الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يصبح الإصلاح وهما عربيا!

باتر محمد علي وردم

2004 / 5 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


لا توجد في بيان الإصلاح العربي أية آلية تنفيذية لتحقيق ايا من الأهداف التي حددها البيان بل هي مجرد مجموعة من الفقرات التي لو قام طالب سنة أولى في العلوم السياسية بكتابتها لحصل على درجة راسب بامتياز!
وهذا البيان هو بمثابة "رفع عتب" أمام الإدارة الأميركية أكثر من كونه بيان التزام بالإصلاح أمام الشعب العربي، لأنه يتضمن نوايا لفعل المعجزات ولكنه لا يتضمن آلية واحدة لتحقيق ذلك أو جدول زمني للوصول إلى أهداف محددة، أنه بيان براءة من قبل النظام العربي الرسمي أمام اجتماع الدول المانحة، ورجاء حار للولايات المتحدة ألا تستمر في الضغوط على النظام العربي.
ما هو دور الأحزاب والمنظمات المدنية والسياسية العربية في هذا الجدل بين النظام العربي والولايات المتحدة؟ من الواضح أن النظام العربي الرسمي يشعر بخطر حقيقي من الضغط الأميركي وإلا لما تعامل مع قضية الإصلاح بهذه الجدية اللفظية، فمن الواضح أن النظام العربي في سبيل إنقاذ نفسه قرر إدخال مصطلح غير مرغوب فيه مثل الإصلاح على أجندة البحث العربية الرسمية للمرة الأولى.
ولكن معظم الأحزاب والقوى السياسية العربية، وبناء على عدائها المطلق للسياسة الأميركية وجدت نفسها إلى جانب النظام العربي الرسمي في رفض الإصلاح من الخارج، وباتت منظمات عربية ديمقراطية وقوى وأحزاب سياسية تردد نفس الكلام الذي تردده الحكومات العربية حول وجود ثقافة الإصلاح في العالم العربي وإننا لسنا بحاجة إلى دروس من الولايات المتحدة في الديمقراطية ، ولكن هذا الكلام المعسول لن يخرج سجين رأي عربي واحد من معتقله، ولن يمنح مواطن عربي واحد في بلد تسلطي فرصة الإدلاء بصوته لتغيير الحكومة أو اختيار مثليه في الانتخابات، ولن يسمح لصحافي عربي حر واحد في كتابة انتقاد منطقي لحومته بدون أن يعاقب.
نعم لا تحتاج القوى السياسية الديمقراطية العربية لدروس في الديمقراطية من مجرمي ابو غريب ولكن تحتاج بكل تأكيد إلى ضغط سياسي أميركي على النظام العربي الرسمي لتحقيق الإنفراج والإصلاح الداخلي لأن هذا النظام عاجز تماما في بنيته السياسية والثقافية على تحقيق الإصلاح ذاتيا بدون ضغط، وقد تأكد تماما بأن الضغط الأميركي هو الوحيد الذي يؤثر فعليا على النظام العربي الرسمي.
سيكشف التوجه الأميركي في طريقة عرض "مشروع الشرق الأوسط الجديد" في مؤتمر الدول الصناعية الأسبوع القادم مدى النجاح الذي حققه النظام العربي الرسمي في إفراغ قضية الإصلاح من محتواها العملي، فإذا أقرت الولايات المتحدة "بخصوصية الدول العربية" وأن الإصلاح يمكن أن يحدث بشكل مختلف بين كل دولة وأخرى فهذا توجه مناسب لدول تمكنت من المضي قدما في تطبيق بعض مراحل الإصلاح مثل الأردن وتونس ومصر والمغرب والبحرين والتي يمكن أن تكافأ اقتصاديا على توجهها الإصلاحي التدريجي ولكنه سيعني أيضا بأن بعض الدول الأخرى لا يمكن أن تحقق أدنى قدر من الانفتاح الديمقراطي في حال تم تخفيف الضغط الخارجي عنها وهي أنباء سيسئة لمواطني هذه الدول حتى لو كانوا من اشد المتحمسين لرفض "مشروع الشرق الأوسط الجديد" وتوجيه الدعم والمساندة للأنظمة التي اكتفت ببيان تونس العمومي الذي لا يتضمن أي التزام جدي نحو تحقيق الإصلاح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-