الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التهمة المعلّبة -من مذكرات معتقل سياسي علويّ-

طالب إبراهيم
(Taleb Ibrahim)

2009 / 9 / 27
كتابات ساخرة


كاد لوني يغرقني, وكنت مضرباً للسخرية أينما ذهبت.
لقد كنت أشقر في عالم من السمر.
ماذا يعني أني أشقر؟!
ماالمانع إذا كانت أمي كذلك؟!
لكن من يهتم...
بعد أن قتلني لوني, أكلني اليسار الجديد. المعارضة الشيوعية المتجدّدة, في بلد لا يعرف إلا البعث وأقزامه المتناسخون.
بتّ أخشى على نفسي من الإعتقال, أخشى السلطة وكلابها الشاردة والواردة والناطرة هفوةٌ مني أو من أحد أصدقائي الكثر,السمر والحمر والخضر ومن كل الالوان.
وجاءت الأخطاء الخصبة, فساقوني إلى السجن مع جمع غفير من الألوان والأحجام والأديان والطوائف.
في التحقيق, وبالإضافة إلى حقيبة الشيوعية, أوكلوا إليّ حقيبة الطائفة العلوية.
كان المحقّق العلوي يقول:
أنت عارٌ على الطائفة العلوية..علويٌّ وتعارض؟!!..إذا عارض السّني قلنا عادي..فهو من طائفة معادية...إذا عارض الدرزي..عادي..فهو من طائفة معادية..الإسماعيلي...معادية ..المسيحي.. الكردي.. كله مفهوم..لكن أنت علويّ وتعارض.. بشرفي لادبحك يا "عرصى" وقد كانت "عرصى" تخرج من أعماق قلبه.
بين تهمة الشيوعيه والعلويه ضاع ما بيَ..
ضاع بأسي, وضعت بين مطارق النظام, ومناجل الطائفة, وما أكثرها,وأحدّها..
من حسن حظي أو من سوئه لست أدري..!! كان في السجن معتقلون من كل الأمم والملل والنِّحل..
ومن تنظيمات أصولية, وأخرى أكثر أصولية وتحريمية, وتنظيمات تحررية, وأخرى أكثر تحررية, وبعثية وأكثر بعثية..وانتبهت مرة أخرى, أني علويّ..
التهمة نفسها, لكنها أتت هذه المرة من المعارضة ..مرة من السلطة, ومرة من المعارضة. لكن الحق يقال :"المرّة التي تخص السلطة, كانت أكثر من المرّة التي تخص المعارضة.."
ـ أنت علويّ..؟!!
ـ نعم ..ماذا يعني ذلك..؟!
ـ لا شيء..
ـ ما المانع..؟
ـ...........
بعد سنوات عرفت أنها تعني سلطة..رغم أني في المعارضة.. ومعها.. ومعتقل سياسي لأسباب تخص نشاطي السياسي المعارض للنظام..أنا علويّ: أي أنا سلطوي بالدرجة الأولى وبالدرجة ما قبل الأولى ...." يالطيف "..
أنا المنبوذ من طائفته بسبب معارضته. المحروق من نار السلطة. الملعون " أبو أبوه " من أجهزة النظام وأعوانها وكلابها وجرذانها وفئرانها .. بتّ في عين بعض المعارضة, علويّا بن علويّ..
ـ أنا خارج الطوائف..أنا خارج الدين أصلاً..!! إذا كنت تعتبرني سلطويّاً فكيف تفسّر سنوات سجني الطويلة..؟!
ـ لا يهم..
ـ لا أريد أن أقنعك بشيء.. فأنا أحمل فوق رأسي تهمة أينما ذهبت.. فلا بأس عليك.. أو منك.. أو فيك.. أو فوقك....لكن من يهتم..؟!
وخرجت من السجن, وسلّم عليّ القليل القليل, وشتمني الكثير الكثير, حتى حين تفرّغت للعمل الثقافي مثل معتقلين كثيرين, لم أنجُ لا من الشتائم ولا من النظام..
كنت أقول أني خرجت من ساحة السياسة إلى ساحة الثقافة, وكانوا يستغربون ويتساءلون:
ما الفرق..؟! الثقافة صلب السياسة.. " أنت تعمل من تحت لتحت.." ثم يسمعوني:
يا لسعة صدر السلطة.. يا لرحمتها .. تطلق سراحك وأنت تحمل كل الأفكار السيئة...يا لعفوها... يا لصبرها...
وكنت أقول في سرّي طبعاً ..يا لعفونتها وعفونتكم.. لكن من يهتم..
أنا الآن في بلد آمن, أعتقد أني وصلت إلى برّ الأمان, ,أتمنى ذلك..
لا أخشى من السلطة, مع أنها معلّقة بأطراف ثيابي..لا أخشى من الطائفة المتعِبة والمتعَبة..
لا أخشى من المعارضة لأني موسوم بطابعها السياسي..
لا أخشى من الناس, فقد أخرجوني منهم, أو أخرجتهم مني ..
من يهتم..
على الرغم من لوني, وربما أصبح بلا لون..لكن ماذا أفعل ؟
إذا كانت لغتي سمراء, وثقافتي سمراء, وقلمي أسمر, ومازلت أشعر تحت ملامسي البيضاء, بالتربة السمراء..... لكن من يهتم...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر