الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقال :إنشاد حامل الجمر /نقد تحليلي

واثق غازي

2009 / 10 / 2
الادب والفن


إنشاد حامل الجمر
تجربة الحكمة
واثق غازي

لابد من أساس معرفي لصياغة تجربة ما . والمعرفة هنا في هذه القراءة ليست المعرفة المجردةُ
ذات القوانين المنبثقة عن نظريات أتت بها الحاجة المادية . وإنما المعرفة التي تولد في أكثر
من رحم على مدى الأزمنة وفي مختلف الأمكنة .ولكن تختلف أوجه ظهورها وطرق التوصل
إليها . قد أسميها المعرفة ( المتقابلة ) بمعنى قابلت ما يُماثلها في ذاتها . قد تكون إتفقت
أو إختلفت في شروط الإنبثاق والتحقق الموازية لتوافق ثوابت ما يعرف ( ب. نسق التعايش )
إلا إنها تظل المعرفة التي تستخلص من مثيلاتها الماضيات واللاحقات ما يعمق حضورها و
يوحد خطابها العابر لسياق اللغة كيفما أتى .. خطابها الذي يطرحُ سؤالاً واحداً على الدوام
(( ما هو المتحقق في آخر ألأمر )) السؤال الذي ينفلت عن أحزمة الوجودية قليلاً .ولا يأخذ
من الصيرورة سوى ما يعضد المقولة في مداها ألمفهومي . لا في فحواها العابر للكائن . حيث
أن ( التحقق ) و ( الأمر ) نقيضان في ملعب واحد . (التحقق ) ينشد أن ينوجد في حين أن
( الأمر ) هو ما يعبر الوجود الى ما يُنشأ ويتحكم ...
من هذه المعرفة التي تكون على الدوام ماثلةً في الراهن . قادرة على توصيل حمولاتها
بشتى الطرق . وبمختلف القول:
الشِّعرُ ذلك المارد القادر على سكنى عوالم المعرفة ما إرتمت بين الأزمنة والأمكنة . .
يأتي الشّعرُ بما لا يمكن التكهن به . ويبلور الأشياء كما لم تكن من قبل . أو قد يُآلفها
على نحو يدعو للدهشة ويستوجب ذائقةً ذات مداخيل عدّة وإلمامات شتى ليتهيأ لها
القبض على ما يندرج خلف الكلمات :
إنشاد حامل الجمر : النص الذي تحمل المجموعة الشعرية اسمه للشاعر : عادل مردان
الصادرة عن دار أزمنة بتأريخ حزيران/ يونيو 2008 ..
نصٌ يتوافق ومقاربة المعرفة ( المتقابلة ) القابلة للإنبثاق في كل أوان .. لعل الفارق
الزّمني ما بين فكرةٍ و أخرى لا يعتد به إلا بما يجعل الفكرة أداةٌ في يد الثبت الزّمني
أما من حيث نضارة الفكرة فإنها ستبقى على الدوام بذات البهاء .. بين إنشاد حامل
الجمر النص الشعري الصادر في 2008 وفلسفة أهم ملحق في كتب الفيدا ألا وهو :
( ألأوبانيشاد ) 500ق.م زمنٌ ليس مهملاً أصلاً في هذه المقاربة . ولكن السؤال هل حقاً هناك
تماثل في المضمون المعرفي ما بين نص إنشاد حامل الجمر وآراء حكماء (ألأوبانيشاد ) ؟
وهل نقصد الآراء التي تنطلق من ذات الفرد نحو الأسئلة الكبرى .. مثل (ما الطبيعة
الحقة للواقع النهائي ؟ ) وهل ( ما يظهر أنه واقع وما هو واقع حقاً )
سنهبط رويدا رويدا لنرى هل حقاً ما ذهبنا إليه :
تقابل الشروط :
الفقرة (1)
( ألأوبانيشاد ):... المظهر لا يُنظر إليه على إنه يكفي لتبرير وجودهُ الخاص ؛
إنشاد حامل اجمر : الكلمة نبع ؛
الفقرة (2)
(ألأوبانيشاد ) :... إن براهمان لا سبيل إلى تصوره . فهو لا يتغير . ولا يناله
أذى . ولا يمكن إدراكه ؛
إنشاد حامل الجمر : أدمّنُ اللحظة / خدّي على نبضها /متناغماً مع الكون ؛
الفقرة (3 )
(ألأوبانيشاد ) :... ماذا عسايّ أن أفعل في أعمق وجودي ؛
إنشادحامل الجمر : الحكمةُ من ثلج ؛
الفقرة (4 )
( ألأوبانيشاد ) :... أليس من المناسب أن نقول أن ( ألانا ) هو الذات .أفضل من
أن نقول . إنه الجسد ؛
إنشاد حامل الجمر : يتمتم قنديلي ألأرمل / بين رعشاته إغماض / يشدو بمتعةٍ
أروع من (أوبانيشاد ) ؛
لعل التقابلات المعرفية في النصوص أعلاه بحاجة ما إلى إضاءة من نوع تأويل المعنى
لا تحليل المبنى ..
ففي الفقرة (1) . ( المظهرُ ) بحاجة إلى تبرير وجوده الخاص .أي بحاجة إلى دليل
غائي . لأنه مظهر .. فما هي الغاية من أن يكون كذلك ؟ و ( الكلمةُ نبع ) هنا
الكلمة هي الدليل الغائي والنبع هو المظهر إذ أن ألاستقاء من (الكلمة ) هو عينه
برهان تبرير والصفة المؤدية لفعل العطاء . أي إظهار وجه التماثل ما بين (المظهر)
المعطل الذي تم التبرير له . والنبع الفاعل بوجود (الكلمة) وهذا يعني :
مظهر= نبع
كلمة = تبرير وجود خاص ؛
وفي الفقرة (2) . (فهو لايتغير ) . (أدمن اللحظة ) . واللحظة منَ الفعل الذي يتقدمها
هي قائمة في الحال. أي في الراهن الثابت الذي مهما أختلف (ألأمر) فهو لا يتغير . وهذا
تماثل في تحقق الذات ؛
وفي الفقرة (3) . في هذا التساؤل تجاوز للذات الناطقة به :( ماذا عساي أن أفعل في أعمق
وجودي ؟)هو ذات التجاوز المأخوذ عن مؤدى الحكمة التي هي في النهاية خاوية تذوب كالثلج
(الحكمة من ثلج ) فبين عمق الوجود وذوبان الحكمة : خيط رابط ألا وهو ( محصلة المعرفة
التي لا يمكن القبض عليها )
وفي الفقرة (4) .بين (الذات ) و(القنديل )وحدةٌ رابطة لا تبدو على السطح ألا وهي : كلاهما
قائمٌ على البذل .. الذات ككليٌّ في وحدة التصور الجمعيةِ . والقنديل كمانحٍ ينشد عبر تماثل ٍ
يكاد يفضي إلى توحد لا واعٍ نقلته المعرفة عبر غور الذات المتحققة بصور شتى ..
وهنا لا بد من القول :
في نص إنشاد حامل الجمر هناك ما خرج عن قبضة الشّاعر ..
هناك ألتوق إلى التوحد بما هو ليس موجود (قنديلي أرمل ) وهناك الأمل في إعادة تكوين
ألأحداث (أنقب .. أكتشف ) وهناك خيبة كبرى مما هو ماثل (فكأنه يهمسُ /بيتنا في
ألأعماق ) وهناك الريبة مما سيكون (إلى أين نسعى يا مرشد ) وهناك النبؤة غير الواضحة
الملامح (مجدهُ الأزليُّ ينمو ) ..
ألتوق ـ ألأمل ـ الخيبة ـ الريبة ـ النبؤة :
هذه هي محفزات من يجلس ليتعلم إذ إن (ألأوبانيشاد ) جاءت ترجمتها عبر السنسكريتية
:أوبا .[بمعنى قريب من ]ونيشاد [يجلس ] والمراد (يجلس قرب المعلم )
لعل عادل مردان جلس مع من أضفى عليه كل هذه التجربة ليؤثر على نفسه الاحتفاظ بالحكمة










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي


.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل




.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ


.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع




.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي