الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل هناك فجوة بين الناشط المدني والسياسي ؟

عبد الرزاق السويراوي

2009 / 9 / 27
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


يعتقد البعض , أنّ منظمات المجتمع المدني في العراق , هي حديثة العهد نسبياً , في حين , انّ العراق مقارنة بدول المنطقة ,هوأسبق من غيره , في تأسيس النشاط المدني , خاصة في مجال النشاط النقابي , وبالأخص , النقابات العمالية التي رافقت مسار نشاط بعض الأحزاب السياسية وخاضت نضالاً مريراً في سوح المواجهة مع السلطات الإستبدادية الحاكمة في العراق عبر كل المراحل , قدّمتْ خلالها تضحيات جمة وصلت حدّ الإعدام أو التغييب في الزنزانات البغيضة .حيث تعدّدتْ نشاطات هذه المنظمات لتشمل المطالبة بإنتزاع الحقوق أو تنظيم المظاهرات أو الدعوة الى الإضرابات العامة التي سجّلتْ في التاريخ العراقي الى جانب الأنشطة السياسية لبعض الأحزاب , صفحات كُتِبتْ بدماء الرواد أو ممّنْ تلاهم .
في أكثر من مقال سابق , كنت أشرت الى أنّ 2003, هي نقطة فاصلة بين مرحلتين مهمتين في تاريخ العراق الحديث وقد دخلت التاريخ فعلاً . وكلنا يعلم , أنّ منظمات المجتمع المدني , كانت في المراحل السابقة للتاريخ المذكور, شكلية وفي الغالب هي منظمات سياسية أكثر منها منظمات مجتمع مدني , بل هي أبواق للسلطة السياسية التي تقف خلفها .ويجب انْ نستثني بالطبع , النقابات التي كانت على الدوام , تقف بإستمرار في ساحة المواجهة مع تلك السلطات الجائرة, أقول أنّ 9/4/2003 , يمثل خطوة إنتقالية كبرى وعلى كل المستويات , بما في ذلك مستوى الحراك السياسي أو النشاط المدني , ولنا هنا وقفة عند واقع العلاقة ما بين هذين النشاطين الذين تحكمهما مجموعة من المؤثرات أو العوامل العديدة والتي يمكن وضعها ضمن صنفين من العلاقة , أحدهما وضمن شرائط معيّنة , تيْنعُ بذرته بما يحقق أهدافاً نبيلة تأتي أُكُلُلها من خلال العلاقة الإيجابية , بين الأحزاب السياسية ونشاط منظمات المجتمع المدني , بحيث تكون مرتكزات إنطلاق هذه العلاقة من الفهم الواعي لعملية التحولات الديمقراطية , أو من الصنف الذي يعكس سوء العلاقة بين الناشط المدني والناشط السياسي , بحيث يؤدي هذا النوع من العلاقة الى إحداث فجوة فيما بين هذين المستويين من النشاط , والذي ينعكس سلباً على الممارسة الديمقراطية كونه يشرْنقها ـ أيْ العملية الديمقراطية ـ ويضعها في خانة التابع والمتبوع التي تلغي حتماً طرفاً لحساب الطرف الآ خر , وتكون في الغالب الكفة المرجحة هي لصالح السياسي , في حين أنّ ضرورة إلإنطلاقة الديمقراطية , تسْتوْجب التكافؤ بين المساحة المُعطات لكليهما , أي الناشط المدني والسياسي لكي ينطلق كل منهما وفقاً لمرتكزات وعيه وفهمه لمتطلبات المرحلة وبما يحيل للعمل على آفاق القواسم المشتركة بغية الوصول وضع اللبنات الصحيحة والمتينة لإرساء قواعد مجتمع ديمقراطي حقيقي وليس مجرد شعارات أُفرغت من محتواتيها منذ عقود خلتْ .وإذا توخّينا الوقوف على صورة واضحة المعالم عن مستوى العلاقة في مرحلتنا الراهنة , بين منظمات المجتمع المدني وبين الأحزاب السياسية وخصوصاً مَنْ هي على رأس السلطة , يتطلب منا , تشخيصا موضوعياً لمستوى الحراك العام الذي يمارسه الطرفان, مما يجعل الإجابن بالسلب أو الإيجاب , أمراً تعوزه الدقة . فالمرحلة التي يمر بها العراق أفرزت وتفرز الكثير من التداخل والتعقيد , ورغم ذلك , يمكن توصيف هذه العلاقة , بأنها رغم كل شيء , لم تبلغ الصورة التي يُطمح اليها من أجل بناء المجتمع المطلوب , والسبب في ذلك يعود الى جملة من العوامل من أبرزها إنشغال السياسي وغرقه في بحر تعقيدات الواقع بكل ثقله وملابساته. وخصوصا حالة التجاذبات السياسية العنيفة التي تكتنف علاقات الأحزاب السياسية مع بعضها بما ينأى ببعض السياسيين الى عدم الإلتفات لأهمية الدور الفاعل الذي يمكن ان تلعبه منظمات المجتمع المدني الى جانب الأحزاب السياسية ليتسنى لهم إجتياز كل مصاعب المرحلة. وأظنّني لا أجانب الصواب أذا ما قلت بأنّ بعض السياسيين , لم يستطع الأنفلات من هاجس عقدة وضع الآخر في خانة التابع ليفوز هو بمرتبة المتبوع , أكثر من ذلك , أنّ الخطاب السياسي العام لبعض الأحزاب لا يساعد في إيجاد مشتركات ـ وهي موجودة ـ بينه وبين نشاط منظمات المجتمع المدني . وهنا أود الإشارة الى ان هذه الرؤية لواقع العلاقة بين الناشط المدني والسياسي , لا يمنع من النظر , الى الأخذ بنظر الإعتبار , إفرازات تعقيدات المرحلة التي يواجهها السياسي وبإستمرار والتي تضع العقبات امامه بحيث تساعد على توسعة حجم الفجوة نتيجة إنشغاله , فتترك بصماتها الواضحة . ومن زاوية اخرى , فأنّ التشخيص الموضوعي للمستوى الحقيقي للعلاقة بين الناشط المدني والسياسي , يستوجب ايضا , الإشارة الى وجود بعض المنظمات التي تحسب نفسها على منظمات المجتمع المدني عبر رفعها لشعارات معينة , لا تتعدى في الواقع أكثر من واجهات لأحزاب سياسية معينة وبالنتيجة فهي احزاب سياسية مصغرة اكثر منها منظمات مجتمع مدني ترتبط بشكل أو بآخر الى هذا الحزب او ذاك , تماماُ كما كان عليه الحال في الحكومات السابقة .بل هناك ايضا منظمات اخرى على ذات المنوال , لكنها ترتبط بأجندة خارجية زرعتها في العراق وتمولها بأموال ضخمة , بقصد تحقيق اهداف سياسية خبيثة تعمل على وضع العقبات في طريق العملية السياسية وبوسائل متعددة منها , تسليط الضوء على على بعض السلبيات التي ترافق العملية السياسية مع إغماض العين عن المكتسبات التي حققتها الحكومة , الأمر الذي يجعل من هكذا منظمات انها تمثل خطرا كبيرا لا يقل عن خطر الإرهابيين في اعمالهم التخريبية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين مؤيدين لفلسطين في أورلاندو


.. فيديو: ابنة كاسترو ترتدي الكوفية الفلسطينية وتتقدم مسيرة لمج




.. Vietnamese Liberation - To Your Left: Palestine | تحرر الفيت


.. آلاف المحتجين يخرجون في مدينة مالمو السويدية ضد مشاركة إسرائ




.. اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية والمتظاهرين المطالبين بإسقاط