الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى خليل أويسال

بولات جان

2009 / 9 / 26
الادب والفن


هناك، على سفح خان الطور حيث تتصلق أعشاب الليل أيادينا المتجمدة من برد الشمال، و القمم المتقابلة لـ جودي و هركول تلوح لنا بأياديها الثلجية البيضاء، فاتحة أحضانها لأستقبال ضيوفها القادمين من بعيد...هنالك، على سفح الجبل الوردي بشعاع الغروب، كنا و كان خليل و كانت الكاميرا و الصور و الطبيعة الوليدة في الربيع. فكانت الشمس الذهبية الغاربةتلتمع على نظارات خليل و تتسلل بكل يُسر إلى عينيه التين بقيتا تنظران من شاشة الكاميرا طوال عقدٍ و نيّف من الزمن... العينان اللتان سبقتا الجميع في رصد أروع المشاهد السحرية في مملكة الجنة المنسية. و كانتا السباقتين إلى إبداع أولى الأفلام عن أولاد الجنّ الساكنين في القمم الخنجرية.فلاش آلة تصوير خليل كانت تمزق عباءة الظلمة في أقل من ثانية و من ثم يترك الظلمة و الطبيعة البتول و السكون الخاشع و شأنه كما كان منذ الأزل.هنال، في قمة خان الطور، بدأ خليلٌ سعيه نحو الكعبة الشمالية كما سعت النملة قبل آلاف السنين متعقبة خطوات إبراهيم الخليل نحو كعبة الصحراء في الجنوب.فطوبى للذين يمسحون بأيديهم المتعرقة أحجار الكعبة في أقصى شمال الوطن، و إن حالت الأحوال دون الوصال و بقيت الأمنية كغصة في الصدور فخير الأماني هذه، و إن قضى السائر عمره دون الوصول فخير مراتب الشهادة هذه. كذلك خليل السائر على طريق النمل و المتعقب لدرب التبانة في العلى، فقد حالت المنية دونه و دون لقياه للكعبة.راح خليل أويسال و قد خلفته الأحاديث الطويلة في الامسيات الشتوية الباردة حول الفن و الجبل و الصور و الأدب و الأقلام التي تهدّ القلاع و تدك العروش و عن إبداعات أولاد الجن و عن أيام الحرب و لحظات الوداع و آخر الوصايا و الامنيات. ففيما الخلاف حول إن كانت سفينة نوح قد رصت على جبل الجودي أم جبل آرارات فـ خليلٌ بكاميراه سيسير من الجودي نحو آرارات راسماً بحبيبات العرق النادحة من جبينه درباً جديداً لكل السائرين نحو الكعبة. درباً تضاهي ما في السماوات دقةً و ضياءً و هيبةً.فخليل أويسال كان سيوصل حبلاً سحرياً رفيعاً بين جودي و آرارات و بذلك تكتمل الأسطورة و ترص فلك النجاة أخيراً في أي جبلٍ تشاء...حينها ستنفك كل الطلاسم و الغموض عن أسطورة الطوفان و تنحل كل الخلافات حولها.راح خليل أويسال صوب السرمد الأبدي، لكن إبداعات قلمه و صوره و مشاهده و أفلامه و مواقفه العاشقة للحياة الجبلية و التي كانت تفضل دائماً العيش في كنف الجبال السحرية على أي مكانٍ آخر في هذه المعمورة...فالذي جعل خليلٌ خليلاً فهي كونه كان أنصارياً قبل كل شيء، كان ناسكاً في محراب الحرية و الثورة.المثل يقول بأن الثوار لا يتوادعون، فلا وداع في قاموس الثورة و الثوار. لذا لن نقول "وداعاً يا خليل". لأننا نعيش أبداً سوياً طالما صيرورة الثورة مستمرة، طالما فوهات البنادق الحمراء حامية من نار البارود، و طالما الأنصار يسابقون الغزلان في تسلق الصخور و التحاف الفضاء و يفرشون التراب و يؤانسون النار و يغازلون القمر و النجوم...
خليل أويسال و كل الرفاق الذين سلكوا درب التبانة في العلى يعيشون معنا هنا و هناك، إنهم أرادوا ذلك و خير ما أرادوا...









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل