الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشكلة التصحر وأبعادها البيئية والاقتصادية والاجتماعية في العراق (3)

هاشم نعمة

2009 / 9 / 25
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


نتائج التصحر
سنحلل أبرز النتائج البيئية والاقتصادية والاجتماعية للتصحر. بالنسبة للأولى فإن استخدام الإنسان للموارد الطبيعية هو استهلاك لها ومن ثم فإن نوعية الاستخدام وكثافته، إما أن تؤدي إلى تدهور البيئة أو تحافظ على توازنها. ويتمثل ذلك في تدهور الحياة النباتية والحيوانية وتدهور التربة والمراعي وتقلص الأراضي الزراعية أو التي يمكن استصلاحها، ونقص في المياه وتدهور نوعيتها وبالأخص ارتفاع نسبة ملوحتها ( ). كل ذلك يعود إلى الاستخدام غير السليم والجائر لهذه الموارد. وينتج عن الأراضي المتصحرة أو التي في طور التصحر انخفاض في إنتاجية الأنظمة البيئية أو الزراعية سواء كانت مراعي طبيعية أو غابات أو أراض مزروعة. وفي النهاية يمكن أن يكون تدهور البيئة عاملا رئيسيا في تغير المناخ.

وتعد الكثبان الرملية من أخطر نتائج التصحر بسبب تأثيراتها السلبية على كل الجوانب الحيوية للحياة. فالعواصف الترابية والرملية تكون ملمحا مضرا ويكون التجلي الرئيس لها هو انتشار الكثبان الرملية غالبا في المناطق الوسطى والجنوبية وتحركها بالرياح. هذه العواصف تلوث البيئة وتؤثر في صحة الإنسان والإنتاج الزراعي. وتخرب العمليات الفسيولوجية للنباتات خصوصا التلقيح والإزهار. وتهب العواصف الرملية من حقول الرمال في المناطق الوسطى والجنوبية. وقد ازدادت خلال السنوات الأخيرة وأصبحت المشاكل أسوأ منذ فرض العقوبات الاقتصادية عام 1990. إن سوء إدارة التربة والمياه والعوامل المناخية القاسية غيرت بشكل واسع الأراضي الزراعية للسهل الرسوبي إلى تربة قاحلة وغدقة بالمياه مغطاة بالرمال الناتجة عن التعرية الهوائية والكثبان الرملية ( ). حيث تراوح الحد الأعلى لكمية الغبار المتساقط عام 2006 بين 9 في الأنبار و168 (غم/م²/شهر) في البصرة وتراوح الحد الأدنى بين 1,2 في صلاح الدين و60 (غم/م²/شهر) في ميسان ( ).

يمكن القول أن أغلب العواصف الترابية مصدرها أرض العراق والمتمثلة في أراضي الهضاب الغربية والجزيرة والأراضي المتروكة في السهل الرسوبي أي أن 80% من مساحة العراق الواقعة جنوب خط العرض 35 درجة شمالاً تشكل مصدرا لغبار العواصف الترابية في حين أن قسما من الغبار مصدره بادية الشام وشبه الجزيرة العربية وشبه جزيرة سيناء.( )

بالنسبة لتوزيع الكثبان الرملية على مستوى المحافظات توجد في بابل كثبان محاذية للمصب العام. وفي صلاح الدين شمال وجنوب بيجي ، تكريت- كركوك. وفي القادسية توجد كثبان صغيرة متحركة حسب سرعة الرياح وفي منطقة البدير- نفر- عفك، وفي ديالى كثبان عالية نسبيا وفي المقدادية تكون على شكل طولي أو هلالي أو مروحي، وفي الأنبار تنجرف التربة بالرياح لقلة الغطاء النباتي والجفاف وتكون الكثبان الرملية في عموم الصحراء الغربية تتحرك وتؤثر على الطريق السريع إلى الأردن وسوريا، وفي ذي قار توجد رمال متحركة في المنطقة المحصورة بين المصب العام وحدود الديوانية وناحية البدير. وفي البصرة تكون البادية الجنوبية أراضٍ رملية يتم فيها حفر الآبار. وفي واسط توجد الرمال في النعمانية بمساحة 91 كم² والموفقية- شيخ 13 كم². وفي نينوى الشركة 4 كم، البريت 3 كم والناصرية ، حيث تزحف الكثبان إلى هذه المناطق وتصل الشارع المؤدي إلى قضاء الحضر والمطار بطول 45 كم. وفي كربلاء تقع الكثبان ضمن خط عرض 32 درجة من الجهة الشمالية الغربية والجنوبية الغربية. وفي المثنى تبلغ مساحة الكثبان 65000 دونم في ناحية الوركاء، و25000 دونم في ناحية النجمي و12000 دونم في ناحية بصية وهناك كثبان ثابتة بمساحة 1000 دونم في ناحية الهلال.( )
أما النتائج الإقتصادية فتتمثل بما حددته الأمم المتحدة في مسحها لحالة البيئة في العالم للفترة 1972-1992 حيث ورد : يؤثر تدهور الأرض وتصحرها في قدرة البلدان على إنتاج الأغذية، وينطوي بالتالي على تخفيض الإمكانيات الإقليمية والعالمية لإنتاج الأغذية، كما أنهما يسببان أيضا في إحداث العجز الغذائي في المناطق المهددة، مع ما لذلك من آثار على الاحتياطات الغذائية وتجارة الأغذية في العالم. ونظرا لأن التصحر ينطوي على تدمير للحياة النباتية ونقصان مجموعات نباتية وحيوانية كثيرة، فهو أحد الأسباب الرئيسية لخسارة التنوع البايولوجي في المناطق القاحلة وشبه القاحلة مما يقلل من فرص إنتاج الأغذية ( ). وهذه الاستنتاجات تنطبق على العراق.

تعد الأراضي الزراعية التي تفقد سنوياَ، نتيجة التملح وانجراف وتدهور التربة، كبيرة إذا ما قورنت بالمساحة الإجمالية للأراضي المزروعة. حيث تبلغ مساحة الأراضي الزراعية في العراق 42 مليون دونم إلا أن المتاح منها للزراعة بحدود 14 مليونا منها 6 مليون في المنطقة الديمية والتي يتذبذب إنتاجها حسب كمية الأمطار. لذلك يساهم الإنتاج الزراعي في تحقيق الأمن الغذائي بنسبة لا تزيد عن 30% كمعدل للسلع الزراعية المختلفة ( ) وهذا يعد من أكبر المؤشرات على عجز الأمن الغذائي، وبالتالي أعتماد العراق المتزايد على الأستيراد وما يتركه من أثارا سلبية على البنية الاقتصادية.

ونتيجة استفحال التصحر في القسم الشرقي من البصرة بسبب تردي نوعية مياه الري والتربة، وإلى الظروف الصعبة التي تعرضت لها خلال العمليات العسكرية في 1980-1988 وفي عامي 1991 و2003، فقد كان ذلك سببا رئيسيا في توسع زراعة الخضر في منطقة الزبير اعتمادا على المياه الجوفية، لذلك انفردت المنطقة بأكثر من تسعة أعشار المساحة المزروعة والإنتاج لأغلب محاصيل الخضروات خصوصاً الطماطم في المحافظة( )، رغم الظروف الصحراوية القاسية وتراجع الدعم الحكومي بعد عام 2003.

إجمالا فإن التصحر يعد أحد العوامل الرئيسية التي تعيق التنمية الإجتماعية والإقتصادية، ويزيد بدوره من المشاكل الإقتصادية وهذه تعمل بدورها على تفاقم التدهور البيئي وهكذا نواجه حلقة مفرغة. إذ أن حالة البيئة لا يمكن فصلها عن حالة الإقتصاد. ومن هنا يتبين لنا أن التخلف الإقتصادي والتدهور البيئي يعزز كل منهما الآخر لتكريس التخلف.

بالنسبة للنتائج الإجتماعية فإن تسارع تصحر الأرض وانخفاض إنتاجيتها، لابد وأن تكون له تأثيرات اجتماعية بالغة، ويتمثل هذا بوضوح في تزايد هجرة سكان الريف والرعاة نحو المدن طلبا للعمل ولحياة أفضل. ويشتد تيار الهجرة في سنوات الجفاف، وينتج عن الهجرة ضغوط متزايدة على إمكانيات المدن المحدودة، وتساهم كذلك في زيادة معدل نمو سكانها أسرع من الريف. إن معدلات النمو العالية هذه تشكل عبئا على الخدمات الإجتماعية المكلفة وعلى حساب الهياكل الإرتكازية المنتجة. ويولد ضغط الهجرة الكثير من المشاكل الإجتماعية في المدن مثل: انخفاض المستوى المعاشي، البطالة، قلة الخدمات الصحية والتعليمية، قلة السكن،التوترات والنزاعات الإجتماعية،الإخلال بالأمن…الخ. ومن المعرف أن الكثير من المهاجرين يسكنون الأحياء الفقيرة ومدن الأكواخ على أطراف المدن الكبيرة " مكونين مجتمعات بائسة معرضة للأمراض والكوارث الطبيعية "( ). ثم إن إفراغ الريف من سكانه يساهم في تفاقم التصحر. ففي العراق ترافق تدهور الزراعة مع تسارع الهجرة الريفية- الحضرية التي نتج عنها استنزاف ثابت للقوى العاملة الزراعية، فخلال (1970-1975) انخفضت هذه بنسبة 10% ( ).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الطاولة المستديرة | الشرق الأوسط : صراع الهيمنة والتنافس أي


.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية




.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ


.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع




.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص