصديق إلى حالته النكبوية الأولى عند معرفته أن الإفراج كان منقوصاً، وهنا أتاه اليقين أن السلطة عازمة على الانتقام!
ويبدو أن الارتباك انتهى تماماً، وبدأ التحليل والتشريح السياسي لنظام الحكم السوري باستخدام أسلوب حكائي لا علاقة له بالمنهج، ولا يستند إلى أية إيديولوجية حتى ولو كانت رثة، وهو الهدف الحقيقي من هذه الرسالة، أبيض وأسود خير وشر، وأحكام قيمة متجنية أحياناً وملتبسة أحياناً، لدرجة أني لم أنته من قراءة الرسالة التي اعتبرتها غير شخصية، إلا وقد شعرت بالنكبة حقيقةً من هذه العقلية المفوتة، التي ما فتئت تنتقل بنا من نكبة إلى نكبة، وتحاصر شبابنا وحيويتنا بماض تصارع فيه صديقنا ومن جرد سيفه ضدهم في غزوته اليعربية هذه.
وقد رأيت أن أزيد في نكبة صديقنا، فلعلي أساعد معارضينا المهزومين على التماسك، لا لشيء إلا لأقدم لهم كشف حساب بما لنا عليهم كجيل شاب لم يورثوه إلا النكبات والهزائم وهذا التهافت الرخيص في النقد والعمل السياسيين، فمن باب أولى إن كانوا صادقين أن يقدموا جردة لماضيهم السياسي الذي ساهم مع نظام الحكم الذي يحملونه كامل المسؤولية، في الحالة التي نعيشها والتي كانت محصلة موضوعية، وذاتية لما كان عليه الجميع.
صديقنا ازداد قناعة مع اعتقالنا برأي كونه منذ وقت طويل، حول الثورجية وعدم التفريط بشبر واحد من أرض الوطن وتهريج السلطة وضحكها على الذقون،هذا التهريج الأسود زاد من نكبتي بكم يا صديقنا (ربما لم تعد رفيقاً)
فهل السلطة فرطت بشبر واحد من أرض الوطن، أولم يكن الجميع يهرج؟
تسترسل في انتقاد السلطة والأب القائد ومخابراته وسطوته فما الذي كان يمنع من لديه هذه السطوة وأزاح كل المعارضين وغيب الحياة السياسية من أن يبرم صلحاً مع العدو كما يحلو له؟؟؟ لو فعلها الأسد الراحل من كان سيقف بوجهه؟
فلماذا لم يفعل ؟ أم أنك تتحرج من ذكر إيجابية واحدة لخصمك ؟ مما لا يستوي مع أحادية فكرية وميل ثأري متضخم،
الأرض والسيادة كانتا هاجس الراحل، ولم يكن مستعداً ولو للحظة للمساس بذلك رغم الخلل الكبير بموازين القوى في التسعينيات، أما عزلك للمواقف السياسية الخارجية عن أي تأثير وعوامل مهمة وذات وزن، فهو أمر عجيب، وعلى هذا يحق لنا أن نحاسبكم وبشدة، لماذا لم تحرروا فلسطين لماذا لم تبنوا نظاماً شيوعياً، أين الدولة الإسلامية، الدولة العربية الواحدة، كيف تراجع دور المرأة، وغيرها من المهازل التي أوصلتمونا إليها، لديك الحق في توجيه النقد للدولة الأمنية، واستبداد الأجهزة والشخصنة (لست أعرف ماضيك الإيديولوجي لأدرك إلى أي حد كنت شمولياً)، ولكن التزام الموضوعية، أو على الأقل تجنب التضخيم والمبالغة والتهويل، يساعد على فهم الواقع بشكل أفضل، فهكذا خطاب يصلح لصحف الفضائح البريطانية أو للصحف الصفراء، وكما استعدت ذكرياتك استعدت ذكرياتي، فكم كنا نتعجب ونسخر من مواقف واتجاهات المعارضة السياسية في السبعينيات وأوائل الثمانينيات، ففي الوقت الذي انهار المعسكر العربي في مواجهة إسرائيل بفصل القوات وكامب ديفيد ومبادرة فهد وغزو لبنان، كان الطيف السياسي السوري يعيش معارك دموية وإقصائية رهيبة، والآن ومنذ وقت قريب كان يلهج الموتورون بأن الأسد استجدى في اللقاء الأخير مع كلينتون استعادة الجولان، لكن الاسرائيلين كانت مطالبهم مرهقة لدرجة التعجيز فعاد الأسد خائباً !!! لكن الحقيقة أن كلينتون قدم عرض باراك الأخير كما تروي أولبرايت في مذكراتها و كان العرض أدنى بقليل من المطالب السورية الثابتة وما تم الاتفاق عليه سابقاً، فرفضها الأسد الراحل قائلاً إذن هو لا يريد السلام، وقد حملت وسائل الإعلام الغربية الرئيس الراحل مسؤؤلية تضييع فرصة السلام حينها.
علماَ أنه سيكون جليدياً لا بارداً فحسب، وبدلاً من تنتقد غياب المشروع السوري للمستقبل لما بعد الاتفاقية وكيفية المضي والمواجهة مع المشروع الصهيوني ومصير مشروع البعث التاريخي قمت بتجريده من كل وطنية!!
لقد شبه الراحل الأرض بالعرض إبان توقيع اتفاق وادي عربة، وسخر من تأجير الأرض الأردنية للمحتلين، فهل كان يهرج حينها، أما عن التوازن الاستراتيجي فكلنا نتساءل عن هذا الشعار الذي أفرزه خروج مصر من المعسكر العربي، وهو للحقيقة سباحة ضد التيار و قبل أن تسخر يا صاحبي هل نسيت ماهية و دور إسرائيل في المنطقة، وكيف تُغدق عليها الأموال والأسلحة، وبدلاً من السخرية المرة فلنشر إلى الأخطاء المرتكبة ولنقل كيف انهار الشعار خارجياً لعوامل لسنا بصددها، وهي الأهم وداخلياً نتيجة الفساد ونهب المال العام والتخلف العلمي والتقني، وليس التوازن الاستراتيجي أرقاماً عن عدد القوات و عديدها فحسب، وهي مقولة تحمل أنساق متعددة رقمية وبشرية ولعل أنصع مثال على ذلك (صواريخ حزب الله) التي تشبه (الفتيش) مقارنة بترسانة العدو الرهيبة، أم أن صاحبنا الديمقراطي( حلي قطف)لا يختلف عن ديمقراطيينا الجدد المطالبين بخروجنا من لبنان وتجريد المقاومة من سلاحها، وترك لبنان وشأنه وهذه الشناعات مبحثها مكان آخر.
مظاهر الشخصنة وعبادة الفرد والديكتاتورية ، سمة موضوعية غلبت على عشرات البلدان المشابهة لبلدنا، وبكل الأحوال لقد تقلصت جداً جداً وعندما شاعت في سورية كان الجميع يشحذ أسلحته نصرة لمشروعه، الشيوعيون والقوميون والأصوليون ولم يكن صراخ الديمقراطيين إن كنت منهم لِيَصل إلى أسماع المواطنين ،
السلطة ليست خائفة منا يا عزيزي، نحن وأنت من لا يزال يخاف منها وكثيراً حيث لا تخوّف أو لم تعد تخوف !!!ولحسن حظنا أنهم يعرفون فضاء حراكنا الخجول والهامشي جداً جداً الذي تصر على تسميته بالربيع بكل ما تثيره هذه الكلمة في معظمنا من إقياء لارتباطها بكل ما هو ربيع لرأسمالية القتل والدمار في العالم، من ربيع براغ إلى ربيع بكين، إلى ربيع بغداد!!!!!!
ثم تتحدث عن التنمر والتوحش(عندما كفت السلطة عن ذلك ارتفعت الأصوات) بما لاقيناه في السنتين الأخيرتين فأرجو أن تخبرنا بما تعرضنا له فقد نكون قد نسينا كل ما تعرضنا له أو أنك تعرف أكثر منا، فهل هو أكثر من استدعاءات لفروع الأمن، والتوقيف لأيام معدودة لواحد فقط، بالتأكيد هنالك خطأ ولكن قياساً بما تقوله ألسنا في جنة؟؟؟ وهل ستأتي الحريات الواسعة بدون تضحيات، لست مرتاحاً شخصياً بالتأكيد لا للتوقيف ولا للاستدعاء، ولكن سيدي فليهضم المجتمع التغييرات التي طرأت منذ قدوم الرئيس بشار، وبعدها ارفعوا سقوفكم المنهارة على رؤوسنا، تطبيلاً وتزميراً، لذلك يا عزيزي الديمقراطية تتطلب هز أكتاف، وعوامل موضوعية لا نزعات رغبوية لأناس مأزومين بعقلية برجوازية صغيرة تريد الحصول على كل شيء في أسرع وقت، وقبل كل شيء ديمقراطيين لا فلول مهزومة نفضت الغبار عنها منذ أن تحسنت الظروف، والانفراجات التي حصلت في الوطن، وما لبثت أن بدأت معركتها بكلام من فوق (الأساطيح )، ثم لماذا تظن السوء يا صاحبي وتزج باسم الدكتور رئيس جامعة حلب الذي يتجاوزنا جميعاً باللباقة، والسمعة العطرة، بكلام سخيف جداً، من أنه قال " أن مستعد أن يضع يده في يد إسرائيل وأن لا يضعها بيد محمد عرب !!! " وهو أحد المعتقلين!! والذي يعلن أنه غير معني بالسياسة وكل ما يعنيه كرئيس جامعة هو تطوير الجامعة أكاديمياً ونقل تجارب الجامعات العالمية إلى جامعتنا.
ومساحة الاختلاف لديه واسعة أكثر من أي مسؤول آخر، وقد كان واحداً من العقلاء الحزبيين الذين حاولوا تجنيب الاعتصام الشهير المشكلة لولا حماس قلة من الطلاب ، و العنجهية والتوتر والاحتقان الذي تميز به بعض الجهلة من الحزبيين الذين لا يصدقون أن تغييراً يمكن أن يطرأ ويجعلهم سياسيين ( نسبياً) بدلاً من رجال سلطة.
نظرية المؤامرة تلاحقك لعنتها، ولا يمكن أن تفسر تاريخاً بهذه النظرية وتخلط عباس بدباس، فهل السلطة وجدت قبل مشروع البعث الذي صارعتموه فكانت الغلبة له في النهاية، ولكن حسب (مصفوفتك) وأنت تطعم رسالتك بالكلام الكبير!!!!جاءت سلطة لا مشروعية لها ثم تفتق ذكاؤها أن تبرر وجودها من حيث هي سلطة مستبدة وحسب، فكان لابد لها من إيديولوجيا تلبسها أثواب التقدم والتحرر والضرورة التاريخية والتحديث... إلى آخر هذه المصفوفة السلطوية.
ألم تقرأ تاريخنا يا رجل؟؟؟وهل وصل البعث إلى السلطة أولاً ثم تفتق ذهنهم ادعاءاتهم الإيديولوجية التي هي في الحقيقة أهم موضع تقبل لشريحة واسعة من الشعب لحكمه ولمشروعه الذي دغدغ عواطف شريخة كبيرة بشكل أو بأخر، ولماذا لم يدافع أحد عن حكومة الانفصال ؟؟
ثم تتحدث عن غياب مؤسسات المجتمع المدني!!ولماذا عدم التمييز بين تلك المؤسسات الموجودة حقيقة لكنها مصادرة ومعطلة وبين انعدامها، ، لكنك تميل دوماً للسوداوية على اعتبار أنكم لا ترون إلا بالأبيض والأسود إن لم تكن المنظمات التي ذكرتها تشكل مؤسسات المجتمع المدني فمالذي يشكلها ؟ هل هي مجالس الطوائف ووجهاء الحارات والأعيان الأشراف الذين همشهم حكم البعث كما (سَحب ) علينا أحد رموز( المجتمع المدني)، مفضلاً التوزيع الأمريكي لكعكة العراق على الطوائف و القوميات على اعتبار أن حكم البعث غيب طوائف وقوميات وأن الأمريكي المسكين لم يجد مجتمعاً مدنياً حداثياً يتعامل معه فاضطر مكرهاً للتعامل مع طوائف وعشائر!!!! كان للبعث فضل تقويتها.
صديقنا العزيز لم يُعلن النفير العام من أجل عدد من الطلاب اجتمعوا في مطعم طلابي وتفاصيل ما حصل لا يمكن لك أن تستوعبها ما دمت بهذه العقلية ،بلادنا لن تتعافى بسرعة من عقابيل الماضي المؤلم، وسأكتفي بالقول لقد جهد بعض القادة الطلابيين الذين احتجزونا، لدى الأجهزة ليلقوا القبض علينا ،فلم يرد عليهم أحد إلا بعد أن ضخموا الموضوع جداً وحملوه مالا يحتمل،
الجامعات السورية لا زالت قاعاً صفصفاً، فمعظم الطيف الديمقراطي الذي يشيد بنا، يبعد بناته وشبابه عن العمل السياسي، فمن أن يأتي الربيع(بمفهومكم)، وهنالك عوامل ذاتية وموضوعية ساهمت في برعمة غصن أخضر سيكون جميلا في جامعة حلب، نتمنى، أن تزهر معه كل جامعاتنا السورية،
نحن مستعدون للتضحية في سبيل الوطن، ولكم نتألم من المضايقات التي التي نتعرض لها والتي نعزي أسبابها إلى التخلف الفكري الشديد لدى الكوادر والنخب الحزبية في الجامعة، وأجواء التوتر التي يخلفها الأمريكيون في منطقتنا، والأهم هو تغييب الديمقراطية قانونياً، ولا نظنن للحظة أنه مع التغيير الديمقراطي سيختفي ذلك على العكس فقد يتفاقم لأن الصراع اختلفت أدواته، وكل صاحب مصلحة سيدافع عن مصلحته وبالأخص إذا كانت غير مشروعة،
تستشهد
بقول زوربا، " أن تفك حزامك و تبحث عن قتال، هذا هو الشباب "؛ فكيف إذا كان هذا القتال، من أجل الحرية ؟!!
لقد عشقنا زوربا طويلاً لكننا نريد أن نخرج من عقلية الحلبة والملاكمة ، فالديمقراطية التي نريدها تأبى القتال، وغير ذلك من المصطلحات (الثورجية) التي تعيب على حزب البعث ممارستها ،عليكم يا عزيزي أن تراجعوا تجاربكم عيانياً وطالبوا البعث بعدها بالتغيير الذي بدأه قبل الجميع تبعاً لأجندة خاصة به .
اعذرني يا عزيزي المتضامن معنا، نتفق على الكثير الكثير ولكن هل ستتقبل كلامي بسعة صدر، وتوجه نقداً(جذرياً ) لحزبك و ماضيه، أن كنت متحزباً أو لأي حزب آخر أو للديمقراطيين الجدد في بلادنا؟؟؟
التضامن جميل لكن تلقف الفرص لتصفية الحسابات لا نحبذه وبكل الأحوال لا نشعر إلا بالود تجاهكم ولن نكون جلادين فتخلفكم الفكري طبيعي جداً حيث أن معظمكم تبلورت أفكاره في السبعينيات عبر جريدة ورسائل داخلية وكتب بعينها وقد أفقتم أخيراً على الواقع المر فطاش حجركم، ارجعوا إلى مشاريعكم ( الشمولية ) القديمة وانفضوها وجددوها فذلك من الأفضل لهذه الأمة المنكوبة بنا جميعاً .
ونحن سنتابع حراكنا البسيط وتبعاً لحاجاتنا الطلابية ،والأهم لحاجاتنا الوطنية فما نريده هو عنب الحرية والوطن المستقل السيد، لا ضرب الناطور السلطوي ولا نريد حتى ولو أراد هو التفريط أو المساومة أن ندفعه إلى ذلك فلا يحدد هو برامجنا وخطأه أو تفريطه (المفترض ) لا يبرر لنا مجاراته في ذلك ، ولهذا يا سيدي لن نظهر على الحرة ونبرر ذلك بظهور مسوؤل حكومي فيها،أو باحتكار السلطوي لمنابر الوطن، ولن نتبرأ لا من الشيوعية ولا البعثية ولا الناصرية ولا الإسلامية إرضاء لظهور كاريكاتوري على فضائية عدو إرهابي .

باسل ديوب – حلب
ناشط طلابي مناهض للعولمة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: نظام ري قديم للمحافظة على مياه الواحات


.. مراسل أوكراني يتسبب في فضيحة مدوية على الهواء #سوشال_سكاي




.. مفوضية الانتخابات العراقية توقف الإجراءات المتعلقة بانتخابات


.. الصواريخ «الطائشة».. الفاشر على طريق «الأرض المحروقة» | #الت




.. إسرائيل.. انقسام علني في مجلس الحرب بسبب -اليوم التالي- | #ر