الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا لايحق لنا معرفة مصادر تمويل الاحزاب السياسية العراقية

نزار أحمد

2009 / 9 / 26
السياسة والعلاقات الدولية


في جميع دول العالم التي تبنت الديمقراطية الصادقة, هناك قانون ينظم عمل الاحزاب السياسية وبما يضمن استقلاليتها الكاملة عن أي نفوذ خارجي ويوفر فرص تنافس متساوية ومتكافئة ما بين جميع الاحزاب العاملة, ومن أهم مكونات هذا القانون هو تنظيم وتحديد مصادر وآلية التمويل المالي لاحتياجات الاحزاب, فنجد مواد قانونية نافذة تحرم التمويل الخارجي سواء كان مصدره حكومي او خاص, وتمنع تحويل اموال الدولة الرسمية لحسابات الاحزاب السياسية وتخضع حسابات وصرفيات الاحزاب السياسية الى الرقابة والتدقيق, كذلك فأن هذه القوانين تعتبر مصادر التمويل هذه وطريقة صرفها معلومات عامة وتوجب على الاحزاب كشفها للرأي العام حتى يطلع عليها الناخب ويستخدمها كوسيلة لتحديد ميول وسياسة هذه الاحزاب.

أما في العراق فالامر يختلف كليا, فعند صياغة الدستور تم تجاهل قانون الاحزاب كليا مما أدى الى عدم شرعية جميع الانتخابات البرلمانية التي تمت لحد هذه اللحظة, فعدم وجود قانون ينظم مصادر تمويل الاحزاب, يعطي فائدة اضافية للاحزاب التي تبيع ضمائرها لدول الجوار, بينما الاحزاب الوطنية التي ترفض الاموال الخارجية لاتستطيع توفير ابسط متطلبات المنافسة الانتخابية كوسائل الاعلام والدعاية الانتخابية او حتى التواجد الفعال على مسرح السياسة العام, وسؤالنا هنا ما هو مصادر تمويل الاحزاب الرئيسية في العراق كالدعوة والمجلس والتيار الصدري واخوان المسلمين والوفاق والتوافق والاصلاح وغيرها؟, فلو نظرنا الى صرفيات هذه الاحزاب والمتمثلة في صيانة وادامة مراكز ومقرات هذه الاحزاب المنتشرة في جميع مدن وقرى العراق, او احتياجات وسائل اعلامها كالصحف والقنوات التلفزيونية, او المبالغ التي تصرفها على الدعاية الانتخابية, او تمويل مليشيات هذه الاحزاب او دفع رواتب موظفيها وتشبيع افواه المطبلين لها, لوجدناها تصل الى عشرات الملايين من الدولارات الخضرة اللون. فهل يعقل أن ينشق شخص كابراهيم الجعفري عن حزبه ويؤسس مباشرة حزب جديد يصبح له قناة تلفزة وجريدة رسمية ومكاتب ومقرات حزبية منتشرة ليس فقط في جميع عموم العراق ولكن نجدها حتى في المدن الاوربية والامريكية التي تقطنها جالية عراقية.

فلو كانت الاحزاب السياسية نزيهة في تأمين مصادر تمويلها, لماذا اذن ترفض هذه الاحزاب تشريع قانون الاحزاب, ثم كيف تكون مصادر التمويل هذه نزيهة وقانونية إذا كان عامة الشعب لايجد لقمة يأكلها او ماءاً صالحاً يشربه, فحسب العرف الديمقراطي فأن طريقة التمويل الشرعية تكمن في تبرعات المواطنين واصحاب الشركات, ولا اعتقد بأن الشعب العراقي مؤمن بمبادئ وايدلوجيات ومنهاج هذه الاحزاب حتى يغرقها بالهدايا والمنح التي تمكنها من تسديد فاتورات صرفياتها الباذخة, فالواقع عكس ذلك تماماً, فنجد الاحزاب هي التي تصرف الاموال الطائلة في محاولاتها لشراء شعبية لها لم تستطع تصرفات وسلوك وسياسات هذه الاحزاب من تحقيقها على ارض الواقع, وبناءا عليه فأن صرفيات الاحزاب الكبيرة على الاغلب تكون مصادرها كالتالي:

1: عن طريق الدعم الاجنبي كدول الخليج وايران وسوريا وامريكا, وهذا الدعم لم يأتي حبا بسواد عيون هذه الاحزاب ولكن ثمنه تمزيق العراق واخضاعه للسياسات التي تمليها المصلحة الستراتيجية لهذه الدول.

2: عن طريق اختلاس اموال الدولة, وعلى الاغلب عن طريق عقود التموين التجارية ومشاريع البناء والتعمير, فمشاريع كل وزارة تورد الى مقاولين وتجار مقربين للحزب الذي وهبت عملية المحاصصة ملكية الوزارة له, وعلى الاغلب تكون هذه العقود مبالغ في تكلفتها الحقيقية, فالقسم الاكبر من قيمة العقد ينتهي في مصارف هذه الاحزاب.

3: عن طريق اموال الشرع الديني كالخمس والصدقات والزكاة والهدايا, التي مفترض ان تصرف على الفقراء والايتام.

فهل حقا نملك ديمقراطية تضع الشخص المناسب في المكان المناسب وحسب ما تمليه مصلحة الشعب واحتياجاته, أم لدينا ديمقراطية مصطنعة تديرها دولارات الدول الخارجية وعمليات اختلاس ونهب اموال الدولة واموال الفقراء والايتام, فالبرلمان والحكومة التي أوصلتها هذه الاموال الغير شرعية لمقاليد السلطة, لا تعتبر حكومة او برلمان شرعي, فاصوات الناخبين تشترى ولا تكتسب. فعندما يكون لنا قانون ينظم ويحدد مصادر تمويل الاحزاب وبما يضمن نزاهتها وشرعيتها واستقلالها عن النفوذ الخارجي والديني, في وقتها سوف أؤمن بشرعية الانتخابات وقد امنح صوتي لأحد الاحزاب الكبيرة ولن اضيعه بمنحه لحزب لا أمل له حتى في الفوز بمقعد برلماني واحد, ليس لأنه لايملك تاريخ ومبادئ وقيم ومنهج عمل ثابت, ولكن لأنه حزب نظيف لم يتعود على السرقة والغش والخداع والعمالة الاجنبية. وقد لا اضظر للتصويت لغيره لأن عندما تكون عملية التنافس متكافئة ونظيفة, فأن فرص هذا الحزب في الظفر بنسبة برلمانية تضاهي مثيلات احزاب الدعوة والمجلس.

د. نزار أحمد
مشغان, دولة الشيطان
[email protected]













التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كأس الاتحاد الإفريقي - -أزمة القمصان-.. -الفاف- يتقدم بشكوى


.. نيكاراغوا تحاكم ألمانيا على خلفية تزويد إسرائيل بأسلحة استخد




.. سيارة -تيسلا- الكهربائية تحصل على ضوء أخضر في الصين


.. بمشاركة دولية.. انطلاق مهرجان ياسمين الحمامات في تونس • فران




.. زيلينسكي يدعو الغرب إلى تسريع إمدادات أوكرانيا بالأسلحة لصد