الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطورة الاستبداد

مصطفي عبد العال

2004 / 5 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


لسنوات طويله عشنا كعرب تحت سطوة الاستبداد ولاننا لم نعد نري في حالة الاستبداد ذاتها مسألة خطيرة بل ولاحتي مزعجة لتأقلمنا مع ما ينتجه الاستبداد من مهانة وتحقير لادميتنا ولشعورنا بالمواطنة متصورين ان هذا وضع يمكن احتماله والتعايش معه, دون ان ندرك تبعات هذا الاستبداد والتي غالبا ما تكون اكثر خطورة من الاستبداد نفسه او من حالة التأقلم التي نعيشها, تصورا منا انها نهاية مطاف, ورغم خطورة ذلك الواقع الا انه غالبا ما ينتج تبعات اكثر خطورة مما هو عليه في الاصل ولعل من اكثر تبعات الاستبداد خطورة هي افرازه لصيغ ولمنظرين ومبررين لهذه الصيغ قد تتسبب في القضاء علي الاخضر واليابس برغم ما يعانيه العالم العربي من تصحر بيئي وفكري بل وادمي لم يبق علي اي اخضرار بخلاف الكتاب والعلم الليبيين
واذا ما حاولنا البحث في مخاطر الاستبداد او بشكل اكثر دقة مخاطر مابعد الاستبداد والقبول بوجوده فاننا نتصور ان من اهم هذه المخاطر استمرار ازلام السلطات الاستبدادية وابواقها في تريد فكرة خيانية المعارضين فما ان يبدأ احد في الاشارة الي لصوصية الحاكم او ديكتاتوريته او حتي اعاقاته الذهنية حتي تنبري تلك الابواق الوضيعة, في الحديث عن المخطط الخارجي الذي يسعي لاختراق الوطن وان هؤلاء المعارضين ليسوا الا مخلب قط لتلك السياسة الخارجية التي تسعي الي سلب الاوطان والحقيقة ان نجاح هذه الابواق في مهمتها كان كبيرا فما اكثر الشرفاء الذين ارتعبوا من ان يوجهوا كلمة نقد لانظمة عفنة خوفا من ان يتهموا في شرفهم الوطني كما ان الامثلة عديدة ايضا عن من تم التمثيل بهم نتيجة لتجرئهم علي التصريح بما يرونه في شؤون الوطن فاعتقلوا او اجبروا علي هجر الاوطان وكانت تهمتهم ليست انهم يعارضون بل انهم خونة و عملاء وجواسيس.
ومن اخطر النتائج التي يسفر عنها هذا الوضع انه ينجح في ان يشل قدرات الامم ويجعل عقولها مرتعبة الا ان الخطر الاكثر تدميرا هو ان هذه الانظمة ونتيجة لاستمرائها لحالة الاحتكار الشامل سواء للتفكير او الفعل نيابة عن الامة وعن عقولها قد وصلت واوصلت الاوطان التي تحكمها الي حالة من الركود او قل الموات الذي اصبح عبئا علي الحركة السياسية بمعناها الانساني او الكوني فالدنيا من حول العرب تتحرك سلبا وايجابا وهذه الحركة التي استمر العرب خارجها ترفع قوي سياسية وتسقط قوي اخري بينما العرب بانظمتهم وسياسييهم قابعين حيث هم منذ عقود طويلة اقتناعا منهم ان هذا هو الاستقرار, لذا فان الصدام المحتوم والذي بدأ في الاعلان عن نفسه عبر ظواهر احتلال صدام للكويت وما تبعه واقرار الولايات المتحدة لسياسات الحصار ومن بعدها سياسات الغزو اضافة الي احداث الحادي عشر من سبتمبر كل ذلك بما نتج عنه من ترتيبات وانهيارات ادي الي ان تصبح الانظمة العربية في وضع اقل ما يمكن ان توصف به انه مرتبك ذلك لانها كما ذكرنا استمرأت الوضع الذي عاشته لعقود طويلة وبالتالي عجزت عن ايجاد صيغ لتطوير الواقع السياسي والاجتماعي في الاوطان التي تحكمها خصوصا انها نجحت في ارعاب العقول النقدية نتيجة للارهاب الجسدي والمادي والوطني المتمثل في اشهار سيف التخوين والعمالة امام كل معارض او ناقد اوحتي مستخدم لقدراته العقلية ولقد ادت التفاعلات الناتجة عن ذلك كله الي ان وصلت الانظمة الاستبدادية الي نقطة لم يعد امامها مساحة للمناورة من اجل التعامل مع مجمل التغيرات السلبية والايجابية التي حدثت في الكون السياسي علي مدي سنوات استمتاعها بالبقاء كما هي وبابقاء مجتمعاتها خاملة غير متفاعلة كل ذلك ادي الي ان المساحة الوحيدة تقريبا امام تلك الانظمة او ما تفرزه من رحمها كانظمة بديلة من اجل ان تتمكن من التعامل مع مايحدث في العالم هو التسليم للخارج او بشكل اكثر وضوحا هو التحول الشامل الكامل لخيانة الاوطان من اجل الاستمرار في السلطة بالشكل الذي تريده وبمساحات زمنية لامحدودة تستطيع عبرها تفادي حتي الموت البيولوجي نفسه عبر اقرار نظام التوريث الجمهوري
وهكذا نجد انفسنا كعرب امام ظاهرة تستحق الدراسة ويمكن تلخيصها فيما يلي ان الانظمة التي اعتمدت علي ارهاب المحكومين بسيف التخوين والطعن في شرفهم الوطني هي نفسها التي سوف تبيع الاوطان وما علينا الا ان ننتظر لاننا لانملك اي قدرة علي الفعل لنري كيف ستنجح ابواق هذه الانظمة في تبرير واقرار الخيانة بعد ان نجحت في تبرير واقرار التخوين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #بايدن يدافع عن #إسرائيل.. ما يحدث في #غزة ليس إبادة جماعية


.. بدء مراسم تشييع الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي ومرافقي




.. هل هناك أي نوع من أنواع الامتحان أمام الجمهورية الإيرانية بع


.. البيت الأبيض.. اتفاق ثنائي -شبه نهائي- بين أميركا والسعودية




.. شوارع تبريز تغص بمشيعي الرئيس الإيراني الراحل ومرافقيه