الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صديقي فخامة الرئيس نورمان فنكلستين

وليم نصار
مؤلف موسيقي ومغني سياسي

(William Nassar)

2009 / 9 / 27
القضية الفلسطينية


أعترف بأني لست محللا سياسيا ولست بقائد في تنظيم أو حزب أو جبهة ما. كما أعترف بأن ارتباطي بفلسطين وبالقضية الفلسطينية هو ارتباط لا تحكمه العقائد ولا الأفكار أو غيرها. انه ارتباط الوعي الباطني بخطورة الصهيونية وراعيها الأمريكي على الإنسانية جمعاء. وربما الكثيرون من أبناء جيلي ارتبطوا بفلسطين على هذا الأساس.
ربما مقالتي هذه ستصمني بأنني محامي الشيطان، لكن لا بأس ما دام دفاعي عن الشيطان يستند إلى قضية أخلاقية.

تابعت وبشغف واهتمام كبيرين وعلى مدار الاشهر القليلة الماضية جهود المناضل والمفكر نورمان فنكلستين من أجل تشكيل مسيرة عالمية لفك الحصار عن غزة، وقد أضفت اسمي إلى قائمة الداعمين لهذا المشروع، بالاضافة إلى إعلان استعدادي للمسير مع المتطوعين من القاهرة حتى معبر رفح ومن معبر رفح حتى معبر إيريتز في أكبر تظاهرة عالمية لادانة الحصار والعمل من أجل كسره.

الآلاف من المتطوعين، من كل أصقاع الأرض، طلابا وعمالا وأكاديميين وسياسيين وفنانين ونشطاء أبدوا استعدادهم للتوجه واللقاء في القاهرة في السابع والعشرين من كانون أول – ديسمبر، ليبدؤوا المسير نحو غزة، يجمعهم هدف واحد ألا وهو نشر كلمة (لا لحصار غزة ) في محاولة لكسر هذا الحصار.
الآلاف، لا، بل عشرات الآلاف من الأوروبيين والاستراليين والامريكيين والأسويين والأفارقة سيتركون أعمالهم ويسافرون إلى غزة وعلى نفقتهم الشخصية، حبا بالشعب الفلسطيني وإيمانا بقضيته العادلة.

عشرات آلاف المتطوعين، 99 % منهم غير عرب.. التقوا على هدف واحد وهو المشاركة في المسيرة العالمية السلمية الغير عنفية من أجل حرية غزة.

هدف فنكلستين من الحملة؟
1. خلق حالة من الوعي بالقضية الفلسطينية لدى المجتمع الغربي تكسر النمط السائد، الأمر الذي سيساهم لاحقا في تشكيل مجموعات ضغط "أوروبية" وليس عربية فقط على الحكومات الغربية لعدم الرضوخ للابتزاز الصهيوني، مما يعطي، باعتقادي دعما معنويا وسياسيا وجماهيريا غربيا للجانب الفلسطيني.

2. إشراك أكبر عدد ممكن من المتطوعين المدنيين في مسيرة سلمية – غير عنفية - عنوانها مسيرة حرية غزة العالمية، للتأكيد على عدم قانونية، وعدم إنسانية الحصار المفروض على قطاع غزة استنادا إلى القوانين الدولية (وبالطريقة التي يفهمها العقل الغربي)، ولايصال رسالة إلى الشعب الفلسطيني بأنه هناك من لا ينسى، وهناك من لا يزال معهم، يشاركهم نضالهم ومعاناتهم (بغض النظر عن الخلفيات والطرق المتبعة في التعبير عن هذا التضامن).

3. لفت أنظار المجتمعات الأوروبية إلى ما يعانيه قطاع غزة جراء الحصار وإغلاق المعابر، وهذا جانب مهم سيزيد من حجم التضامن العالمي ليس فقط مع قطاع غزة، بل سينعكس إيجابا على مجمل القضية الفلسطينية ويعري زيف الكيان المحتل والمستعمرين في فلسطين التاريخية، وسينشط وعي المواطن الغربي في طرح أسئلة لم نستطع نحن العرب بكل أموالنا وقدراتنا أن نصل إليه.

4. تأمين وإشراك أكبر عدد ممكن من الشخصيات الاعتبارية العالمية من أمثال المناضل نيلسون مانديلا، ورئيس هولندا الأسبق درايس فان أجت وغيرهم الكثير، بالاضافة إلى كتاب ومفكرين وفنانين ليكونوا على رأس المسيرة تأمينا للغطاء السياسي والقانوني والأمني أيضا للمشاركين.

5. المسير باتجاه معبر اريتز يدا بيد مع سكان قطاع غزة في مسيرة سلمية هدفها فتح المعابر.


على مدار عام كامل تقريبا عمل نورمان فنكلستين على تجييش قطاعات واسعة من الاتحادات الطلابية والنقابية والنسائية، بالاضافة إلى الآلاف من النشطاء السياسيين من مختلف التوجهات والأفكار والمعتقدات. عام كامل تقريبا من العمل الدؤوب والصامت البعيد عن الأنانية والفردية وحب الظهور من أجل إنضاج الفكرة وضمان نجاحها. وقد نجح فنكلستين في مأسسة (من مؤسسة) تلك الفكرة وتقسيمها إلى دوائر مختصة وأهمها المجموعات المكلفة بتأمين الموضوع اللوجستي للحملة. لم يترك فنكلستين جانبا صغيرا إلا واهتم به لاحساسه بمسؤولية أخلاقية شخصية تجاه من قام بتعبئتهم للمشاركة في حملة الحرية السلمية لفك الحصار عن قطاع غزة.

ماذا حصل؟

أعلنت الفكرة بعد أن ضمنت مشاركة عشرات الآلاف من المتطوعين الغير عرب. وبما أن ضمن برنامج الحملة مسيرة باتجاه المعبر "الاسرائيلي"، فان مشاركة أهالي وسكان قطاع غزة يعتبر ضروريا، ولهذا، فمن الضروري تأمين الغطاء المدني والسياسي الفلسطيني أيضا للحملة.

وبالفعل، باركت العديد من الجهات الفلسطينية الحملة وكل الأمور أصبحت تقريبا جاهزة لولا أن طرأ ما لم يكن بالحسبان خلال الاسابيع الثلاثة الماضية.

اثنان من الفلسطينيين، لم يسمع أحد بهما من قبل ارسلا رسالة الكترونية بصيغة BCC يعرفان عن أنفسهما بأنهما من المجتمع أو التيار المدني الفلسطيني وأن هناك مطالب (إذا لم تنفذ) فان الشعب الفلسطيني لا يدعم تلك الحملة، وأنهما سيعملان على إقناع الفلسطينيين الداعمين للحملة بعدم المشاركة.
مطالبهم واعتراضاتهم تختصر بالتالي:
1. أن إعلان الحملة يجب أن يتطرق لحق العودة ولمقاطعة "إسرائيل".

2. اقتصار المسيرة للتضامن مع غزة يلغي حقيقة أن الضفة الغربية أيضا تعاني.

3. تم صياغة إعلان الحملة دون التشاور مع القوى الممثلة للشعب الفلسطيني من تنظيمات وهيئات نقابية وجماهيرية وغيرها، وبالتالي، ومع تقدير الفلسطينيين للجهد المبذول، إلا ان الاعلان الحالي للحملة لا يلبي طموحات الشعب الفلسطيني. (وهذا الاعتراض ملفق وغير صحيح على الاطلاق).

4. مطالبة منظمي الحملة بان يتم تعديل بيان الحملة وأهدافها وتضمينه: المطالبة بالحقوق السياسية للفلسطينيين، وحق تقرير المصير،وإنهاء الاحتلال، وحق العودة وبناء الدولة المستقلة الخ..

5. عدم ذكر نمو المقاومة المدنية الغير عنفية في الأراضي المحتلة المدعومة من معظم الفلسطينيين، وعدم وجود روابط على الصفحة الالكترونية للحملة تشير إلى بعض الجهات.


شخصيا وسياسيا وفكريا وعقائديا، أنا مع المطالب التي ذكرها الاخوان الفلسطينيان (أحدهما من القدس والآخر من غزة)، بل وأزيد عليهما بأنني أطالب المشاركين في الحملة بالمطالبة بعدم إلقاء السلاح واعادة الاعتبار لشعار الكفاح المسلح أرقي أشكال النضال .. بل وأزيد بأنني أطالب بزيادة العمليات الفدائية داخل الكيان الغاصب. إلا أن عدة أسئلة أوجهها للأخوين الفلسطينيين:

سياسيا:
أ‌. هل مهمة الحملة العالمية السلمية لفك الحصار عن غزة هي الدفاع السياسي عن فلسطين والفلسطينيين وفرض الحل السياسي للقضية الفلسطينية؟

ب‌. هل من الضروري الغرق في أوحال الأجندات الفلسطينية التنظيمية الضيقة وفرض خطابها السياسي على متضامنين غير عرب؟

ج. ألم يكن من الأجدى أن يتم التفاعل مع منظمي ومؤسسي الحملة للاستماع إلى وجهة نظرهم ومحاولة الوصول إلى قواسم مشتركة لا تخيف أحدا من المتطوعين ولا تخلق حالة من الاشمئزاز والتساؤل لدى العديد منهم عبر المراسلات مع النشطاء المنظمين: "هاي ... هل حقا أن الفلسطينيون لا يدعمون تضامننا ونشاطنا معهم؟"

د. لماذا لم يعترض الفلسطينيون الذين طرحت عليهم الفكرة قبل الاعلان عنها، ومنهم تنظيمات وقوى فاعلة على الأرض على فكرة المسيرة العالمية السلمية الغير عنفية، ولماذا لم يضعوا شروطا... وإلآ ...؟

هـ. لماذا لم يتقدم أي من الفلسطينيين الحريصين على "النضال المشروع" معلنا مسؤولية أدبية وأخلاقية في تعبئة الرأي العام الفلسطيني وفتح المنازل لايواء المتضامنين لعدة أيام. مع العلم أن المتضامنين سينامون في أكياس نوم وخيم، وهم من سيتحملون أيضا تكلفة إقامتهم لايام معدودة ابتداء من فنجان الشاي إلى وجبات الطعام.


أخلاقيا:
أ‌. ليس من حق الأخوين الفلسطينيين استعمال اللائحة البريدية للحملة دون إذن مسبق، وليس من حقهما كتابة بيانهما الفردي المحض وإرساله إلى اللائحة البريدية للحملة بطريقة BCC. فهذا يعتبر ويفسر بالدارج العربي والفلسطيني "خوزقة"، فالحملة ليست انتخابات اتحادات نقابية فلسطينية يعمل من خلالها على تأسيس مراكز قوى وغيرها.....

ب‌. الاسلوب الذي اتبعه الأخوان الفلسطينيان (واحد من القدس وآخر من غزة – مرة أخرى) لا يخدم القضية الفلسطينية، ولا قضية صراع الوجود، ولا أي قضية أخرى بقدر ما يخدم مصلحة ذاتية فردية، وهذه هي مشكلتنا كعرب، وليس كفلسطينيين فقط، ومن أهم إنجازاتنا أننا دائما نختلق العراقيل ونضيع الفرص ونبرهن بالملموس أننا عباقرة في ممارسة فعل الاغتيال الفكري. (سأشير لذلك لاحقا).

ج. ليس من حق أي فلسطيني مهما كان أن يعرض حياة آلاف الشابات والشبان، المسافرين وعلى نفقتهم الخاصة من كافة أصقاع المعمورة، للتضامن مع الشعب الفلسطيني، حتى ولو تحت شعار حملة سلمية لا عنفية، أن يعرضهم للخطر من أجل استعراض حزبي، وأن يفرض أجندته وهدفه السياسي والشخصي "والمادي" على فكرة ومشروع نبيل. هناك التزام أخلاقي ومسؤولية سياسية وهذا يعني تهيئة الظروف وتأمين السقف الاعلى من النجاح للحملة وقبلها سلامة المشاركين، عدا عن الأمور اللوجستية وغيرها.




استقالة صاحب الفكرة ومؤسس الحملة:
بعد كل ما تقدم، وللحفاظ على الجهد الذي بذل، فقد حاول نورمان فنكلستين بكل قواه الحفاظ على روح الحملة وعدم تسييسها فئويا، وبالتالي عدم اخضاعها لاي أجندات فئوية فلسطينية. ولكي يضمن فنكلستين نجاح الحملة فقد استقال من قيادتها وسلم الامور التنظيمية والادارية للجان من النشطاء كي لا يتسبب وجود اسمه في القيادة في اعتراض بعض الناس التي لا تؤيد توجهاته الفكرية والسياسية من المشاركة في المسيرة، وكي لا يتسبب وجوده في قمة الهرم يالتأثير على أي قرار ممكن أن يتخذه المتضامنون.. وتفرغ تطوعا بمعظم وقته ليقوم بمهمة التعبئة للحملة دون قيادتها.

وبسبب حالة الارتباك التي ولدتها رسالة الدوويتو الفلسطيني بادر نورمان فنكلستين إلى مراسلة من قام بتعبئتهم يحضهم على الاستمرار في الجهد والتحضير لانجاح الحملة مكرسا ساعات طويلة من وقته لاصلاح الخلل الذي حصل ولجعل المسيرة تنجح ".

I have devoted many hours since making my decision to thinking how to repair the damage and make the March work.” Norman Finklestein

وأعتذر هنا من صديقي نورمان لاستخدامي حرفيا جملة من رسالة شخصية دون استئذانه.

*******************************
عندما كانت الفصائل الفلسطينية في بيروت، وعلى الرغم من أخطائها القاتلة، إلا أنني أعترف بأننا تعلمنا مفهوم الديمقراطية والحوار واحترام الرأي الآخر من كادرات تلك الفصائل وعلى اختلاف انتماءاتها الأيديولوجية.

عاصرنا حملات التضامن الاممية مع الحركة الوطنية اللبنانية والمقاومة الفلسطينية.. وتعلمنا كيفية إنشاء التحالفات مع القوى العالمية الصديقة وكيفية التحاور والوصول إلى قواسم مشتركة لما فيه خير القضية.

عاصرنا وشاهدنا بأم أعيننا كيف كان يقف المعلم كمال جنبلاط في وجه القائد الشهيد ياسر عرفات عندما يخطيء الأخير في وقت لم يكن يتجرأ أحد على معارضته.

عاصرنا وشاهدنا جورج حاوي كيف رفض معونة الحليف الرفيق السوفيتي عندما عرضوا عليه الدعم طالبين منه في نفس الوقت اطلاعهم ولو (بعلم وخبر) على بعض الأمور المتعلقة بجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية.

نحن الجيل الذي عاصر تلك المرحلة لم نشهد يوما حملة تشويه غير أخلاقية بحق مناضلين متضامنين مع قضايانا، بل هم جزء أساسي من قضايانا إن لم يكن في قلبها، كما نرى اليوم.

أيها الفلسطينيون،

أنا لست في موقع الدفاع عن نورمان فنكلستين، فهو يمتهن الكتابة وقادر على الدفاع عن نفسه رغم أنه ليس بحاجة لذلك، فهو أكبر من أن يضيع وقت قلمه في الرد على أمور صغيرة. إلا أنني أشعر بالأسف والخجل والخزي من تصرفات لا يمكن أن يقال عنها إلا أنها رخيصة غير أخلاقية ولا تمت للشعب الفلسطيني ولا لنضاله العريق بصلة.

من المخزي أن يتم تأسيس صفحة الكترونية، غير الصفحة الرئيسة للحملة، والاعلان بها أن الحملة أصبحت خالية من الصهاينة ولهذا أدعمها الآن: Gaza Freedom March is Now Zionist Free. في إشارة إلى استقالة نورمان فنكلستين.

ربما كان الخروج من بيروت ضروريا لسقوط الأقنعة، ورغم ذلك فان الأمل موجود في وقفة لمراجعة الذات. ولولا الفسحة الضيقة من الأمل لقلت يرغب بعض الفلسطينيين الذين يعلنون أنهم من اليسار، أمثال الأخوين الفلسطينيين الذان سببا حالة الارتباك، تغيير شعار طريق فلسطين يمر من جونية إلى طريق فلسطين يمر من أمستردام أو كوبنهاجن أو السويد أو مونتريال أو نيويورك؟

إن حق العودة .. وانهاء الاحتلال .. وفك الحصار .. وتعرية المحتل .. وحرية الأسرى .. ووقف الاستيطان .. وعروبة القدس الخ.. هي مهمة فلسطينية بالدرجة الأولى، وعلى عاتق الفلسطينيين والعرب وحدهم تقع مسؤولية إنجازها. ويأتي دور المتضامنين الأجانب رديفا وداعما وليس العكس.

إلى صديقي نورمان أقول:

لا عليك.. فأنت المنتصر .. وأنت الرابح .. وإن لم تكن تلك المعادلة يوما في حساباتك.
الفكرة التي حلمت بها طويلا أبصرت النور .. وإن حاولوا وأدها باكرا.
نضالك من أحل فلسطين وشعب فلسطين وقضية فلسطين لا يمكن أن تلغيه أو تلوثه ممارسات قبلية عشائرية جاهلية أصابها العمى وأصبحت غير قادرة على رؤية الصورة الأكبر.

أيها النبي ... وقبل أن يصلبوك .. أنادي بك رئيسا لشعب فلسطين ولدولة فلسطين الديمقراطية العلمانية الموحدة الواحدة.

لك وعليك السلام يسبقان مودتي
وليم نصار
________

* مؤلف موسيقي وناشط سياسي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي