الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البناء مقابل البناء وأحلام الأطفال

محمد جمول

2009 / 9 / 24
حقوق الاطفال والشبيبة


لم تعد القضية الفلسطينية قضية واحدة، بل قضايا متعددة مع استمرار التناحر الفلسطيني وتحول الصراع من قضية تحرير وكفاح ضد عدو مغتصب إلى صراع بين الفلسطينيين الذين بات كل طرف منهم يسعى لتثبيت مواقعه في مواجهة الآخر وفي خدمة أهداف العدو عن قصد أو من دون قصد، وصرنا أمام غزة حماس في مواجهة ضفة السلطة. وبعد أن كان التحرير هدفا، صار الصراع والنقاش يدوران حول حق السلطة الفلسطينية في ملاحقة من يريد قتال إسرائيل، وهل هو مجرم جنائي أم مقاتل من أجل تحرير بلاده؟ وهل السلاح الذي يحمله سلاح مقاومة وتحرير أم هو أداة قتل وإجرام؟
كل هذا ينسجم مع ما تريده القوى العالمية التي ترى كل ما يخدم إسرائيل حقا ولو كان ذلك على حساب شعوب المنطقة جميعا. وهذا ما ينسجم مع شرعنة كل الجرائم الإسرائيلية والدفاع عنها، بل وإضفاء كل أشكال القدسية عليها. وعلى ضوء ذلك يجب أن نفهم غضب الشرعية الدولية، ممثلة بالدول الكبرى، من عدم تعاون سورية في موضوع المبنى الذي دمرته إسرائيل قرب مدينة دور الزور بحجة أنه مفاعل نووي، بينما لم يخطر ببال هؤلاء أن إسرائيل، التي تمتلك ترسانة نووية خارج كل الشرعيات ورغما عن أنفها، انتهكت سيادة دولة واعتدت على أراضيها من دون أي تفويض معلن من جانب ما يسمى" الشرعية الدولية". وبدلا من محاسبة المعتدي، تستمر هذه الدول في تهديد الضحية ومطالبتها بما تريد إسرائيل تحقيقه.
الأمر ذاته ينطبق على الفلسطينيين المطالبين دائما بتحقيق ما تريده إسرائيل. لكن المأساة أنهم وصلوا إلى المرحلة التي صاروا يقدمون فيها أكثر مما كانت إسرائيل تتخيل وسط انقسام العرب بين من يرى أنهم فرطوا وبالغوا في التنازلات وبين من يلومهم على تقصيرهم في تقديم ما يجب عليهم تقديمه. والقضية هنا باتت تتعلق بالمستقبل بالنسبة لشعب لم يعد لديه ما يقدمه لإسرائيل و" الشرعية الدولية". وبالتالي صار مطالبا بتقديم آماله وأحلامه ووعود تطال حقوق أحفاده : لاحق عودة ولا مطالبة حتى بحل الدولتين. وبات الجميع يهلل للنجاحات التي تحرزها العملية السلمية التي كانت دائما تتقدم على جثث الفلسطينيين. بدأ هذا التقدم بتجاهل كل القرارات الدولية التي تبقي على شيء من حقوقهم، ومنها قرار التقسيم الشهير وصولا إلى اتفاقية أوسلو التي لم تبق لهم شيئا مما وعدتهم به، على الرغم من رداءتها.
وامتد هذا التقدم ليجتاح ويبتلع عددا من المحطات التي بات مؤكدا أنها كانت مصممة لتكون حفل "ستربتيز" فلسطيني لم يكن أوله تعديل ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية ثم طرح شعار" الأرض مقابل السلام"، الذي تحول في فترة حكومة نتنياهو الأولى أواخر التسعينات إلى السلام مقابل الأمن. وها هو ذا يعود الآن بمقايضة أخرى: السلام مقابل الدولة اليهودية وتجميد الاستيطان لبضعة شهور، وكأن الفلسطينيين قافلة عابرة لن تكون بحاجة إلى هذه الأرض بعد عدة شهور.
تتصرف إسرائيل وكأنها انتهت من قضايا حقوق الشعب الفلسطيني، ومضغتها جيدا وهي الآن في طور الهضم والامتصاص. وصارت جهودها منصبة على الأنظمة العربية المطالبة بتنظيف مسرح الجريمة وغسل بقع الدم وتقديم الماء والصابون للوحش الصهيوني كي يغسل يديه وشدقيه بعد الوليمة. واطمأن الحكام إلى أن كل شيء يسير بالشكل الصحيح وما عليهم إلا الانخراط في جيش إسرائيل لمتابعة حروبها على المنطقة ومن يقف في وجهها. ومن هنا صار الحديث عن التطبيع أكثر من الحديث عن فلسطين. ويبدو أن هؤلاء الحكام لن يقدموا شيئا من دون مقابل، كما كانوا دائما يقدمون لإسرائيل شيئا إضافيا فوق الشيء الذي تحصل عليه بالقوة. فهذه المرةـ وبعد غنج ودلال ـ سيقدمون لها الاعتراف بيهودية الدولة مع التنازل عن حل الدولتين. ولكن إسرائيل قد تكون كريمة لأول مرة في تاريخها وتمنحهم حرية البناء في بلدانهم مقابل حقها في البناء أينما تشاء في فلسطين وباقي الدول العربية. فربما يواجه نتنياهو وحكومته ـ أو أي حكومة إسرائيلية ـ أزمة قريبة. وعندها لن يستطيع أحد حلها إلا محمود عباس وبعض الحكام العرب بطلب من أميركا التي لا تريد لعملية السلام الميتة أن تتعثر. والحل لا يكون إلا بتقديم التنازلات التي لم تعد ممكنة إلا من حساب الأجيال القادمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجز أخبار السابعة مساءً - النمسا تعلن إلغاء قرار تجميد تموي


.. النمسا تقرر الإفراج عن تمويل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفل




.. طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة يعيش حالة رعب ا?ثناء قصف الاحتل


.. النمسا تقرر الإفراج عن أموال -الأونروا- التي تم تعليقها سابق




.. -غوغل مابس- قد يكون خطرا عليك.. الأمم المتحدة تحذر: عطل إعدا