الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مذكرات - قط - في بلد عربي(2)

لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان

(Lama Muhammad)

2009 / 9 / 28
الادب والفن


لم أترك الشوارع إلى المجلس( القطقوطي) حبا بكميات هائلة من الفئران ، و لا من أجل أن أنتقل للسكن في قبو بيت " عادل " ..وزير بشري لديه من الطعام في القمامة ما يفيض عن حاجتي مع أمي ، زوجتي ، ابني (مينوش)، و جميع أقاربي في الجوار...
تركت الشوارع لأساهم في استمرارية الحضارة( القطقوطية )التي تتميز عن حضارتكم يا بشريين بأنها لم تجهز على أبنائها يوما ...
و إذا كنت قد بدأت بنقل مذكرات جدنا الأكبر( هرهور المقطقط ) ، فهي ما وصل إلينا منذ بدأت كتابة التاريخ القطقوطي بطريقة منظمة ، و من دون تلفيق .
أي أنني أمسكت بتاريخ القطط من لحظة موثوقة، محترما بذلك عقول أطفالنا التي ستكبر و تقرأ...
أتابع النقل بأمانة ، و أقسم مجددا بأني لن أزوّر حرفا واحدا ...
ملاحظة :
التاريخ الذي يترك فارغا غير موجود في الأوراق التي أملكها ، ربما أكله الزمن ، أو محاه المستفيدون ...

اليوم 6-تموز-1920
-حدثني(غبور ) فيما كنّا نطارد فأراعن البنادق الحديثة التي يستخدمها البشر،قال لي أنها تصنع من مواد تشبه حاويات القمامة ، و لكنها تطلق الحجارة بقوة فتقتل ...و عندما أخبرت أختي "بسّه" بذلك فتشت البيت كله قبل النوم خوفا من حجرة مختبئة هنا أو هناك ، و هي تولول : معقول يقتلون بعضهم تماما (استحوا الكلاب يعملوها)، ما الذي يستحق ، ولا مليون فأر ...
-كنت قد سمعت في ذلك اليوم بالضبط أنّه قد تم تخريج الدفعة الأولى من المحامين في كلية الحقوق .
-بينما كان يقسم الفأر قسمة عادلة شرح لي (غبور ) معنى كلمة محامي قائلا :
المحامي قط بشري قادر على منح الراحة النفسيّة للمجرم قبل إعدامه .
تذكرت ذلك التعريف عندما ولولت "بسّه"، و قررت أن أريحها وأخبرتها أن حاوية الزبالة التي نقطنها لن تتحول سلاحا لأن البريطاني "ستيف " و عائلته هم من يلقون فضلاتهم بها ..
و صدقتني ..يالغباء النساء ، فعلا نصف العلم أخطر من الجهل...

اليوم 12-آب-1920
مضت ثلاث سنوات تقريبا على مقتل "قطيطة"، أي ثلاث سنوات على تحولي إلى مترجم (قطقوطي) أليف (أموء) بثلاث لغات كي أكسر روتين القطط الشرقية ، و أستضيف إلى مائدتي فاتنات القطط الشقراء ،و السيامية ..ليس بغرض سيء ، بل من أجل محاولة الانتقام ل "قطيطة" التي لم تغادر أحلامي منذ وفاتها ...
كان بشر البيت الذي يطل على قمامتنا بريطانيين ، سمعتهم يتحدثون عن ثورة العشرين ، كان حديثهم صاخبا ، و عصبيا ، صاحب البيت كان يصرخ كمجنون :
لا تضربوهم ، دعوهم يضربون بعضهم ...
و لم أكن أعلم ما يعنيه فبحسب جرائدنا (القطقوطية )الحرب العالمية الأولى انتهت منذ عامين .
المهم نسيت أن أكتب أن زوجتي السافلة هجرتني مع قط (جربان) منذ ثلاثة أيام ...بالناقص.

اليوم ...-تشرين الثاني – 1920
أشتكي الحب من جديد ...
ماتت "قطيطة " منذ زمن بعيد ، لم أعد أذكر حتّى لون عينيها ، و عمري اليوم سبع سنوات يعني في عز شبابي( القططي) ، و الحي أبقى من الميت كما يقول البشر .
من ماذا تشتكي "نانا " ، عليها كل (ميو) و لا تغريد العصافير كما أنها قطة شقراء و رشيقة ،أقلها تنسيني زوجتي السوداء البدينة.
وبما أنها المدللة الأولى لزوجة البريطاني"ستيف" الذي يمضي لياليه مؤخرا في الصراخ فهي حتما ستمهد لي الطريق للتطور ، و فتح معمل الفئران المعلبة الذي أحلم به طوال حياتي.
فلقد استفدت تماما من كلام "ستيف" الذي كان يخبر زوجته كيف ملأ جيوب الكثيرين مقابل قيامهم بمنع انتشار ثورة العشرين ...و مع أني لا أعلم ما هي ثورة العشرين ، لكني سأحاول تعبئة كامل حاوية القمامة التي أقطنها فئران...

اليوم 23- آب – 1921
مضى وقت طويل على عشقي ل "نانا" نسيت خلاله كتابة المذكرات ، و صيد الفئران ، كما نسيت تماما طموحي بمصنع الفئران المعلبة ، هجرنا معا القمامة الفخمة ، و صرنا من قطط السكك ، كله يهون في سبيل الحب ، مغفل يا أنا.
جارنا البشري الجديد يرتدي ثيابا مهلهلة ، و يراقب الشارع من الشباك ليل نهار (حرمنا القعدة مع المرا) ، اليوم كان يتحدث إلى نفسه :
لالالالا نصبوا ملك ...طيب أين الدولة المستقلة ،لالالالا...المهم يكون فيه شعب ليكون فيه ملك ...(مش مهم) وجود دولة مستقلة لالالالا...
ثم بدأ بالصراخ على زوجته : حطي على وجهك يا بنت (الشلب).
بحثت في كل القواميس عن معنى كلمة (شلب) و لم أجده ، قالت "نانا "أكيد هو( مبسوط) بالملك ،و يغازل زوجته و يقول لها كلام ربما نوع من الكاتو أو البسكويت .
كاتو! بسكويت ! ، (شلب) أسهل.
يا أحفاد الحضارة (القطقوطيّة ) نعست أنا اليوم ( بكرا بكمل) المذكرات.

يتبع...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سلامي
لؤي عجيب ( 2009 / 9 / 28 - 15:30 )
التغيير مهم جداً
أراك بوضوح كبير في سلسلة الأسرار
جديدك جميل
لكن قديمك أعمق
تحياتي لك دائماً


2 - معك حق
نور ( 2009 / 9 / 28 - 16:31 )
معك حق يادكتورة لمى كي نفهم ماذا يحدث في هذه الأيام علينا أن نفهم ما حدث في تلك الأيام. تحياتي


3 - سرياليه
عبود العراقي ( 2009 / 9 / 28 - 19:50 )
سيدتي ألدتوره لمى
أتابع كتاباتك ألرائعه ..أليوم لوحه سرياليه , بأسلوب أسترجاعي جميل ..ما تكتبيه ثر بحق ..شكراً لك ولقلمك ..


4 - قـطـط سـيـريـالـيـة
أحـمـد بـسـمـار ( 2009 / 9 / 28 - 19:54 )
Iهل تأملين يا سيدتي الغالية ان يفهم العامة ما تكتبين؟ كم أتمنى ذلك حتى يقفز تصنيفنا من العالم الألف وثلاثة وثلاثين, إلى السابع والسبعين على الأقل....من يدري؟ وحتى نلتقي في سطور قادمة... آمل لك ديمومة الحياة والكتابة... ومزيدا من القطط الناعمة...
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد القطط المرفهة

قطط سريالية = chattes surréalistes*


5 - إلى سيدة المواسم الجدلية ... الف تحية وتحية ...!؟
س. السندي ( 2009 / 9 / 28 - 22:00 )
من قال عكس ذالك فهو واهم ... فعالمنا اليعربي سيدتي لازال ملئ بالقطط الوحشية ... لان الانثى عندنا هى من تعطيه الرجولة والعنوان والهوية ... رغم كل الحفلات الارستقراطية والموسيقية ... فدون مخالب لا يستطيع العيش لحظة ... فوسائل الترفيه لاتعنيه أبدا والعقلانية ... فأنت سيدتي ألاتدركين مثل هذه القطط تموت وتذبل لوعاشت برقة وحنية ... لان ماتذهبين إليه بعيد كل البعد عن صفاتها ، ولن تتغير حتى لو عبرنا بها البحار وتم تدوين القظية ...وشكرا لك ياسيدة الورد والمواسم الجدلية .....!؟


6 - أكثر من رائعة وأسلوب ممتع
عبد الوهاب المطلبي ( 2009 / 9 / 29 - 13:48 )
ارق تحاياي
مع تقديري واحترامي


7 - لم اعرف انه جميل
منتظر ( 2009 / 9 / 29 - 18:58 )
لو اني اعرف ان القطط تفكر بهذه الطريقة لتمنيت ان اكون قط لان انسانيتها القطقوطية تفوق انسانية بني البشر ....دمتي رائعة دكتورة حقيقة ان هذة المذكرات لوحة لاتحتاج سوى خيال واسع حتى تكتمل جماليتها ... لا يسعني سوى ان اشكر الله ان هناك اناس يفكرون بانسانيتهم ........... عن جد شكرا يقولها قلبي ولساني قبل ان تتلاقفها اناملي


8 - ردود...و تحية
د.لمى محمد ( 2009 / 9 / 29 - 23:56 )
الأخ الشاعر لؤي عجيب
يسرني صدقك الجميل في التعليق ...تحياتي

الأخ نور
التاريخ يعيد نفسه مقولة شائعة و قديمة ،لكن قلة قليلة من يستفيدون من هذه المقولة...تحياتي

الأخ عبود العراقي
شكرا لكلماتك ...تحياتي

الأخ أحمد بسمار
التواريخ الواردة أعلاه موثقة ،فلنأمل إذا بأنه من لا يفهم سيعرف مثلا: تاريخ ثورة العشرين في العراق...تحياتي

الأخ الشاعر س . السندي
شكرا لكلماتك التي تغني كقصيدة،أدرك تماما صعوبة التغيير ،و سرني فهمك للقصة ، لكن شرف المحاولة يكفيني ...ملاحظة: لقد أمسى لقبي في البيت( سيدة الورد و المواسم الجدليّة ) بعد أن أعجب به زوجي وأهلي و حفظوه...تحياتي

الأخ الشاعر عبد الوهاب المطلبي
يسعدني حضورك الدائم ...تحياتي

الأخ منتظر
نحن بحاجة لأمثالك يا أخي لنحاول إصلاح ما يمكن إصلاحه...تحياتي

د.لمى محمد

اخر الافلام

.. كاظم الساهر: العاصمة الإدارية الجديدة مبهرة ويسعدنى إقامة حف


.. صعوبات واجهت الفنان أيمن عبد السلام في تجسيد أدواره




.. الفنان أيمن عبد السلام يتحدث لصباح العربية عن فن الدوبلاج


.. الفنان أيمن عبد السلام يتحدث عن أسباب نجاح شخصية دانيال في ل




.. فيلم ولاد رزق 3 بطولة أحمد عز يقفز لـ 193 مليون جنيه منذ طرح