الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قضايا في مقاربة الإمبريالية الجديدة وما يترتب من مهام

نايف سلوم
كاتب وباحث وناقد وطبيب سوري

(Nayf Saloom)

2004 / 5 / 26
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


عند مقاربة الإمبريالية الراهنة لابد من رصد شكل حركة المشروع الرأسمالي الجديد، والتحولات التي طرأت على الإمبريالية العالمية والاقتصاد العالمي بعد الحرب العالمية الثانية وخاصة ظهور ما يمكن تسميته بـ ديالكتيك المنافسة/ الاندماج مع هيمنة الاندماج على المنافسة في علاقة البلدان الإمبريالية مع بعضها البعض بعد الحرب العالمية الثانية تحت قيادة الولايات المتحدة الأميركية. بفعل الحرب الباردة وتغلغل الشركة الاحتكارية الأميركية في المشروعات الرأسمالية داخل البلدان الرئيسية الأخرى . وذلك كون بريطانيا قد أزيحت من صدارة الدول الإمبريالية على أثر حربين عالميتين ، وكون الولايات المتحدة الأميركية هي الرابح الأكبر بعد الحرب الثانية . فقد خرجت بأقل الخسائر، فالحرب العالمية الأولى وكذلك الثانية كانت بعيدة عن المسرح الأمريكي الذي حافظ على "مقتنياته القومية " إذا جاز التعبير. كما استفاد الاقتصاد الأميركي من التشغيل الكامل للقوى العاملة خلال الحرب ، وأحدثت متطلبات الحرب الحديثة ومواجهة التقنية الألمانية ما يشبه الثورة في التقنية الأميركية والتي انعكست آثارها على القطاعات المدنية في الصناعة خاصة وأن التقنية العسكرية الجديدة قد دمجت الكثير من "الصناعات المدنية" داخلها .

إن الدمار الهائل الذي لحق بأوربا والاتحاد السوفيتي كمسرح للحرب وكذلك اليابان ، وخوفا من امتداد النفوذ الشيوعي السوفيتي ليشمل أوربا ، بادرت الولايات المتحدة بمشروع اقتصادي سياسي لإعمار أوربا واليابان كرافعتين للعمل الاقتصادي الرأسمالي العالمي خاصة الأمريكي وكستار حديدي اقتصادي/ سياسي وأمني في وجه المد الشيوعي الروسي على مستوى أوربا والصيني على مستوى جنوب شرق آسيا. هذه قضية أولى من قضايا الإمبريالية الجديدة . والقضية الثانية هي دولة الأطراف الرأسمالية ودورها الوسطي في الصراع بين بلدان الأطراف والمراكز الإمبريالية التي تعمل تحت القيادة الأميركية . لقد لعبت هذه الدول والطبقات المسيطرة فيها أدواراً قوية في فترة الحرب الباردة سواء كان عملها لصالح الإمبريالية أم بالعمل ضدها أم بالمناورة على هامش الصراع . لكن ما إن وضعت هذه الحرب أوزارها لصالح الإمبريالية تحت قيادة الولايات المتحدة الأميركية حتى بدأ نجم هذه الدول بالأفول وتحول دورها من وسيط في الصراع إلى دول مهمّشة ، محتلة أو مهددة بالاحتلال أو منداحة ومنسحقة لصالح الخطة الأميركية الجديدة . وانتقلت الإمبريالية الأميركية من استراتيجية التوكيل إلى استراتيجية التدخل المباشر . حيث نشهد موجة استعمارية جديدة بقيادة الولايات المتحدة الأميركية أطلق عليها اسم "التحكم العالمي" بدلاً من عبارة السيطرة على العالم ذات الوقع الفظ .

القضية الثالثة هي شكل عمل الشركة الاحتكارية بعد الحرب العالمية الثانية ، وأثر التقدم التقني على تقدم الاستثمار في الخارج المباشر وغير المباشر. وأثر قيادة الولايات المتحدة للنظام الرأسمالي ، واختزالها لهذا النظام عبر تركز الثروة والقوة فيها . وعبر ازدواج القانون الدولي كقانون قومي أميركي وعالمي وكذلك الدور المزدوج للدولار كعملة قومية أميركية وعالمية في نفس الوقت وآثار ذلك على علاقة المراكز الرأسمالية مع بعضها البعض وعلاقتها مجتمعة مع الأطراف . وآثار ذلك على الاقتصاد الأميركي وأزماته .

إن الإحباط العالمي الذي أصاب المشروع الاشتراكي العالمي ممثلاً بتفكك الدولة السوفييتية ، وإحباط التنمية في البلدان الرأسمالية الطرفية ، والذي تبدّى فيما بعد انتهاء الحرب الباردة على أنه تنمية مقاومة المد الشيوعي في أطراف النظام الرأسمالي ليس إلا . إن هذا الإحباط المزدوج والذي هو عملية تاريخية واحدة قد دفع إلى تهميش الحزب الماركسي وإلى تهميش الحزب السياسي بمعناه الحديث ، ودفع من الجهة الثانية بالثقافات الدينية للعمل في السياسة ، وبالتالي أعاد في حركة ناكصة ساحة العمل السياسي من المؤسسات التعليمية الحديثة كالمدرسة والجامعة إلى الجامع والكنسية والكنيس . وبالتالي ظهرت مواجهة الهجوم الاستعماري الجديد وكأنها رد ثقافي إسلامي على الغرب الإمبريالي . وظهرت تنظيرات صوّرت المواجهة وكأنها صراع ثقافات . بينما هي كما هو مبين حرب بين الإمبريالية وخصومها على اختلافهم وهي حرب قائمة على أساس التناقضات البنيوية في التشكيلة الإمبريالية الرأسمالية كبنية عالمية متفاوتة ومأزومة وإن كانت أزمتها متلاشية[تهبط بعد أن ترتفع موجتها] لكون نقيضها التاريخي الجذري غير حاضر وغير فاعل .

إن تمظهر المواجهة على شكل مواجهة ثقافية يخفي الكثير من حقيقة المعركة الدائرة الآن بين الإمبريالية الجديدة وخصومها في كافة أنحاء العالم .

لهذا لابد من رسم استراتيجية "تراجعية" للحزب الماركسي في الشرط الدولي الراهن في مواجهة الاستقطاب العالمي بين مطرقة الإمبريالية الأميركية ذات السياسات الاستعمارية "التحكمية" الجديدة وبين النكوص الثقافي / الديني للحزب السياسي وتمظهر الصراع على أنه صراع ثقافات [حضارات] وظهور الثقافة القومية والدينية كنقيض في الصراع ، بدل أن تكون أحد أدوات الصراع بعد نقدها نقدأ جذرياً . وهذا يفترض كمهمة للجماعات الماركسية المساهمة في تطوير وتنشيط مناقشة قضايا التراث العربي ومنه الديني كمهمة نقدية وراهنة . مع إعادة الاعتبار للتعلّم الماركسي والاشتراكي الحي عبر ترجمة ونشر الكلاسيكيات الماركسية وإعادة طرح قضايا الماركسية الأساسية . مع رصد الحركات الاجتماعية الجديدة في أوربا والعالم ومحاولة قراءة دورها في مناهضة الإمبريالية العالمية وسياساتها الليبرالية الجديدة وطموحاتها الاستعمارية التحكّميّة . مع الانشغال بتطوير آليات تخص علاقة الحزب الماركسي بهذه الحركات الاجتماعية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سوناك ينشر فيديو عبر حسابه على -إكس- يسخر فيه من سياسة حزب ا


.. هل يهمين اليمين المتطرف على البرلمان الأوروبي؟ وماذا يغير؟




.. غزة: آلاف الإسرائيليين يطالبون بالموافقة على مقترح الهدنة وا


.. ??مجلس النواب الفرنسي يعلق عضوية نائب يساري لرفعه العلم الفل




.. الشرطة الإسرائيلية تفرق المتظاهرين بالقوة في تل أبيب