الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لقاء مع قيادي بارز من الحزب الجزائري من أجل الديمقراطية والاشتراكية

يوسف ابو الفوز

2009 / 10 / 2
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


ننظر باحترام وتقدير لتجربة الحزب الشيوعي العراقي

باريس ـ

لم تكن خيمة الاشقاء الجزائريين ، الحزب الجزائري من أجل الديمقراطية والاشتراكية"، بعيدة عن خيمة "طريق الشعب" ، في جانب من شارع "تشي جيفارا " في مدينة مهرجان اللومانتيه في باريس للايام 11 ـ 13 ايلول 2009 ، وفي طريقنا اليهم ، جهزت بسرعة رؤوس اقلام للأسئلة التي سأطرحها على الرفيق الذي سألتقيه في لقاء صحفي خاص بطريق الشعب. الرفيقة الجزائرية التي ساهمت في الاعداد لهذا اللقاء مع احد الرفاق القياديين البارزين من قيادة الحزب الجزائري الشقيق، ورافقتنا إلى الخيمة طوال الطريق، كانت تنبه الى عدم الحاجة لالتقاط صور، وضرورة تجاوز طرح الاسئلة الشخصية ، حتى عن الاسم ، فالرفيق المعني لا يزال من نشطاء العمل السري . هذا جعلني اتخيل اني سألتقي برجل بنظارات سوداء ، بملامح صارمة وعيون أتعبها الظلام ، كثير التلفت ، حذر في الإجابة على أي سؤال .
في باب الخيمة قابلني رجل نحيف ، منتصب القامة ، بعيون تشع بالثقة والحياة. صافحنا بحرارة، والابتسامة تفترش وجهه المتعب، امسك بذراعي بقوة وهو يلهج ويكرر تحيات الترحيب، وقادنا الى زاوية داخل الخيمة. كنت اظنه يقودني الى الرفيق الذي سألتقيه. ما أن جلس أمامي حتى بادرني :
ـ قبل طرح اي سؤال، حدثني كيفها بغداد، وكيف حال الرفاق هناك؟
وفهمت ان جليسي هو صاحبي الذي عليّ أن أجري حواري معه، واستمع الى أجوبتة. وسرعان ما تبددت كل مخاوفي، ووجدت ان اللقاء تحول الى حديث رفاقي حميم متبادل عن احوال الجزائر والعراق :
 يسعدني أن انقل اليك تحيات صحيفة طريق الشعب وقرائها، واشكر لك منحنا شيئا من وقتك الثمين لاجراء هذا الحديث الرفاقي؟
ـ لصحيفة "طريق الشعب "العزيزة مني كل المودة والاعتزاز ، ولقرائها كل المحبة والتقدير، وأسجل اعتذاري، لكم ولقراء الجريدة لضرورات عدم التقاط صور أو ذكر اسماء ، و ... !
< نتفهم جيدا ظروفكم النضالية الصعبة ، ولا اعتقد ان احد من قراء طريق الشعب سيلومكم على هذا ، فالشيوعيون العراقيون مروا بنفس ظروفكم...
ـ وأرجوا نقل تحياتتا لكل رفاقنا في الحزب الشيوعي العراقي، الذي نظل ننظر باحترام وتقدير لتجربتهم النضالية في كل العهود والظروف .
 لنبدأ بتعريف قراء طريق الشعب بأوضاع حزبكم الشقيق؟
ـ حزبنا ، الذي كان قبل اربعين عاما يعمل تحت اسم حزب "الطليعة الاشتراكي الجزائري "، كحزب للطبقة العاملة الجزائرية ، تعرض الى ازمة سياسية وفكرية ، فنحن لسنا بعيدين عما يجري حولنا، داخل الوطن وخارجه، وكان علينا ان نعود الى الساحة بشكل اقوى واكثر مقاربة الى واقعنا الجديد، فرسمنا برامج واقعية واعدنا النظر بالكثير من المفاهيم والأفكار. في عام 1993 غيرنا الاسم الى " الحزب الجزائري من أجل الديمقراطية والاشتراكية" ، لكنا لم نترك ثوابتنا الاساسية كحزب طبقة عاملة، و نعتبر حالنا الآن في مرحلة إعادة البناء . حزبنا الآن ينشط في ظل ظروف معقدة، هجمة امبريالية ظلامية، وهناك روح انهزامية بين بعض القوى الوطنية، مع صعود ونشاط قوى الاسلام السياسي. حزبنا يسعى لنشر روح انفتاح اجتماعي سياسي، ونشر الافكار الماركسية الاشتراكية .
 هل يمكن ان نلقي مزيدا من الضوء على الاوضاع في الجزائر وظروف عملكم النضالية ؟
ـ الاوضاع في الجزائر تجري في ظل وضع تسلطي على حساب الجماهير ، والطبقة العاملة والجماهير الكادحة تعاني كثيرا بسبب ذلك . يرافق ذلك نتائج السياسة الاقتصادية للحكومة التي تدور في فلك مفاهيم الليبرالية الجديدة ، حيث انسحاب القطاع العام من الاستثمار وفتح المجال امام الشركات الاجنبية والراسمال الخارجي، الذي يهدف الى تحقيق الارباح على حساب حاجات الجماهير. يضاف الذلك تجميد مدخرات البلد في البنوك الامريكية بدون محاولات استثمارها في ميدان الانتاج الذي بدأ يتهاوى امام سياسات الحكومة . في سبعينات القرن الماضي كان لدينا في الجزائر صناعات تحويلية، كان هناك انتاج ملحوظ والاقتصاد الجزائري يحاول النهوض، ولكن مع بداية التسعينات بدأت الامور تتهاوى وتتجمد واغلقت المصانع وسرح اكثر من 400 الف عامل، والان تسوء الاحوال بشكل عام يوما بعد اخر .
 وهل يمكن تلخيص المهمات النضالية الملحة امام حزبكم ؟
ـ نحن نخوض نضالنا على عدة جبهات، وفي مهام متداخلة أحيانا، ففي جبهة الصراع الفكري والاقتصادي نحاول انجاز بديل يرتكز على ارجاع دور القطاع العام، ويدعم إعادة بناء البنى التحتية خاصة في قطاع المحروقات، وهذه مهمة صعبة وليست سهلة ابدا، فالقوى البرجوازية والظلامية تعمل تحت شعار " لا رجوع الى اعوام الستينات" (فترة الرئيس بومدين ـ المحرر). ونعمل بتفان من اجل التعددية السياسية والديمقراطية الحقيقية والغاء القوانين التي تعاني منها الجماهير ، مثلا نناضل بشدة للعمل على الغاء قانون الاحزاب غير الديمقراطي ، وكل القوانين التي تشل حركة ونشاط النقابات. وثمة محور هام في نضالنا هو محور النشاط ضد القوى الظلامية من تيارات الاسلام السياسي ، وهناك لدينا مهام ميدانية مطلبية ، تتضمن الدفاع عن الحريات الديمقراطية ضد تحالف الاصولية والاستبداد. نحن نعمل لاجل التغيير الجذري للحكم، وانهاء سيطرة البرجوازية الكمبرادورية ، لاجل ذلك نسعى الى توحيد القوى الديمقراطية، من خلال ربط النضال السياسي بالنضال المطلبي للجماهير، ومن اجل استعادة عافية النشاط السياسي ، خصوصا من خلال العمل في وسط منظمات العمل الديمقراطي ، ومن خلال النقابات التي نريدها نقابات مستقلة .
 لحزبكم تأريخ طويل في العمل بين المنظمات الديمقراطية، كيف ترون دورها ونشاطها في ظل الظروف الجديدة في بلادكم؟
ـ نحن نعول كثيرا على دور المنظمات الديمقراطية، مستندين إلى خبرتنا الطويلة في هذا المجال، وهذه المنظمات ان كانت مستقلة، وغير مؤدلجة، فهي يمكن ان تؤدي مهمات وطنية لا طاقة لغيرها على انجازها ، من اجل تحديث المجتمع ونشر الديمقراطية الاجتماعية. ولهذا فان الاستبداد الحكومي الحالي لا يستثني المنظمات الديمقراطية من اجل تنحيتها عن النشاط الجماهيري والسياسي. نحن نساند التيارات الديمقراطية وحرية العمل الديمقراطي من اجل الحريات الاجتماعية والسياسية والنقابية. ونحارب بشدة طريقة استخدام الدين لطمس الوعي الطبقي للجماهير. وحتى في عهد بومدين، حيث كان ثمة انفراج نسبي في حرية عمل التيار الديمقراطي كنا ضد التسلط ودعم الاصولية التي نمت الى حد وصلت فيه إلى إمكانيات استلام السلطة . ان اول القوى التي واجهت نمو الاصولية الإسلامية، ودفعت الثمن غاليا، هي القوى الديمقراطية ومعها قوى اليسار والشيوعية، ولهذا تجد المساعي الآن تنصب لتوجيه الشبيبة ضد اليسار والشيوعية ، ويدعمون بالخفاء احزاب يسارية متطرفة ومفبركة تزايد على نشاطنا ونضالنا، ويحاولون حتى طمس تأريخ نضالات الشيوعيين والديمقراطيين من اجل تحرير الوطن من المستعمر. لقد بدأ العمل ضد الشيوعيين واليسار والديمقراطية، منذ أيام بومدين، في تلك الايام ساند اليسار والمنظمات الديمقراطية قرارات تأميم المحروقات، وكانت الشبيبة ومنظماتها الديمقراطية مستعدة للذهاب الى الريف لتوعية الناس لمساعدة ودعم الاصلاح الزراعي ، ولأن جبهة التحرير كانت معزولة عن الجماهير ساند ودعم الشيوعيون والديمقراطيون بومدين . يومها تحالفت الأصولية مع الجناح اليميني في جبهة التحرير ضد بومدين ، وبالتالي ضدنا وضد الحريات الديمقراطية. وحصلت الاشتباكات داخل الجامعات، وبدأت اجراءات اقصاء الشيوعيين من المسؤليات، فسهل هذا للأصولية التسلل إلى مرافق الدولة والانقضاض على الحياة الديمقراطية. من هنا لا بد لنا من دعم نضال ونشاط النقابات والمنظمات الديمقراطية من اجل استعادة عافية الحياة السياسية.
 نعرف ان حزبكم كان الى جانب استغلال الانتخابات كأسلوب نضالي ديمقراطي من اجل المزيد من الديمقراطية؟
ـ يجب ان نتفق بأن البرجوازية لا تتردد، عند الضرورة ، في انتهاك قوانينها ، كما رأينا مؤخرا في بلادنا مع مراجعة الدستور التي أنجزت في بضع دقائق للسماح لبوتفليقة بالبقاء في السلطة. إن التجربة التاريخية في جميع البلدان تبين أن البرجوازية بطبيعتها لا تقبل أبدا وعن طواعية السماح للطبقة العاملة ، وغيرها من الطبقات المستغلة بالتمتع بالحريات الديمقراطية، بما في ذلك هي ذاتها حينما تحرمها سلطة إقطاعية من ممارسة حريتها الخاصة. وفي عصرنا هذا فإن كل فئات البرجوازية ، بما فيها تلك التي ترى أن مصالحها قد تتضرر أو تعتبر نفسها ضحية النقص في الديمقراطية، تراقب على الدوام نشاطات الطبقة العاملة وترفض عموما التصريح بوضوح ، ناهيك عن النضال، من أجل إلغاء جميع القوانين المعادية للديمقراطية. ولذلك فإنه لمن الواضح أنه بدون النضال الحازم الموحد واليومي من أجل انتزاع الحرية الحقيقية والديمقراطية الحقيقية للجميع، باستثاء الفاشيين، لا يمكن أن يوجد أي مخرج تقدمي، وسننتظر وقتا طويلا كي تجري انتخابات حقيقية ديمقراطية حقا، تسفر عن انتخاب ممثلي الشعب على كافة المستويات. ولكي تنتزع الطبقة العاملة والفلاحون الفقراء، والمثقفون التقدميون والنساء والشبان، أي كل الفئات والطبقات الاجتماعية المحرومة من حريتها، هذه الديمقراطية، لابد لها من أن تعزز نضالاتها المختلفة وتوحيد صفوفها. إن هذه النضالات صعبة وتتطلب جهدا كبيرا من هذه الطبقات والفئات الاجتماعية.
 وكيف تنظرون الى الاوضاع في العراق، والى نضال الحزب الشيوعي العراقي الى جانب القوى الديمقراطية من اجل استعادة السيادة الكاملة وبناء عراق ديمقراطي فيدرالي موحد؟
ـ نحن نتابع عن كثب ما جرى وما يجري في العراق ، ونشعر بأن هناك حاجة إلى احترام وحدة وحرية وسيادة العراق واستقلاله وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، والسعي إلى انجاز المصالحة الوطنية ودعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في العراق ، واكرر نحن ننظر باحترام وتقدير لتجربة الحزب الشيوعي العراقي النضالية في كل العهود والظروف ، في نضاله الصعب والمعقد من اجل عراق ديمقراطي فيدرالي، فتحية لكل الشيوعيين والمناضلين من اجل المستقبل الديمقراطي.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟


.. ماكرون يثير الجدل بالحديث عن إرسال قوات إلى أوكرانيا | #غرفة




.. في انتظار الرد على مقترح وقف إطلاق النار.. جهود لتعزيز فرص ا


.. هنية: وفد حماس يتوجه إلى مصر قريبا لاستكمال المباحثات




.. البيت الأبيض يقترح قانونا يجرم وصف إسرائيل بالدولة العنصرية