الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسوأ من فيتنام

مظفر الخميسي

2004 / 5 / 26
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


بقلم الكاتب ( ي.ل. هيلدرنغ )*

المقارنات التاريخية تكون دائما مغرية وفاتنة ..ولكنها لاتتطابق البتة وهذا هو حال المستنقع العراقي الذي تغوص به اميركا في كل يوم وبالمقارنة مع الحرب التي دخلتها في فيتنام بين عامي 1962 و1972 وخسرتها وهذه الحرب التي كلفت امريكا 58000 قتيل وهذه الحرب التي اصبحت عقدة وطنية عند الامريكان من المرشح لها ان تتكرر في حرب العراق .

والجزء الاخير يتطابق كليا ولكن تبقى هنا المقارنات ايضا في الحالة الاولى حدثت حرب فيتنام في ساحة كبيرة وكان هناك في اوقات معينة نصف مليون جندي مدججين باسلحتهم في حين يتواجد الان في العراق حوالي 150 الف جندي ، وبات من المؤكد مقتل 700 جندي امريكي بالعراق ولكن هذا يبقى جزء من تكلفة الحرب الفيتنامية للارواح الامريكية .

في فيتنام كان الامريكان يقاتلون غريم ، عدو مرئي هو الدولة الفيتنامية الشمالية والتي كان باستطاعة الامريكان في النهاية التعامل معها هناك في العراق لا وجود لدولة ( تهاوت اثر هزيمتها )

في العراق لا يوجد هناك عدو مرئي ...العدو خفي ...العدو محلي لا سيطرة عليه ولا تُعرف لهم قيادة تمثلهم ( بل على النقيض من ذلك كانت فيما بينهم عداوات جانبية ) وهذا ما يجعل مهمة الامريكان بالانتصار بمعركتهم هذه اكثر صعوبة.

من الطبيعي كلا الحربين كانت حساباتها تتعرض للخطأ وتخرج من ايدي مخططيها ، في فيتنام تعرضت حسابات الامريكان الى الخطأ الخطأ الاول حين اخطأت امريكا بتقدير القوة التي تقف وراء فيتنام ففيتنام كانت راس الحربة للاتحاد السوفيتي والصين الشيوعيتان وهذا ادى بالنهاية الى وقوف الدولتين وراء فيتنام في حربها ضد الامريكان

في الاول كانت لهذه الدول عداوات ثنائية فيما بينها و ثانيا كانت للصين وفيتنام عداوة وصلت الى حد نشوب حرب قصيرة فيما بينهم( في عام 1978-1979) وهذا لم يمنع من مساندتهم لها ضد امريكا .

في العراق كان خطأ الامريكان الثاني في حساباتهم حين توقعوا ان يستقبلهم العراقيون بالورود والحلويات لانهم سيكونون فرحين بازاحة الدكتاتور صدام عن بلدهم وكذلك احلامهم بتطبيق الديمقراطية في العراق ومنه سيتم نشرها لكل الشرق الاوسط. وكان هناك خطأ آخر او لنقل خداع آخر من الجانب الامريكي كان الايحاء والتصريح بان العراق بلد مملوء بالاسلحة الكيمياوية والجرثومية مما يؤدي الى تهديد دول الجوار . وهذه كلها تقريبا اختلافات ( وتشابه ايضا )بين العراق وفيتنام والرؤية التاريخية لهذامهمة جدا لان هزيمة الامريكان في فيتنام لم تؤدي الى هزيمتهم امام الحلف الشيوعي ( حين كانت هناك امكانية للحديث عن هذا وقتها )بل على العكس من هذا كان المعسكر في 1975 في بدايات انهياره كقوة عظمى مقابلة .

بعد هذا بقليل وفي عام 1979 هاجم الاتحاد السوفيتي افغانستان ودخلها عنوة كان تباهي للدولة العظمى ادى بالنهاية الى انهيارها .في عام 1980 بدأت في بولونيا ملامح المعارضة باصطدام بين منظمة ( التضامن ) للعمال ضد النظام الشيوعي ،والذي سيرفع بعد عشرة سنوات راية الاستسلام ، وفي عام 1985 وتحت قيادة غورباتشوف اكتشف السوفيات ان طرقة قيادتهم الراديكالية لبلدانهم يجب ان تتغير مما ادى بالنهاية الى سقوط ذلك الحلف العظيم واثناء هذا الوقت كانت الشيوعية الصينية تضع اول خطواتها على طريق الراسمالية ورؤوس الاموال .

وطبعا كان من المستحيل على امريكا لحظة هزيمتها في فيتنام ان تتصور الذي سيحدث في حلف الاعداء ،ولكن سيكون من الغباء تصور ان هزيمة او انكسار امريكا في العراق سيؤدي الى انتصار الارهاب الاصولي الاسلامي المتشدد.

هذه المقارنة تكون فقط للقول ان تهاوي المعسكر الشيوعي وجد طريقه للنهاية ليس بسبب هزيمة امريكا في فيتنام ولكنه ( كان ) يوما ما شعور بذلك . ان سقوط امريكا في العراق سيؤدي (بالرغم من قساوته) ليس فقط هزيمة امريكا امام الارهاب ولكنه سيعني انتصار عدو للغرب كله . لذلك فان سقوط مثل هذا لايمكن ان لايعني لاحد شيئ

اثناء هذا كله فان حال القوات الامريكية في العراق لا يسر وعند سؤاله عن اسوأ سيناريو يتوقعه لامريكا في العراق يجيب ( سيمون سيرفاتي ) وهو محلل استراتيجي ومحاضر في جامعة واشنطن في صحيفة ( ستاندرد ) الصادرة في 29 نيسان ابريل " ان سلطة الإئتلاف تهتز وتتزعزع ، وحدها امريكا ترسل قوات الى العراق أما ايطاليا وبولندا فانهما سيتبعان المثل الاسباني وسينسحبان من العراق باقرب فرصة ، امريكا وبريطانيا سيبقيان وحدهما هناك ، بينما العراق يقترب شيئا فشيئ من الحرب الاهلية في الواقع اننا يجب ان ننسحب في عام 2006 لان المستنقع العراقي سيكون حينها عميق جداً"" وهذا سيتبعه تهاوي القوة الامريكية العسكرية بينما يتفرج العالم علينا ، الولايات المتحدة تحس بالخيانة والغدر من اوربا والعالم الغربي والعراقيين يشعرون بالغدر من كل الاطراف وفي وسط هذا كله يتحول العراق على يد الامريكان الى عنصر عدم استقرار ليس في الشرق الاوسط فقط بل في العالم كله .

والامم المتحدة؟ ان الامم المتحدة لاتستطيع حفظ النظام في العراق على الاقل ليس بدون مساعدة قوة كبرى مثل امريكا وامريكا اصبحت اليوم في العراق عدو للشعب العراقي ،والامم المتحدة بالمناسبة اصبحت اليوم بنظر شعوب الشرق الاوسط ليس اكثر من قناع تلبسه القوى الاستعمارية لتمرير مصالحها والدليل على هذا التفجير والدمار الذي تعرض له مقر الامم المتحدة صيف 2003 في بغداد .

هل يجب علينا ان نضع امالنا كلها في سلة الرئيس ( جون كيري )؟ولكن " ماذا سيطلب كيري من اوربا ؟" يتساءل المحلل ( سيرفاتي ) هل سيطلب منهم القيام باشياء كان ( بوش ) يقوم بها امام اعينهم؟

ان اسوأ السيناريوهات المتوقعة والمتصورة هي تلك المطالب الخيالية التي لم تحدث بعد .



* الكاتب ( ي.ل. هيلدرنغ ) صحفي ومحلل هولندي مشهور من اشد المعارضين للغزو الامريكي البريطاني ويكتب في جريدة ( ان . آر . سي ) الهولندية تحت عمود ( هذه الايام ) وتتميز كتاباته فضحها للغزو الامريكي للعراق واظهار مساوئه .

ترجمة مظفر الخميسي

عن جريدة ( ان .آر.سي ) الهولندية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة الاتحاد الأوروبي مع لبنان..ما خلفياتها؟| المسائية


.. بايدن يشدد على إرساء -النظام- في مواجهة الاحتجاجات الجامعية




.. أمريكا.. طلاب يجتمعون أمام منزل رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شف


.. الجيش الإسرائيلي: 12 عسكريا أصيبوا في قطاع غزة خلال الساعات




.. الخارجية الأمريكية: هناك مقترح على الطاولة وعلى حماس قبوله ل