الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
حرکة التغییر فی کردستان العراق : خلفیتها و آفاقها 1 من 2
عدنان كريم
2009 / 9 / 29مواضيع وابحاث سياسية
بات فی حکم المؤکد مشارکة حرکة او تیار التغییر الکردستاني فی الانتخابات النیابیة القادمة المزمع إجرائها فی کانون الثاني لعام 2010 في العراق . وقد شهدت الساحة الکردستانیة في تموز الماضي اثناء الإنتخابات التي جرت ، إکتساح هذه الحرکة لیس لمقاعد البرلمان الکردستاني بل ولمجمل الحیاة السیاسیة في الإقلیم بشکل لازالت موضع نقاشات حادة في الأوساط السیاسیة و الفکریة و الثقافیة فی کردستان . وقد دلت ولادة الحرکة والزخم الهائل الذي صاحب إستهلال نشاطها والروح الدینامیة التي إعتری حملتها الإنتخابیة في کردستان ، من ضمن ما دل ، علی حیویة المجتمع الکردستاني والروح الوثابة في صفوف جماهیرها و الحاجة الملحة للتغییر علی مختلف الصعد بشکل خاص.
لقد أثارت ولادة هذه الحرکة أسئلة عدیدة وأعادت طرح الاسئلة القدیمة بشأن جملة من الهموم و القضایا التي تتجاوز بطبیعتها قشور المجتمع و الحیاة السیاسیة في کردستان العراق لتطال جوهر الأمور و بواطنها.
ادناه محاولة لإستکشاف نقدي مستقل ، تدعي الموضوعیة ، لبعض الهموم والزوابع التي أثارها هذه الحرکة من منطلق ما لها و ماعلیها.
ما وراء حرکة التغییر
لا تشذ قصة نشوء هذه الحرکة عن مجمل الحرکات التي تنمو في خضم ازمة بنیویة شاملة تعتري أغلب مناحي الحیاة في مجتمعات العالم الثالث أو النامي أو المتخلف ( سموه ما شئتم !! ) سوی خصائصه المتمیزة للمجتمع الکردستاني في المرحلة الراهنة . فالحزب أو الإئتلاف الحاکم ینخر صفوفه الفساد و یستشري البیروقراطیة اجهزة الحکم والإدارة ویتسع في الوقت ذاته الهوة بین السلطة والشعب مثلما یبدأ التململ و التذمر یأخذ أبعادا واسعة حیث ینمو بین قوی الأمس الصراع لیتخذ في نهایة الأمر أبعادا جدیدة و حادة . کما إن مثل هذه الحرکات السیاسیة لا تلد من رحم المبادئ أو لم تعد تلك قاعدة صحیحة في هذه المرحلة علی الأقل مثلما لا تتبنی الحرکات السیاسیة الراهنة نهجا` فکریا` واحدا و مستقلا وجامدا و ینطبق ذلك بصورة جلیة علی حرکة التغییر التي دخلت المسرح السیاسي الکردستاني مؤخرا. یجدر ذکره هنا بأن معادلة الیمین و الیسار والإستقطاب التقلیدي بینهما لم یعد في هذه المرحلة ما یمیز الحیاة السیاسیة في کردستان العراق. هکذا هو حال حرکة التغییر الکردستانیة حیث لا تعرف نفسها ، وهي لیست بالفعل حسب رأیي ، تیارا یمینیا او یساریا .
وهنا تختلف صورة الاحزاب الکردستانیة في ذهن المواطن الکردي عما هو سائد بصددها لدی المواطن العراقي إذ بات لا یری الجماهیر الکردیة بأکثریتها في الوقت الراهن في الأحزاب الکردیة سوی ثلة من مدمني الحدیث عن التراجیدیا الکردیة التي مل ضحایاها من سماع روایة اولئكلذلک السفر التراجیدي لما تنطوي علیها من إسفاف سیاسي وإنتهازية مفضوحة حیث یدعي قادة تلك الأحزاب شیئا و یمارسون نقیضها في الوقت عینه . کما إن التأکید المتواصل علی حقائق مثل إستمرار المخاطر المحدقة بالشعب الکردي محلیا و إقلیمیا أو السعي لتأبید نزعة الشعور بالإضطهاد لدی الکردي والعمل المتواصل لإعادة إنتاج عقدة الإضطهاد لدی الکردي من قبل زعیمي الفصیلین الرئیسیین ورهط کامل من الکتاب و المثقفین المدفوعي الأجر سلفا لا تأتي کجزء من مهمي اشمل لرسم صورة واقعیة لمسار نضال الشعب الکردي وتحدید ملامحه و تشخیص عوائقه کما هو مطلوب من قبل القوی السیاسیة المسؤلة ، بل هو کما بات یظن أو یشك معظم الأکراد هو جزء من مسعی أکبر لتخلید دورهم و إعادة إنتاج موقعهم الراهن وإستمرار تبؤهم السلطة سواء في کردستان أو في العراق بإسم شرعیة القضیة الکردیة . ولا أعني هنا بالدرجة الأولی سوی الحزبین (( الرئیسیین )) أي الحزب الدیمقراطي الکردستاني و الإتحاد الوطني الکردستاني. وضعت (( الرئیسیین )) بین معترضتین لأنها سمة یزهو بها اولئك مثلما هي واحدة من الکلیشات الجاهزة التي بدأت أضلاعها أو بالأحری أحد أضلاعها بالسقوط لصالح حرکة التغییر بعد فوزها ب 25 من مقاعد البرلمان الکردستاني بالرغم من اللغط الکثیر عن عملیات تزویر جرت کما یزعم علی نطاق واسع من قبل تحالف الحزبین و خاصة من قبل الدیمقراطي الکردستاني بشکل ممنهج و منظم.
وفي مجتمع لم یتمکن شتی صنوف الإرهاب البعثي وحتی في مرحلة الأنفال التي تم فیها حرق الأخضر مع الیابس من ثلم سمعة العمل الحزبي حیث کان نفوذ الأحزاب من الناحیة الجماهیریة کبیرا وإن کان النفوذ بالمعنی الحرفي متدنیا ، وکان الإرهاب البعثي یحصد الرؤوس و النفوس الکردیین بالآلاف حیث کان الإنتماء الکردي تعد من الناحیة العملیة جریمة ینبغي إثبات نقیضها . إلا إن رؤیة المواطن الکردي للأحزاب و خصوصا لکوادر و قیاداة الحزبین الرئیسیین بات الآن رؤیة ممزوجة بالتشفي والضغینة علی رهط ما برحوا یسامون (( مواطنیهم )) الهوان و الذل و المرارة والجوع والخذلان و ما هو أمر منها جمیعا : الشعور بالخسارة !!! أي خسارة قضیة عادلة بات یعرف بها الکردي أینما سار منذ الحرب العالمیة الثانیة . وهکذا فالجدلیة التي کان لا فکاك منها بین الکردي والحریة التي جسدتها (( القضیة الکردیة )) بات موضع شك وسؤال. السؤال والشك لیس بصدد کنه القضیة و سمتها العادلة بل بصدد الزواریب التي تم زج هذه القصية فیها والأدران التي لفها نتیجة للممارسات المشینة للحزبین المذکورین والنمط المتهريء للسلطة والإدارة التي تم تشییدها وتسویغ کل التاریخ المشین لنهبهم للبلاد منذ 1991 بالهم والتراجیدیا الکردیة الثریة فعلا .
هکذا بدأت حرکة التغییر ولوج العمل السیاسي الرسمي منذ تصریح موجهم الأول نوشیروان مصطفی قبل أسابیع من موعد إجراء الإنتخابات البرلمانیة في کردستان في 25 تموز بأنهم سیخوضون معترکها بقائمة مستقلة و لیس ضمن مؤسسات الإتحاد الوطني الکردستاني. ولم یتعدی الإطار السیاسي العام لهذه الحرکة سوی الإنطلاق من حقیقتین لا غبار علیهما ولا یتطلبان جهدا خارقا لإثباتهما ألا و هما :
اولا : أصبحت القضیة الکردیة وتحقیق الحقوق القومیة للشعب الکردي یحیطها الغموض أکثر من السابق وتم إدخالها في مزاریب داخلیة و إقلیمیة و دولیة مجهولة وقد تمت بعد سقوط النظام السابق المقامرة بحقوق و مکتسبات منجزة ومتحققة کبیرة مقابل وعود دستورية هشة ومطاطیة وهلامیة مثلما إن السلطة الراهنة بات ، ثانیا ، لا تربطها شيء مع التطلعات التحرریة والعادلة للشعب الکردي التي کان یحلم بها وناضل من أجلها طوال عقود ضد النظام الدکتاتوري السابق . فالنضال من أجل دحر الإضطهاد القومي وتحقیق الفیدرالیة أو أیة صیغة أخری لحل المسألة الکردیة لا ینبغي أن یتحول إلی ستار لنهب ثروات البلاد و التحکم بمصائر شعب بکامله ، بمقدراته و ثرواته و سائر خیراته ، وسلب قرار شعبه فیما یخص مصیره و نمط نظامه السیاسي من قبل فئة قلیلة باتت تسیطر لیس علی ثروات البلاد فقط بل وأقام جهازا إداریا قل نظیره لخدمة عملیة النهب المذکورة تشبه في تخلفها ما کان قائما أواخر العهد العثماني في العراق .
لقد أصبح النهب و الرشوة و الفساد والرذیلة والأنحطاط الإداري وغیاب أبسط متطلبات الشفافیة والنزاهة و معاییرالمواطنة وشیوع التزلف والمداهنة وتخلف الخدمات العامة والبیروقراطیة الإداریة والروتین و سیطرة الحزب بل و إبتلاعه لسائر مرافق الحکومة و الدولة بل والمجتمع بسائر مؤسساته و حتی البعیدة ظاهریا عن الشأن السیاسي والإداري المباشر کالأندیة الریاضیة أو الفرق الفنیة أو المساجد ، ظاهرة تنخر جسد المجتمع الکردستاني في ظل هیمنة الحزبین و قیادتهما علی مصیر ومقدرات البلاد والعباد.
تلك هي ، بإیجاز شدید ، المشهد السیاسي الراهن في کردستان العراق التي یستحیل بدونه فهم الإختراق الذي سجله حرکة التغییر في الإنتخابات البرلمانیة في تموز الماضي.
فمما هو أبعد وأعمق من حرکة التغییر کحرکة سیاسیة لا تزال تبحث عن جسد تنظیمي وإطار سیاسي تدخل من بوابتها لمعترك الإنتخابات البرلمانیة القادمة في العراق هو تناقضات المشهد السیاسي الکردستاني ومخاضات و تداعیات 18 عاما من سیطرة الإتحاد الوطني الکردستاني و الحزب الدیمقراطي الکردستاني التي بات من الصعب القبول بها کما جری حتی الآن من قبل جماهیر الکرد الغفیرة ، بذرائع واهیة ، کفرادة التجربة الکردیة في المنطقة و حداثتها و ضرورة الوحدة تحت ظل القیادة (( التاریخیة !)) المنبثقة من آلام شعبنا والحیلولة دون إستغلال أعداءنا للظروف الصعبة التي نمر بها وغیرها من الححج الواهیة التي بدأت تتهاوی في خضم تجربة مریرة لشعب أمهل هؤلاء کثیرا دونما جدوی.
إن النقمة و السخط والتململ الشعبي و الجماهيري والتي تزخر بها الشارع الکردستاني والتي تتبدی في صیغ منظمة عندما تسنح لها الظروف ، لیست ولیدة أو صنیعة لحرکة التغییر التي إنشقت عن الإتحاد الوطني الکردستاني ولا زالت إحدی قدمي بعض من قادتها متشبثة بالبقاء في ساحة الإتحاد، بل العلاقة هي علی عکس ذلک وإن إعتراها نوع من الغموض و العقد . لقد وجدت حرکة التغییر في السخط الذي یموج به الشارع الکردستاني قاعدة صلبة للنفوذ في الوسط الشعبي وقد نجحت الحرکة بصورة لم تدهش الجمیع في لم صفوف هؤلاء وجعلهم قاعدة لتحرکه ولیس ذلك فحسب بل ما أن دلت التباشیر الأولیة علی ظفر الحرکة في ولوج أفئدة أولئك حتی بدؤوا بحث الخطی نحو الظهور ککیان سیاسي مستقل و الإبتعاد أکثر فأکثر عن التنظیم الأم : الإتحاد الوطني الکردستاني و رجحت کفة المنادین بالعمل بصورة مستقلة والإسراع في الإنشقاق عن الإتحاد مقابل الجناح التي لا زال یتردد في قطع کل الخیوط مع التنظیم الأم . وهنا من الضروري التأکید علی نقطتین تتمتعان بأهمیة فائقة .
أولا : کان التململ و السخط الشعبي الآنف ذکره رخوا من الناحیة السیاسیة ، لا یتمیز سوی بمطالب سیاسیة فضفاضة ولا یربط صفوفه میول أو توجهات سیاسیة معینة لذا کانت أرضا بکرة لحرکة سیاسیة مثل التغییر ولا خوف فیها من منافس أو ند.
ثانیا : کان السخط والتململ و النقمة والمطالبة بإصلاحات جذریة في المیادین التي تخص القصایا المعیشیة ، الإقتصادیة و الإجتماعیة ، ولیست التوجهات الفکریة أو السیاسیة هي الطابع العام للحرکة الشعبیة وهي لم تکن ذو طابع طبقي حاد تتجه نحو الرادیکالیة أو الإنفلات الإجتماعي لذا کان الطموح السیاسي الجمعي في صفوفها ضعیفا . ولم تکن هذه الحرکة الشعبیة تشکل قبل ظهور حرکة التغییر خطرا وتحدیا سیاسیا للسلطة والحزبین لذا کان یمکن التعایش معها أو إحتوائها أو التعاطي معها دون السماح بخروجها عن الخط الأحمر . إلا إن إنبثاق حرکة التغییر أحدثت تغییرات جمة علی واقع الحرکة الجماهیریة و الشعبیة في کردستان ومکانتها و دورها و طاقاتها و مایمکن ان یؤدیه من مهام مستقبلا تخرج احیانا عن وظائفها و سیاقها العام کحرکة مطلبیة . وهکذا فرخاوة الحرکة الشعبیة أتاحت لحرکة التغییر وسمها بمیسمها السیاسي الخاص و توظیفها بأبهی صورها في صراعها السیاسي الخاص و جعلها حافزا قویا لإنطلاقتها وإکتساحها للساحة السیاسیة الکردستانیة بشکل أذهل الکثیر من المراقبین السیاسیین.
للموضوع صلة
_ تنویه
یقتضي العرف الأدبي و السیاسي والحقوق المعنویة التذکیر بأنني و خلال نشاطي السیاسي و الأدبي خلال أکثر من عقدین عملت بإسم ( أحمد معین ) . وهنا ومع تحملي لمسؤولیة کل ما تم القیام به أو کتابته خلال ذلک التاریخ بالاسم المذکور اری من الضروري ومنذ الآن توقیع نشاطاتي بإسمي الحقیقي ( عدنان کریم ) .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - التغيير
وليد الوليد
(
2009 / 9 / 29 - 19:06
)
أود أن أضيف أن هذه الحركه سوف تحصد أصوات الكرد ممن يقيمون خارج الاقليم أي في بقية المحافظات وذلك لمواقف القائمه الكردستانيه من قضاياهم وتهميشهم وعدم الاعتراف بهم سوى وقت الحاجه الانتخابيه
.. ماذا وراء استئناف الخطوط الجوية الجزائرية رحلاتها الجوية من
.. مجلس الامن يدعو في قرار جديد إلى فرض عقوبات ضد من يهدّدون ال
.. إيران تضع الخطط.. هذا موعد الضربة على إسرائيل | #رادار
.. مراسل الجزيرة: 4 شهداء بينهم طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزل
.. محمود يزبك: نتنياهو يريد القضاء على حماس وتفريغ شمال قطاع غز