الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أراني في انبثاق الفجر..

نبال شمس

2009 / 9 / 26
الادب والفن


يسكنها ولا تسكنه، يدري عنها ولا تدري عنه، يعيش بها ولا تعيش له، يفتك بخلاياها وانحاء جسدها فتكا صامتا وبطيئا دون الدراية إنها في صدره سمكة وهو المحيط، المحيط الوحيد الذي لا تجيد السباحة فيه.
لم تكن تدري انها تتجاهل وجعها لتحييه وتغني له ليرقص لها وتسهر الليل لتجعله ينام قرير العين في داخلها.
هي لم تنتظره ابدا كما لم تنتظر الحزن.. فكيف للانتظار اذا تلاقى مع الحزن والحزن اذا تلاقى مع الحروف؟
صمت المكان كصمت الفجر، وصمت الفجر كصمت المرض فلا تلاقي سوى في محاور استحالة الضجيج.
اتسعت المرآة هذا الفجر كاتّساع حزن اكتسحها. البرد قارس يلسعها لسعا والجسد اصبح هزيلا لا يتسع لروح توضأت بندى الفجر.
الوقت يمر بطيئا لا يصلح لمداعبة رفات الآمال في الحياة فكيف ستكون بعد شهر او شهرين فهل تدعه يفتك بها ام تحاول أن تفتك به دون أمل بذلك؟
أسئلة كثيرة اعتلت في رأسها عدا الضياع ومحاولة حزم الامل في اخر ذرة فرح .
الناس تركض في الخارج والمحاور الزمنية تركض في فكري لا تجد مكانا تحط فيه. احترت في امري هل انزل الى الشارع واركض مع الناس، أم أبقى في ركني اشاهد بصمت ما يحدث أمامي؟
هي الوحيدة التي لم تركض مع الناس فقد كانت تتأمل الذي يجري في الشارع بصمت وسكينة لكنها لم تجرؤ على الاقتراب من المشهد.
أذكر شعرها الحنطي وعينيها الواسعتين، كانت تتأمل الاشياء والناس والمارة، مبتسمة تبدو كأنها راضية أو انها تبث رضاها للذين يركضون نحو الشمال. هكذا رأيتها من خلف نافذتي ومعها مرآتها الكبيرة.
لم افهم سبب الضوضاء والعويل والعدو. الامور لم تكن مبسطة او بسيطة بل كانت متشابكة جدا، سواء ما يحدث منها في الخارج أو ما كان يدور في رأسي وخلف نافذتي المقفلة، فحتى اللحظة لم أكتشف سر المرآة التي ما زالت صورتها في رأسي صامدة لكنها وحيدة الغرفة ووحيدة المكان، فلا آثار تُذكر لفناجين القهوة والاوراق التي كانت تملؤه الامكنة.
الاشياء على حالها وتلك الحنطية الجميلة ما زالت واقفة في ذات المكان لا تعدو ولا تتحرك، فقط كانت تراقب الذي يحدث تماما مثلي كما راقبتها من خلف نافذتي. اردت الوصول اليها أو بالاحرى أردت الجري مع الناس والاطفال والنساء نحو الشمال علنّي أجد ما يرضي تساؤلاتي.
وصلت الشارع فوجدت نفسي وحيدة أعدو هناك نحو الشمال او نحو فراغ السماء.. فلم اعرف إلى أين ذهب الجميع ولماذا اختفوا فجأة ، لكن اين تلك الحنطية التي وقفت هنا.. فعلّها تعود او علّها ترحل معي نحو الشمال او نحو فراغ السماء، لكنها تباخلت في البقاء فقد اختفت رافضة البقاء في اروقة المكان، اختفت كما اختفى الناس فلم اعد اراها لا من قريب ولا من بعيد. عدت ادراجي من حيث اتيت لكني كنت اسمعها بجانبي تحدثني عن مرآتها الكبيرة التي تأبطتها وحملتها على صدرها وكأنها تأبى مفارقتها.

عادت الحياة الى طبيعتها وبدأ الشارع يكتظ بالناس والاطفال والنساء.. لكن أحدا لم يعرف سر الحنطية.
عدت ادراجي وحدي ومعي مرآتي الكبيرة افكر في سرّ الحنطية التي اختفت تاركة لي المرآة وفي أذنيَّ جملتها الأخيرة" أراني في انبثاق الفجر"..









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - معادلة رياضية
فاضل الخطيب ( 2009 / 9 / 27 - 08:13 )
حاولت البحث بين كلماتك على ممسكٍ لاكتشاف ما هو موجود خلفها، لكني صرت أكثر حيرة مما قرأته هنا. فكيف لي معرفة الكلمات غير المكتوبة هنا أيضاً؟.. أحسست بمعادلة من الدرجة الثالثة أمام طالب لا يجيد كثيراً الرياضيات، لكنني حاولت فك المعادلة، فك الرموز التي -رمّزتيها- بكل -معلمية-.. فقط شرف المحاولة..
أعتقد أن الحياة أكثر أهمية من أن نحياها، وأقل من أن نموت بدونها..
أم أننا -نُفلسفها- أكثر من اللازم، لأنها ببساطة، بسيطة..


2 - أديبة متألقة على الدوام
عبد الوهاب المطلبي ( 2009 / 9 / 27 - 21:29 )
ارق التحايا.. الى الاديبة المتميزة نبال شمس

تقديري واحترامي

اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل