الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العرب ودرس فاروق حسني

سفيان صيام

2009 / 9 / 26
العولمة وتطورات العالم المعاصر


انتهت مساعي وزير الثقافة المصري فاروق حسني لتولي منصب مدير عام اليونسكو بفشل مؤلم وقاسي ، فلا يوجد أكثر ألماً في عملية انتخابية من أن تتصدر نتائج الاقتراع على مدار ثلاث جولات ثم تتعادل في الرابعة وتخسر في الأخيرة بفعل مؤامرة خسيسة .
مصدر الألم في هذه الحالة أن الخسارة قد أتت على عكس رغبة الناخبين الحقيقية ، فقد أكد هؤلاء ثلاث مرات متتالية رغبتهم في تولي فاروق حسني منصب المدير العام ، لكن المتآمرون كان لهم رأي آخر ، فهم وإن اختلفوا فيما بينهم إلا أنهم اتفقوا في النهاية على المرشح العربي .
ليست خسارة فاروق حسني خسارة لشخص الرجل ( بالمناسبة لست من المعجبين بكثير من أفكاره ) ولكنها خسارة لهويته العربية المسلمة ( حتى في صورتها المثيرة للجدل لدى العرب أنفسهم ) ، فهؤلاء العرب ليس مقبولاً أن يكون منهم أحد في مثل هذه المواقع والمناصب في المنظمات والهيئات الدولية ، ولعل التاريخ يذكرنا بمرة كان فيها مصريٌ آخر بديلاً لبان كي مون وهو بطرس غالي وعندما أراد أن يجدد ولايته مرة أخرى وقفت أمريكا بكل قوة ضد ذلك لموقف اتخذه على غير رغبتها وجاءت بدلاً منه بكوفي عنان الأكثر طوعاً وانسجاماً .
إن الرفض الغربي المبدئي لأن يتولى عربياً أو مسلماً موقعاً أول في أي منظمة أو هيئة دولية ليس مقتصر على السياسة ، بل ها هي الثقافة تثبت ذلك ، ومن قبلها أثبتت الرياضة فقدمت لنا نماذج تآمرية لا أخلاقية لاقصاء الأبطال و الفرق العربية من البطولات الرياضية ومنعها من الصعود لأدوار تالية ، بل إن فرقاً لها وزنها وتاريخها مثل ألمانيا ضحت بتاريخها وسمعتها ليس إلا لمنع فرق عربية من الصعود للدور التالي ، ولا ننسى في هذا المجال خسارة مصر والمغرب تنظيم بطولة كأس العالم لصالح جنوب افريقيا .
إن هذه المواقف ليست مواقف فردية خاصة بالوضع الخاص لكل مؤسسة أو بظروف تحكمها التحالفات الانتخابية الطبيعية في مثل هذه المواقف ، وإنما هي مواقف تاريخية استراتيجية مبدئية منهجية ضد العرب ليس إلا لكونهم عرباً أو ضد المسلمين لكونهم مسلمين .
إننا كعرب نتحمل الجزء الأكبر من المسئولية عن ذلك ، فنحن من لازال يسمح لهؤلاء بممارسة نظرتهم الاستعلائية علينا ، باقرارنا بشرعية مواقفهم بل وسعينا بتذلل لنيل مواقع معينة على الرغم من إدراكنا أن ذلك من الممنوعات على العرب إلا في أَضيق الحدود ، إضافة لاستمرار عملنا في هذه المنظمات مختلفة الأنواع والاهتمامات ومنحها مزيد من شرعية اضطهادنا والنظر إلينا بدونية بشعة ، تستحقرنا ، على حساب منظماتنا وهيئاتنا .
وإلا كان المفروض أن نهتم بأطرنا التي لا تشبه في وضعها الحالي إلا خيال الحقل، فارغة من كل مضمون، أعياها الترهل والتكلس ، وغاب عنها الاهتمام ، فماذا كان يضيرك يا فاروق حسني لو توليت منصب مدير عام منظمة الثقافة العربية ؟ وعملت على تطويرها خدمة لأمتك وتاريخها الناصع ، فهي أولى بمجهودك وأولى باخلاصك ، كما أنها لن تتآمر عليك بهذه الصورة المفضوحة والمخجلة ، كما أن تاريخها وثقافتها فيها ما يشرُف به كل إنسان .
وماذا علينا يا عرب لو وجهنا اهتمامنا لأطرنا وهياكلنا ومؤسساتنا التي نجد فيها ذواتنا ونعبر فيها عن أفكارنا وحضارتنا وتاريخنا وثقافتنا ، والتي هي بحاجة لمن يرفع لوائها عالياً ويحميها من حالة التلاشي والذوبان .
إن في إنشغالنا بذاتنا في كل مجالات حياتنا الثقافية والاجتماعية والرياضية ... الخ مع إيماننا الراسخ بأننا خير أمة وتاريخنا أنصع تاريخ وثقافتنا أعمق ثقافة وأكثرها تأثيراً وإبداعا سيزيد من احترام العالم لنا ، وعلى أقل تقدير سيزيد احترامنا لأنفسنا بشرط صدق النوايا والعمل الدؤوب الجاد الصادق ، فلا خير في أناس تنكروا لأمتهم وتسولوا أبواب الآخرين الرافضين حتى لوجودنا ، ناهيك عن تبوأنا لمناصب رفيعة في مؤسسات صممها مؤسسيها لتكون محرمة على العرب.
إن تطوير ذاتنا واستنهاض فكرنا وثقافتنا وحضارتنا لهو أعظم بكثير مما يدعوَُنه بثقافة لا أراها إلا طاووسية ليس فيها إلا البريق الخادع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجورجيون يتحدون موسكو.. مظاهرات حاشدة في تبليسي ضد -القانون


.. مسيرة في جامعة جونز هوبكنز الأمريكية تطالب بوقف الحرب على غز




.. مضايقات من إسرائيليين لمتضامنين مع غزة بجامعة جنيف السويسرية


.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا




.. ديوكوفيتش يتعرض لضربة بقارورة مياه على الرأس