الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسوار مملكة السر ... الفصل (19 و 20 و 21 و22 )

سعد الغالبي

2009 / 9 / 30
الادب والفن


الفصل 19
وغبار آخر قد خلفته حوافر أقدام الخيل المتسارعة وهي تتجه نحو الشرق , حيث فهد وبر فقته صبار.. تلك الرحلةالتي تشابكت فيها ساعات النهار بالليل .
الشمس تقترب من ساعة الغروب ,والخيول متعبة , تكاد تلتقط أنفاسها ... ولكن ديار شلال قد لاحت على بعد البصر , وهناك وقف شلال على رابية , تترقب عيناه ومضة ظل لقادم , وقرص الشمس النازل يكشف قدومه .
تهلل وجهه بفرح , وأحس بشعور لم يخالجه من قبل , عندما لاح في الأفق غبار الأرض .... راح يصيح بعلو صوته :انه هو ...
هبط شلال من ذلك المكان ـ كطائر وجد طريدته ـ عندما اقترب الركب وهدأ غباره المتخلف عنه
وبعد العناق .... قال شلال : يظنون أن بامكانهم أن يستعبدوا الأحرار , وما علموا انا على علم بمسالكها سلفا .
قال فهد : بل انهم واهمون لو عرفوا ان النفس الحرة تأبى المرور في طريق, يكون جانبيه مسكون بالذلة . ولكن..... الأصرار على قتل الأحلام له جنوده في كل زمان , وكذلك المكان , فالذئب يصر الآ أن يأخذ مايريده .

الفصل 20
ولكن سعد لديه قلب يشتاق الى ذلك اللقاء المرتقب الذي أوصى به ذلك المعلم (فهد) , والذي طالما علمه كيف يكون الأشتياق , فهو قد إمتلأ شوقاً لمعرفة أسرار الدرب الذي سار به مع معلمه "فهد" .... قال له المعلم ذات يوم : في معرفة سر الشيء ،عند ئذ يمكنك امتلاكه .
كان سعد في طريقه الآن الى تلك الديار التي تبحث عن فارس يستطيع يمتلك فك لغز سره فارس يمتلك في قلبه مكنونات الوصول .
سئل نفسه’ قائلاً : هل الحب هو سبيل الوصول , أم الكراهية ........ أني أعلم , أن الحب والكراهية للوهلة الأولى يبدو ضرب من قلة الادراك, لذلك تراهما ان وجدا , فان وجودهما ينحدر نحو الزوال ....ولكن ! هذا حب قد ولد ليعيش , اذ لايمكن العيش في ديار بدون حب لها .
جاء سعد ـ وبرفقته أحد عشر فارسا قد اختبرهما حين تمكن من محاكات بذور ذلك الحب الفطري الذي يسكن في أرواحهم ـ وهو يدرك أن باستطاعته, المشاركة في تغيير القادم من الأحداث .
حين أخبره فاضل بأن الوقت لم يحن بعد للقول, بأن المسافة اقتربت ....أوحى سعد لراكبي الخيول بأنها متعبة, ولابد لها من الركون الى الراحة .
استلقى سعد على العشب المشبع برائحة الشتاء, ثم راح ينظر بأتجاه البعيد من معالم الأرض, رغم بعد المسافات التي تتراى له,فهو على يقين.... ان الركب سيصل ,وان وصوله سيكون قريب ... لأنه يعرف أنه قد اختار السفر نحو الحقيقة, لابد له أن يصل ....وكم تمنى أن يتمكن فهد من نقل هذا الأحساس الى ابن عمه "شلال" .

الفصل (21)
في ذلك الأجتماع الفوضوي ـ الذي تصدره ناصر العاصي ـ أراده أن يكون بمثابة صفعة لمن يحاول أن يتحدى قرار هو اتخذه , وشلال أباح لنفسه أن يكون ذلك المعاند الذي يجهل ما يريده
الأقوياء .
بعد أن أتمت الشمس اخفاء قرصها ـ وقد بدى أكثر حمرة ـ وكأنها لايريد المشاركة فيما يكون . جلس (دنيف) على مقربة من ناصر العاصي .... نظر اليه ناصروقال : متى سيكون لقائنا بشلال يادنيف ؟
قال دنيف (بتحفظ) : الأمر تقرره أنت حفظك الله .
ضحك ناصر وقد اهتز بدنه , ثم قال : ماذا يادنيف , أتخشى أن يكون أقتراحك لا يروق لي ....لا لا , قل .
قال دنيف : ان خرجنا باكرا سوف نكون عنده ضحا .
هز ناصرالعاصي رأسه دليلا بالتأييد ......ثم قال :أن تخطى الحدود في معرفة شأنه , أفعلوا له ما من شأنه أن يعّرفه,بشأنهِ .
صمت قليلاً ثم أردف قائلاً :
دع عازف الربابة يأتينا ليسمعنا , فاني بي شوق لذلك.
قال دنيف : لك ما تريد يامحفوظ .
رفع دنيف نصف جسده , صاح قائلا : ياصيهود , دع صاحب الربابة يأتي الينا.
التفت دنيف ناحية العاصي وقال: نريد أن نجعل كبيرنا يحلم بالمهرة القادمة .
ضحك العاصي وقال : أحسنت يادنيف , انني أريد ذلك فعلا .
راح دنيف يتحدث مع نفسه قائلا : اضحك , اضحك كثيرا , فأنت لا تعرف ما ينتظرك غدا , آه لو عرف فهد وجاء.... لااتصور اللقاء كيف سيكون ؟!

الفصل 22
جاء الصباح ... وأصبح الأمر واضحا جليا ـ مادام هناك من يريد سرقة الحلم ـ بأن المنازلة واقعة ، وحين تسلل اليقين الى تلك النفوس بأن الغاية واضحة كالشمس .
بين ثنايا الأرض المحيطة بديار شلال ,اتخذوا أماكنهم ، خشية منهم أن ينفذ الشر الى مكان , أرادوا له أن يبقى آمنا كي يهنىء به ساكنيه.
أولئك الفرسان قد علموا بأن رياحا تحمل الشر قادمة, ولكن ! من أي الأتجاهات سيكون القدوم ؟
الوقت يمضي ... وبين هيجان الروح ـ عندما تكون كارهة للاستكانة ـ وساعات الأنتظار , هناك كان الفارس "المعلم" يخطو بلا هوادة , مَثله كمثل من كان يبحث عن بركة ماء ,ليطفىء نارا قد بدأت تلتهم أطراف ثيابه السفلى , حين أراد المعلم أن يخبرأولئك الفرسان ,بأن طريقهم هو الصواب. وعيون الفرسان صوبه تحدق حين راح يتكلم شقشقتاًا : اعلموا أن الله سبحانه أعطانا وقتا في هذه الحياة,لذا....فما الذي سنفعله ؟
ذلك هو السؤال .
في خلسة اقتطعتها (جميله) أخت شلال من زمن الآنتظار الذي تمارسه العيون ـ وهي تربو مجرى النهر ـ لتتسل الى حجرتهاـ بعد
أن شعرت أن الطوق يكاد يعانق رقبتهاـ الى ذلك الصندوق الخشبي ,اقتربت اليه لتفتحه ..... نظرت فيه ثم مدت يدها بداخله ,فأرجعتها وهي حاملة بندقية ابيها..... تهيئت للخروج, بعد أن عقلت رأسها بعصابة سوداء .
أصبحت جميله خارجة تترصد الأماكن ، أيهما يكون ملاذ للاختباء.... راحت تهمس مع نفسها قائلة : يجب أن يكون قرب النهر , ولكن أين؟
... أظنه قرب الأشجار .
تلك الأشجار التي أصرت على البقاء واقفة طيلة الزمن , قد احتضنت جميله ليتواريها عن الأنظار, لكي تتمكن من تنفيذ ما أرادت .
الوقت لازال يمضي .... ولكن ! من بعيد , ثمة مركب قد لاح ,لقد عرفه شلال .... صاح :إنه المركب الذي يحمل الأجساد التي اختزلها أوهام الشر ,أجساد أصبحت عبيدا لتلك الأوهام وتأتمر بأمرها.
من سيكون الأول , الذي يعتلي ظهر المركب عندما يبدأ بالرسو ..... لكن شلال كان واقفا ينتظر تلك اللحظة ـ رغم انه لايعرف ما سيحصل ـ لأنه امتثل لأمر( فهد ) حين قال له : انك أول المتكلمين مع (العاصي ) .

ترجل (دنيف) من المركب , واتجه نحو شلال .... رجع ثانية الى المركب , وقد اقتاد شلال الى سطح المركب .... ليس في نية شلال أن يقول شيئا, لأنه لايملك الجواب لأسئلة ربما تتوجه له من قبل العاصي , ولكنه قد يتحدى صمت الكلمات في فمه, عندما يكون لابد من الكلام ....... شلال وجهً لوجهِ مع ناصر العاصي ؛ رجل يمتلك جثة كبيرة ولون بشرته أسمر , يميل الأصفرار .... قد عقل رأسه ( بعقال مقصب) ,جلس على متكأ قد أعد له , بيده عصى من الخيزران ,يحاول أن يرسم خطوط وهمية على سطح المركب الخشبي .
انفض الجميع ولاذوا ـ من كان على سطح المركب ـ عندما هم العاصي بالنهوض,باستثناء شلال ظل واقفا, ينتظر كلماته التي سوف يقولها....... بشموخ زائف ـ أحسه شلال ـ قال العاصي : أظن أن باستطاعتك أن تجعل أختك زوجة لي .....وان كان الأمر كذلك , فلماذا اذن ...... تريد أن تجعلني أقف أمامك وأنا أشعر أن جزء مني قد فقدته........ ياشلال , أنا بنيت عالمي هذا لأجل أن أعيش فيه كما يحلو لي ....لا كما يرغب الآخرين ,بالرغم.....بالرغم من أن الآخرين راضون بما أنا عليه في عالمي الذي صنعته.... إقبلْ بما جئتك به , لأنني لم أستعد بعد, لأغير شروط التعايش مع الآخرين .
قال شلال : أنت تمسك بدفةِ الشرِ في عالمك الذي تدعيه, وتحاول أن تنشر الذنوب ..... وهذا النهر يأبى إلاّ أن يغسل الذنوب ,
فأين أنت ؟
ها ها ها , قهقه ناصر العاصي , وصدرت عنه ضحكة عالية...نظر بوجه شلال قائلا: أين أنا؟ كما ترى ... عند ضفة النهر , وقد جئت من خلاله.
قال شلال : عجباً تأتي مع الماء ..... ياعاصي إذهب بعيداً عن مكان وقوفك هذا , فأنت تقف عند (الشريعة)...... وتلك ما إستقبلت أحداً , إلاّ من كان يبحث عن الأمان .
قال ناصر العاصي : بمن تحتمي يا شلال ؟
قال شلال :بمن هو أكبر منك .....ومني , أحتمي بالله سبحانه وتعالى .
قال ناصر العاصي : ياشلال ... دع عنك هذا الدرب , فلا طاقة لك لتجعلك تسير فيه .
قال شلال : أنت العاصي بين الناس .... فلا تكن مع الله كذلك .
أطبق الصمت على وجه ناصر العاصي , وقد استشاط غيضا... رفع يده , فلطمَ وجه شلال ... وقع شلال على الأرض ... هام بعصى الخيزران أن يضربه , فعلى دوي صوت إطلاقة بندقية من مكان قريب , قد ملأ الأرجاء ... ترنح العاصي وهو يلوح بعصاه .
وبين اندهاش الجميع , وبحث العيون ـ وهي ترصد المكان الذى جاء منه الحل ـ سقط ناصر العاصي .
عند المساء ...انعقد القاء لأتخاذ القرار , ثمة أسئلة حوارية كانت تدور , هل ناصر العاصي قتل برصاصة أطلقتها (جميله ) من بندقيتها ... هل هي قاتلة,أم أنها كانت تدافع عن أرض ووطن ... صاح أحد الفرسان : هو جاء بنفسه يطلب الموت لنا ,قبل أن يلتهمه الموت ذاته ..... فارس آخر قال : ماذا عسانا أن نفعل ؟! لأن الأمر لم تنتهي على هذا الحال , فان للشر امتداد , وقد يصل
الى هنا من جديد ... اتخذ القرار , جميله ليست قاتله .... وشلال يجب أن لايكون وحيدا , فوجب عليه الرحيل , ولكن الى أين ؟!
الى ديار سعد آل منصور .
جميله حائرة , اذ كيف تترك ديارا تربي فيها , وهي أرض أبيها وأخيها ... هل للقدر نصيب في ذلك ,أم انه هي ضغينة البشر بأتجاه فعل الشر....و نظرة الوداع لا تكفي عند الرحيل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع


.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي




.. الأسطى عزيز عجينة المخرج العبقري????


.. الفنانة الجميلة رانيا يوسف في لقاء حصري مع #ON_Set وأسرار لأ




.. الذكرى الأولى لرحيل الفنان مصطفى درويش