الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آنا آحمادوفا : قصـة حـرفٍ و مصـير

إبراهيم إستنبولي

2004 / 5 / 26
الادب والفن


قصــة حــرفٍ و مصــير

آنا آندرييفنا آحمادوفا
Anna Andreevna Akhmatova
A.A.A
إعداد و ترجمـة د . إبراهيم استنبولي

لو ضاعفنا أو ثلّثنا آآآ...

نحصل على صرخة ألــمٍ عظيــم


يوسف برودسكي





آنّا آندرييفنا آخماتوفا . آ مضاعفة في الاسم ومثلّثة في الكنية ، يدعمهما اسم الأب في ذلك .

آنّا ـ يعني الهناء والغبطة . فمن أين كل ذلك الصوت التراجيدي في نطق آ ممدودة ؟. هل الصوت الحزين أوحت به حياتها : وفاة أخواتها ، أخيها ، إعدام زوجها الأول ، مقتل زوجها الثاني في معسكرات الاعتقال ، اعتقال و نفي ابنها الوحيد ، الفقر و تسميم حياتها ، المرض والتشرد دون أن يكون لديها منزل ؟. أم موحى به من شعرها ؟ فمنذ عام 1916 كتبت مارينا تسفيتايفا عن آنّا ـ وكانت لقبتها موزا النحيب والبكاء ، ومصيرها بالقاتل ، فقد أحست بكل هذا ، فكتبت سلسلة أشعار " آخماتوفا " :



و نحن نتدافع و : آه ‍ ، صماء ـ

مئات آلاف المرات ـ تُقسم لك : آنّا

آحمادوفا ‍ اسمٌ ـ هو تنهيدة هائلة .



لقد حمل هذا الاسم الكثير الكثير . " في اسم آنّا ـ المهم هو ذلك الأساس اللاواعي ، الذي يستقر غالبا ليس في السفح ، إنما في تلك الطبقات ما تحت الأرضية ، و التي من خلالها تسافر حاملة هذه الاسم في أعماق الوجود . وهذه الأعماق ، وفق المهمة العليا للاسم ، هي بالضبط جوهر الخير و الحبور .. " ـ كتب باول فلورينسكي في كتاب " الأسماء " .

أندريه ـ في الترجمة من اليونانية يعني الرجولة والشجاعة . ومعنى اسم الوالد ذي أهمية مضاعفة : جدتها لأبيها كانت يونانية ـ ومن هنا ذلك الطبع الإعتزازي الشامخ لآحمادوفا .

وقد استبدلت كنية أبيها ـ كنية ضابط الأسطول غورينكو باسم مستعار ، فإنها قد بدلّت مصيرها من غير قصد : " وامرأة ما قد شغلت مكاني الوحيد ، وتحمل اسمي الشرعي ، بعد أن تركت لي اللقب ، الذي صنعت منه كل ما استطعت .. " . و في نهاية حياتها كتبت رباعية تحت عنوان " الاسم( آآآ )" بعد أن اسبقته بعبارة مقتبسة من ملحمة برودسكي الإنجيلية " إسحاق و إبراهيم " ـ " إنه في الجوهر صرخة عظيمة طفولية ، مأساوية وقاتلة ":



تتاريٌّ ، عذري ،

جاء من العدم .

يلتصق بأية مصيبة .

وهو بذاته ـ مصيبة .



وبعد أن أخذت كنية أم جدتها ، النبيلة من سيمبيرسك ( مدينة اوليانوفسك منذ 1924 ـ المترجم ) براسكوفيا آحمادوفا ، فقد أخذتها مع كل الخرافات والحكايا عن الأميرة التتارية ، و عن خان احمد حاكم منطقة أورد ينسك الذهبي في القرن الثالث عشر ، والذي قُتِلَ في يوم سيدة سمولينسك . لقد لقي كل شيء صداه في المصير . " وسيدة سمو لينسك هي الشفيعة اليوم ... " ـ تبدأ أشعارها المكرسة لذكرى وفاة الشاعر بلوك في آب 1921 . و تتناجى آ المتكاثرة في اسمها مع نفس الحرف في اسم الشهر ، الذي تسميه ضيف الحداد ومسيرة الحداد " التي تطول 30 يوماً " :



في كل آب ، يا إلهِ الحق ،

كم من الأعياد والوفيات .



في آب 1914 بدأت الحرب ( الحياة كلها مُهشّمة ) ، في آب 1915 توفي والدها ، في آب 1921 أعدم زوجها الأول الشاعر غوميليف ، في آب 1946 صدر قرار اللجنة المركزية للحزب الذي سبب تسميم حياتها ، و في آب 1953 توفي الكاتب بونين ...

آب ـ شهر رهيب ، كانت تكرر آحمادوفا . وهذا موجود في أشعارها أيضا . وقد تذكر أحد النقاد والشاعر فاسيلينكو أن آحمادوفا قالت له يوماً : إن موزا موجودة حقاً . نعم ، ولا تبتسموا " . وكانت تسمي موزا بالأخت .

إن شعر آحمادوفا ـ رواية غامضة . وقد لاحظ ذلك قرّاء كتبها الأولى . ففي رواية آحمادوفا كل شيء أصيل و متعدد الأهمية . وإن الإيجاز والبساطة المميزتين لأشعار آحمادوفا هما مستمدتان من الأغنية الروسية و من التكثيف العميق للإنجيل . فعند سؤالها عن احب الشعراء إليها ، تجيب آحمادوفا : الملك داود . ولذلك تعتبر رمزية بالنسبة لكتبها الأولى تلك الأسطر عن ورقة القيقب ، التي " مقررة في الأغنية بالأغنية " ، وفي " ملحمة من دون بطل " ـ أشعار مكرسة لزوجة لوط .

لقد قال غوميليف لآنّا آحمادوفا يوماً أنها علّمته الأيمان بالله ومحبة روسيا .

فماذا تعلمنا أشعارها ؟ . حياة الشاعرة المريرة والعظيمة ، التي ترفرف فوقها آ المثلثة والرمزية ؟ . لا أحد يعرف . إنها ببساطة تعيش فينا ومعنا . فحياتها هي أيضا لغز .







مقطعان من حكاية :

" عن الخاتم الأسود "



I


من جدتي التتارية
كانت الهدايا ندرة ،
ولماذا تعمّدتُ أنا ،
عاتبتني بمرارة .
وقبل وفاتها عطفت
عليَّ لأول مرة
وتنهدت : " يا للسنين ‍،
الحفيدة صارت صبية " .
طبعي النزق و قد سامحتْ ،
خاتماً اسودَ لي أوصتْ ،
" معه أكثر مرحاً ستكون ،
هو يليق بها " : هكذا قالت .

II



لقد قلتُ لأصدقائي :
" الشقاء اكبر من السعادة " ،
انصرفتُ ، وقد غطيت وجهي ،
ثم الخاتم أضعتْ .
قال لي أصدقائي :
" فتشنا عن الخاتم كل مكان ،
على الشاطئ في الرمل ،
و في الروضة الخضراء

بين الصنوبرات " .
و بعد أن لحق بي بين الشجر ،
ذاك الذي كان أكثرهم جرأة ،
حاول إقناعي
أن انتظر أفول النهار " .
لقد دهشت للنصيحة ،
على صديقي غضبت ،
ولو أن عيونه رقيقة :
" و ما حاجتي لكم ؟
يمكنكم الضحك فقط ،
و أن تتباروا مع بعضكم ،
وربما حمل الزهور إلى هنا " .
و أمرتُ الجميع بالرحيل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في




.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي