الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقف و الممانعة

رشيد برقان

2009 / 10 / 1
الادب والفن


مات الكاتب الروسي سولجينتسين
مات محمود درويش
مات يوسف شاهين ..
مع هذا الكم من الموت ندرك أن الموت حاضر بيننا أبدا. وأكثر من هذا ندرك أننا لانتوقف عن مصارعته في كل حيواتنا، ولكننا قليلا ما ندرك ذلك، لأننا قليلا ما نستطيع قهر عدونا الدائم. ووحدهم الأموات يحملون هذا السر إلى الأبد. ووحدهم يفسحون بموتهم مجالا لقهره ومراوغته.
ونحن نتأمل هذا المشهد الصامت يجب أن نعترف أننا في لحظة الذكرى هذه قهرنا الموت بما هو غياب وركون للصمت. لقد توارى الحديث عن هؤلاء منذ آخر لحظة قرروا فيها الإفصاح عن ذواتهم. إلى أن فاجئنا الموت فانهمر صهيل الذكرى كرد فعل ضد الغياب، وأطلقنا الكلام ضد الصمت.
يقترن الموت بالصمت و الغياب، وهذا ما يدفعنا دفعا لقياس المسافة بيننا و بين الموت وحوارييه. فأجد، وأنا أستحضر مشهدنا الثقافي، أننا الموت الحقيقي. ليس هذا جلدا للذات و لكنه نوع من صفع الضمائر بالحقيقة. لطالما استعرضت هذه القامات الثلاث؛ مجال جغرافي ممتد .. معاناة متضاربة.. قارات إبداعية مترامية .. ولطالما بحثت عن ما يجمعهم في ذاكرتي. ورغم كل ذلك التنائي يبقى هناك خط رفيع يشدهم إلى بعضهم. ويتجلى في تلك القدرة على الممانعة و الرفض و عدم الانصياع إلا للصوت الداخلي المشبع بتطلعات الناس البسطاء الطامحين دوما إلى غد مشرق بأنوار حرية ترفض الحبس و الانحسار في قوالب متوافق عليها.
لقد عرف الكاتب الروسي برفضه للنظام الكلي وانحرافاته، و لكن هذا لم يجعله ينساق وراء رعونة الليبرالية فأصبح بحق المعبر عن روح الأمة الروسية.
واشتهر محمود درويش بعشقه الأبدي لحضن الأم التي تختزل الوطن في جزئياتها البسيطة، لكن هذا لم يدفع به للهرولة وراء وطن من أوهام.
وكذلك عرف يوسف شاهين بولعه بالسينما ولكنها لم تستوعبه، و لم تغرقه في بهرجها المخادع حيث استطاع تطويعها للتعبير عن هموم وأشجان الأمة العربية.
ليس المثقف رهينا بقدراته على التكيف وتبريره. وليس رهينا أيضا بمساحاته الإبداعية الجوانية. إن ما يحدد المثقف هو قدرته على الممانعة و التمترس حيث ضمير الأمة ينبض بقوة و بحرارة، هناك فوق الخط الرفيع، المهدد دوما بالانقطاع، يسير و يمعن في الاستمرار، وهذا ما يضمن له الخلود و الانتصار على الصمت الأبيض الذي يلاحقنا.
لماذا لانجد لدينا مثل هذه القامات الممانعة .. لماذا يصر مثقفونا على الاعتصام دوما بحبل السلطة، ويتعهدون بالتزلف لها..لا أستطيع أن اقدم جوابا؛ لأن كل الكلام أصبح مبتذلا وفي أنتظار أن نتعلم الدرس من عبد اللطيف اللعبي وأحمد بوزفور أستودعكم على أمل اللقاء في موت قادم.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الموت انطلاق أخر
عبد العاطي الخازن ( 2009 / 10 / 1 - 22:12 )
الموت هذا المهاجم الشرس ينقض علينا كلما توالدة الأسئلة المخبأة وتسللت نحونا يأتي بكل جنونه كحب مباغت ويرحل تاركا
حطام ذكريات جميلة

اخر الافلام

.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح


.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص




.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع