الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وقفة مع تصاعد التواجد الإسرائيلي في أفريقيا - إسرائيل تتغلغل وتتمدد في أفريقيا كيف يمكن للعرب مقاومتها( 1/2 )

محمد نبيل الشيمي

2009 / 9 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


نحن أمام اختبار جديد في القارة السمراء في مواجهة الطموح الإسرائيلي بعيد المدى المتمثل في تدعيم موقفها في الدول الإفريقية فبعد أن كانت أهداف إسرائيل في بداية قيام الدولة فك الحصار العربي المضروب حولها أصبحت أهدافها أكثر خطورة وأهم من حيث النتائج على الموقف العربي عامة ومصر على وجه الخصوص . وفي كل الاحوال فان هناك تراجعا غير مسبوق في الموقف العربي تجاه افريقيا يقابله اهتماما متصاعدا من قبل اسرائيل
ونظرة على التواجد الإسرائيلي في أفريقيا نلاحظ أن البدايات كانت من مدخل اقتصادي بحت تمثل في الخبرات الإسرائيلية المتمثلة في المجالات الزراعية التي يمثل العمود الفقري لاقتصادات العديد من الدول حيث قامت إسرائيل بتطوير شبكات الري والصرف واستنباط المحاصيل وتوفير الأدوية البيطرية وهي المجالات التي كانت تفتقر إليها هذه الدول ... وتطورت هذه العلاقة إلى تقديم إسرائيل خبراتها في التدريب العسكري للجيوش الوليدة التي كانت تفتقر إلى الخبرة فضلاً عن توفير السلاح وتقديم منح تدريبية في المؤسسات العسكرية الإسرائيلية ـ مع إقامة مشروعات مشتركة لاستخراج المعادن وعلى الرغم من كل هذه الترتيبات فقد ظلت إسرائيل محدودة التأثير في القارة حيث كانت مصر آنذاك تتمتع بتأثير طاغ في أفريقيا من خلال دورها الرائد في احتضان حركات التحرر الوطني في القارة ومساندة العديد من دولها في الحصول على استقلالها ( احتضنت مصر بعض الوقت عدد من الثوار الافارقة الذين قادوا فيما بعد حركة النضال ضد الاحتلال فى بلادهم أمثال سامى انجوما و بانريس لومومبا وغيرهم كثر ) فضلاً عن العلاقات المتميزة التي كانت تربط مصر بالقادة التاريخيين في القارة كالرئيس نكروما والرئيس سيكوتوري ... ولكن من الملاحظ أن الوضع تغير تماماً فبعد معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية ... بدأت أصابع إسرائيل تعبث بشدة داخل العمق الأفريقي استغلالاً لعلاقاتها مع مصر والتي خلقت مبرراً كبيراً لبعض الدول الإفريقية لإعادة علاقاتها المقطوعة مع إسرائيل منذ حرب 1967 فضلاً عن إفساح المجال لدول أخرى لإقامة علاقات مع إسرائيل ذلك في ظل غياب دور عربي فاعل على كافة الصعد فباستثناء بعض المعونات الاقتصادية الضعيفة التي تقدمها بعض الدول الخليجية وصندوق مساعدات هزيل من جانب مصر فإن السمة الغالبة على مجمل العلاقات العربية الإفريقية تشير إلى هشاشة وتدني هذه العلاقات ... أما على الصعيد السياسي فإن العرب غائبون تماماً إلا من محاولات يقوم بها الرئيس الليبي وهي محاولات إعلامية إعلانية قبل ان تكون بمثابة محاولة جادة يمكن ان يكون لها دورا مؤثرا في تحجيم التمدد الاسرائيلي في القارة الافريقية.
وخلال شهر سبتمبر الحالي قام وزير الخارجية الاسرائيلي بجولة الي عدد من دول افريقيا وتعكس هذه الجوله اهتماماً إسرائيلياً كبيراً بأفريقيا الهدف من وراءه تحقيق ما يلي /
- ضمان الدعم السياسي للسياسات الإسرائيلية في المحافل والمنظمات الدولية.
- التأثير ومحاصرة الدور الايراني المتنامي في القارة وإظهار إسرائيل في صورة البديل الكفء لدور عربي ودورا إيراني متصاعد .
- فتح أسواق هذه الدول للتقنيات الإسرائيلية خاصة في مجالات الزراعة والري ومشروعات البنية الإساسية والصناعةا لاستخراجيه فضلاًعن تقديم الخبرت الإسرائيلية فيما يتعلق بتسويق منتجات هذه الدول في الخارج.
- توفير مستلزمات إسرائيل من السلع الوسيطة ومدخلات الإنتاج خاصة فيما يتعلق بالمعادن على وجه الخصوص الماس الذي تعتبر إسرائيل أحد أهم الدول التي نجحت في تشغيله إضافة إلى اليورانيوم الذي تحتاج إليه إسرائيل لتشغيل مفاعلاتها التووية أو كعنصر احتياط لتوفير الطاقة مستقبلاً .
- الحصول على عقود استخراج النفط والغاز خاصة وأن الشواهد تشير إلى أفريقيا تقوم على مخزون ضخم من هذه الخامات خاصة وان إسرائيل دوله مستوردة للطاقة وتأمل تأمين احتياجاتها المستقبلية ... هذا بخلاف تشغيل معامل التكرير وصناعة البتروكيماويات والتي تمثل جزءاً هاماً في الصناعة الإسرائيلية .
- تنمية صادرات السلاح إلى هذه الدول خاصة وأن بعضها يعاني من ارتفاع وتيرة الحروب الأهلية وتزايد ظاهرة النزعات العرقية .
- محاصرة التيارات السلفية المتشددة والتي قد يكون وصولها للسلطة في غير صالح إسرائيل دلخل بلداتها باعتبار أن هذه التيارات ترى في إسرائيل دولة غاصبة عنصرية يتعين مقاطعتها وهي في هذا الصدد توحي للحكومات إمكانية تقديم الدعم بالسلاح والخبراء كي تتمكن من القضاء على هذه الحركات .
- إيجاد غطاء قانوني لأجهزة المهابرات (الموساد) وغيرها للتواجد في أفريقيا من خلال السفارات والتي يمكن لهذه الأجهزة من خلالها الوقوف على كافة المتغيرات التي تحدث على الطبيعة وتعني ذلك إمكانية التدخل والتحسب لأي تطورات تحمل تغييراً في الموقف ضد إسرائيل وفي هذا السياق كما هو معروض تعمل أجهزة المخابرات الاسرائيلية على خلق حاله من التوتر بين الطوائف والعرقيات ضماناً لتمييع المواقف تجاهها فضلاً عن أن حالات الانفعال داخل الدول الافريقية تعد تعنفاً لتجارة السلاح الاسرائيلي وتأكيداً لهذا نجحت اسرائيل في استقطاب بعض زعماء الحركات الانفصالية كما حدث مع احدى الفصائل بدار فور التي افتتحت لها اسرائيل مكتباً في تل ابيب ولا يمكن يحال استبعاد اليد الاسرائيلية في دلتا نهر النيجر بنجيريا أو في تغذية الخلافات بين اثيوبيا واريتريا خاصة بعد ابتعاد اريتريا بعض الشيء عن اسرائيل .
- تنمية تجارة الخدمات الإسرائيلية متمثلة في إقامة المصارف والمدارس والمشروعات الخدمية المشتركة فضلاً عن تشجيع السياحة إلى إسرائيل وكل هذه تصب في صالح الاقتصاد الإسرائيلي .
تم يأتي دور الطموح الاسرائيلي في الحصول على نصيب من مياه النيل وهي في ذلك تملك من المغريات التي يمكن ان تنخدع بها دول حوض النيل والتي تتمثل كما ذكرنا فيما تقدمه من خدمات لهذه الدول حتى أن خبراء اسرائيلين يشاركون في حماية بعض المسئولين الافارقة وها هي اسرائيل من وراء ستار تحرض دول الحوض على اعادة النظر في اتفاقيات مياه النيل تم بعدها تكون طلباتها من دول الحوض مجابة ...
كيف يتدارك العرب الموقف الإسرائيلي ؟
أمام العرب فرصة تاريخية لتدارك التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا وتحجيمه وذلك من خلال تحرك سياسي ودعم اقتصادي ... التحرك السياسي ينطوي على تفعيل دور البعثات الدبلوماسية العربية في الدول الإفريقية فلم يعد كافياً أن يظل السفراء وأعضاء البعثات داخل القصور والمنتجعات دون أن يشاركوا في الحياة العامة من خلال التعاطي مع منظمات المجتمع المدني وتوسيع دوائر الحوار معها ومن خلال المنتدبات والمناسبات القومية بمعنى أن يتحرك العرب إيجابياً لكسب ثقة وود الأفارقة وأن يكون للعرب دور في حل النزاعات العرقية والطائفية من خلال وساطات بين القوى المتنازعة وهذا لن يكون بدون الشق الآخر وهو الدعم والمساندة الاقتصادية أخذا في الاعتبار المصالح المشتركة بين العرب الأفارقة والتي تتغذى في جانب كبير منها على وحدة العقيدة خاصة في البلدان التي يمثل المسلمون فيها غالبية السكان ...وأرى في هذا السياق ما يلي /
1. زيادة حجم المعونات والهبات والمنح إلى الدول الإفريقية كمساهمة عربية في إقامة البنية التحتية في هذه الدول (كشق الطرق وخطوط المواصلات والاتصالات ) فضلاً عن المساهمة في مكافحة الأمراض المتوطنة وإنشاء المستشفيات والمدارس .
2. تخصيص مبالغ لأقراض هذه الدول بسعر فائدة مميز ضئيل ويسدد على آجال طويلة .
3. العمل على إقامة استثمارات مشتركة في مجالات الزراعة والتصنيع وهذا يعمل على تحقيق فائدة للجانبين .
4. فتح أبواب الجامعات والمعاهد أمام الأفارقة وهذا التوجه بالذات يخلق ترابطاً عضوياً وثقافياً بين الخريجين والعرب يمثلون مخزوناً من رجالات المستقبل المرتبطين بالدول الذين درسوا وعاشوا فيها (كانت فرنسا رائدة في هذا التوجه أبان استعمارها لبعض الدول الأفريقية .
5. زيادة حجم التبادل التجاري بين الدول العربية والإفريقية وتعظيم التواجد العربي فيها من خلال إقامة المعارض الدولية والبعثات الترويجية .
... أخيراً يجب أن نسلم بأن الأفارقة ليسوا في حاجة إلى جحافل الدعاه بقدر حاجتهم إلى قوافل الطعام ... فهل يدرك العرب ذلك ؟؟
ولكن أين الدور المصري ؟ خاصة وأن إسرائيل نجحت بالفعل في التواجد في أفريقيا خاصة دول حوض النيل والتي كما سبق الاشارة أن زار وزير الخارجية الإسرائيلي عددا منها (أثيوبيا / كينيا / أوغندا) وتكاد تكون الدول الثلاث المورد الرئيسي لحصة مصر من مياه النيل (86% أثيوبيا ، 14% من باقي دول الحوض ) ... ولعلنا ونحن نركز على مصر فيما يتعلق بمواجهة التغلغل الإسرائيلي فإن هذا راجع لكون مصر الدولة المحورية عربياً وأفريقياً لما تمتلكه من حقائق الجغرافيا والتاريخ والكفاح المشترك والخبرات المتراكمة في التعامل مع أفريقيا فضلاً عن أهمية أفريقيا عموماً ودول حوض النيل خاصة على الأمن القومي المصري وهو ما ستعرض له لاحقاً ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الأمريكي يهدد بإيقاف إمداد إسرائيل بالأسلحة إذا اجتاح


.. طائرة شحن من طراز بوينغ تهبط بدون عجلات أمامية في اسطنبول




.. سيفا الأمير عبد القادر المسروقان يعرقلان المصالحة بين الجزائ


.. صحيفة إسرائيلية: تل أبيب تشعر بالإحباط الشديد إزاء وقف واشطن




.. مظاهرة مرتقبة رفضا لمشاركة إسرائيل في مهرجان غنائي بمدينة ما