الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القتيل في قفص الاتهام

فاطمه قاسم

2009 / 9 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


استمعت قبل أيام قليلة الى السيدة " أيرين خان " رئيسة منظمة العفو الدولية ، وهي سيدة معروفة على الصعيد العالمي وهي ايضا تمتاز بالثقة والشجاعة ، وكانت تتحدث على شاشة احدى الفضائيات العربية ، اعتقد انها قناة الجزيرة ، وكان موضوع الحديث هو التقارير التي اصدرتها هيئات ولجان دولية ، ضد حقوق الانسان وضد القانون الانساني ، خلال الحرب الاسرائلية الشرسة الاخيرة على قطاع غزة والتي انتهت منذ ثمانية شهور ،ولكن اثارها وتداعياتها المأساوية على الشعب الفلسطيني ما زالت متفاقمة حتى الان .

وأول هذه التقارير هو الذي صدر عن لجنة ترأسها القاضي "جولد ستون " وهو رجل معروق وذو باع طويل في شؤون القضاء والعدالة الدولية ، وهو يهودي ايضا وله صداقات مرموقة في اسرائيل ،مما يقضي على فكرة اتهامه للعداء للسامية ،وقد جاء تقريره مرفوضا من قبل الاسرائلين بنوع من الضجيج العالي ، لدرجة انهم رفضوا استقباله في اسرائيل كما رفضوا اي نوع من التعامل معه ،ووصفوه بالانحياز مع ان تقريره لم يقتصر على توجيه الادانة لاسرائيل بل وجه اتهاما لحركة حماس واعتبرها مساهمة في الانتهاكات من خلال صواريخها "محلية الصنع " التي اطلقتها على مستوطنات اسرائيلية ، دون ان يكون لها هذا التاثير ، كما اتهمها بانها استخدمت المدنين في قطاع غزة دروعا بشرية .

وهذا يعني موضوعيا ان تقرير القاضي جولد ستون ساوى على نحو ما بين الجلاد والضحية وبين القاتل والقتيل

ورغم ذلك فان اسرائيل رفضت هذا التقرير بصخب مبالغ فيه ، بينما الرفض الفلسطيني من جانب حكومة حماس المقالة جاء اقرب الى العتب والتوضيح .

ولم تكد الضجة تهدأ حول تقرير جولد ستون حتى صدر قبل ايام تقرير اخر من لجنة شكلتها الامم المتحدة ،واعتمدت تقرير نفس المعايير التي اعتمدت في التقرير السابق وخرج التقرير الاخير بنفس النتائج ، مطالبا كل من اسرائيل وحكومة حماس المقالة في قطاع غزة باجراء تحقيق داخلي شفاف وجدي لتحديد المسئولين عن هذه الانتهاكات ، والا فانهم سيصبحون مطلوبين لمحكمة الجنايات الدولية .

اسرائيل طبعا اعلنت رفضها الصاخب لهذا التقرير ، ورفضت التعامل معه ، وهي تتحرك الان على كافة الجبهات والاصعدة لمنع عرض هذه التقارير على مجلس الامن واعتبارها كأن لم تكن .

هذا الموقف هو موقف تقليدي ودائم الحدوث ضد كل قرارات الشرعية الدولية ، وضد كل تقارير الهيئات الدولية ، ليس الان فقط ، بل على امتداد 61 منذ انشائها بناءا على القرار 181 في التاسع والعشرين من نوفمبر 1947 والذي رفضت الاعتراف بنصفه الاخر الذي ينص على قيام الدولة الفلسطينية .

كل هذا يبدو مفهوما ، ولكن الغير مفهوم ان الرفض هذه المرة جاء ضد تقرير لجنة الامم المتحدة ، من قبل الولايات المتحدة الامريكية نفسها ، التي رأت فيه انه تقرير منحاز ، حيث ان الادانة يجب ان تصدر ضد الفلسطينين فقط ، اما اسرائيل بطائراتها وغاراتها وقوتها العسكرية الضخمة ، فهذه يجب ان تحصل على البراءة والعفو ولا شيء غيره .

بطبيعة الحال ، اسرائيل وحلفائها ، يعتمدون في هذا المنطق الاعوج على مجموعة من الفرض التي لا يمكن ان يصدقها غيرهم ، ومن بين هذه الفرضيات ان اسرائيل سحبت قواتها ومستوطنيها من قطاع غزة في عام 2005 ، فهي مندهشة لماذا يهاجمها احد بالصواريخ ؟ مع ان العالم كله بات يعرف ان اسرائيل استبدلت الاحتلال المباشر بالاحتلال غير المباشر والأقل خسار وتكاليف ، من خلال الحصار ومن خلال سيطرتها الكاملة على حدود القطاع برا وبحرا وجوا ، وهي تقوم بفرض الوانا من العذاب على سكان القطاع ، وتعزلة خارج كل الترتيبات ، وتفرض حالة من البؤس علي سكانه ، وتعمل على حرمان مليون ونصف المليون في قطاع غزة من كل اشكال الحياة ، ومن كل حالات الامل ، وتوافق بعض الاحيان على استمداد الحياة عبر بعض الانفاق ، والتي تحولت هي الاخرى الى مصائد وكمائن للموت .

في الحرب الاخيرة قتلت اسرائيل 1500 من اهالي قطاع غزة ،وجرحت ما يزيد عن خمسة الاف ،كما ان نسبة عالية منهم على الطريق للموت بسبب عمق الجراح وخطورتها ، وبسبب نقص العلاج ، الامر الذي جعل العديد منهم ما زال يعاني من جراحه التي تحولت الى عاهة مستديمة ومن ثم يتحولون الى عاهات في المجتمع ، بالاضافة الى قوة التدمير التي تفوق اي تخيل ،حيث نتج عنه مشردون بعشرات الالاف يستعدون لمواجهة الشتاء ، بينما اسرائيل اعترفت بلسانها بثلاثة قتلى من بين مواطنيها فكيف يتساوى القاتل والقتيل ، وكيف يصرخ القاتل التي اقرت بجنايته التقارير ، اكثر حتى من الضحية .

السيدة ايرون خان قالت ان الهيئات الدولية ، طالبت الطرفين الاسرائلي والفلسطيني ان يجريا تحقيقا داخليا لتحديد مسئولية المسئولين عن هذه الاتهاكات ،

القتيل اذا مهدد هو الاخر بالوقوف في قفص الاتهام ربما لانه كان متجهما لحظة قتله ، او ربما لانه كان يصرخ من المه بصوت مرتفع !

يا لظلم المعايير ، ويا لهول هذا النفاق الدولي ، ولكن رغم ذالك فان القاتل لا يرضى ، وحلفاء القاتل وعلى رأسهم امريكا لايرضون .

إننا في فلسطين نحترم كثيرا معايير حقوق الانسان ومقاييس الهيئات الدولية ونحن نريد من هذه الهيئات ان تكون اكثر قربا من الاجابة على الاسئلة المعلقة منذ 61 سنة لماذا اصلا يوجد لاجئون فلسطينيون ، ولماذا ليس للفلسطينين دولة مستقلة تخصهم مثل بقية الامم ، ومثل بقية سكان الارض ؟

ولماذا الاحتلال الاسرائلي ما زال موجودا ، يقتل على مرأى من العالم البشر والحجر والشجر ؟

غير ان العالم بدأ يحصد ما زرع ، فحين تجاهل واغمض عينيه عن جرائم الاحتلال الاسرائيلي ، رأى بنفس العين ان استخدام القوة وعربدتها اوصلت الاسرائلين الى هذا الحجم من تجاوز كل المعايير والتقارير ، فها هم يقتلون الفلسطينين ويوجهون له الإتهام عن موته ، وحان الوقت ان تخرج العدالة الدولية من علب المجاملة ، ويجب ان تتسم بقدر اكبر من الشجاعة ، لانه اذا لم تكن العدالة الدولية قادرة على وقف العربدة الاسرائلية ، فعليها على الاقل ان تنحاز الى الضمير .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - آخر صرخة يائسة في وادي الطرشان
احـمـد بـسـمـار ( 2009 / 9 / 25 - 11:08 )
لا تصرخي يا سيدتي. لن يسمعك ولن يسمعنا أحد. ألم تشاهدي عندما كنت كنت طفلة صغيرة أفلام الكاوبوي, عندما يسطر
Sherif
وهو في نفس الوقت رئيسا لعصابة تريد سلب اراضي المساكين الفقراء.. هذا حالتنا اليوم. بجهلنا, بتمزقنا, بطائفياتنا, بتفكيرنا الخشبي الذي ما زلنا نمارسه منذ قرون, ماشين دوما إلى الخلف. كيف تريدين أن نقاوم الظلم واللاعدالة العالمية التي تمارس علينا, طالما لا نمارس العدالة بين بعضنا شعوبا وسلطة... وحتى اليوم لم نفهم ما أصابنا, لا نبحث عن الخلاص إلا بالغيبيات والبحث عن منشأ البيضة والدجاجة.. بينما العالم يعزلنا ويبني حولنا كل يوم جدارا جديدا لعزلنا.. ويتركنا نتخيل أننا أفضل أمة في الأرض!!!...
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الظلام الواسعة

اخر الافلام

.. بايدن وإسرائيل.. خلاف ينعكس على الداخل الأميركي| #أميركا_الي


.. قصف إسرائيلي عنيف شرقي رفح واستمرار توغل الاحتلال في حي الزي




.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف حرب إسرائيل على


.. ما الذي حققته زيارة مدير الاستخبارات الأمريكية في مفاوضات وق




.. إسرائيل تبلغ نهائي يوروفيجن 2024 وسط احتجاجات على مشاركتها ب