الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوناتا للبابا - شاهداً على نهاية يهوذا-

علي شكشك

2009 / 10 / 4
الادب والفن



على جبل "نيبو" حيث وقف- كما يُقال- كليمُ الله, وقف البابا,
رانياً إلى أرض كنعان, تماماً مثله, وفي نفس المكان, دون أن نعرف ما يستدعيه هذا المشهد إلى المخيال, ودون أن نحلم بمعرفته يوما ما, لكننا نستطيع أن نتكهن بذات الشيء لدى عليه السلام موسى النبيّ غيرِ الأمّي, الذي يتلقّى وحيَ الله, وألواحَه, حيث أقبل الربُّ من سيناء وأشرق من سعير, وتلألأ من فاران, فربما كان الذي تنزلت عليه شريعةُ العهد القديم يكظم غضبَه الذي سَمَتَهُ, وحُزْنَه الذي - بما أفاء الله عليه من علمٍ- ملأهُ, وهو الذي يعرف شعبَهُ, وهو الذي يعلم نبوءة يعقوب " لا يزال الصولجانُ والشريعة في يهوذا حتى يأتيَ شيلوه ",
ومنتشياً بامتلاء الحال وإحالات التاريخ, في مشهدِ الرسل ومسارات الوحي, وليس بعيداً عن مناخ العهود المقدسة, واضطرام الكتب بأخبار شعوب المَجال, واحتقانِها بأسماء مدنِها وشخوصِها, وازدحامها بالأنبياء, والسلام والصراع والمحبّة والدماء,
كان على البابا أن يعبرَ من حيث عبرَ "بنُ نون".

"نون والقلمِ وما يَسطرون",
هنا اللاجئون,
وسيلُ دماء العباد,
التي لم يُرَقْ مثلُها في البلاد.

عبَرَ مِنْ حيث عبَرَ - عَبْر التاريخِ - مَنْ عبَر,
ليس أوّلَهم أبونا إبراهيم الخليل ولن يكون منتهاهم آخرُ المبعَدين, مروراً بالمؤمنين والحجاج واللاجئين والسائحين والفاتحين, وتنسّموا هواءَ الجليل وتكحّلوا بمَسرَّة البشارة ونورِ الإنجيل,
وفي الدرب إلى بيت الرب, لن يُشفِيَ الأكمهَ والأبرصَ,
لن يُحييَ الموتى,
وبما أنهم سرقوا الماء, فكيف بإذن الإله سيجعلُه خمرةً,
لذّةَ الشاربين.
ادخلوها بسلامٍ آمنين,

وآمناً صعد يسوع إلى الملكوت, بعد أن وبّخ الكهنة والكتبة والفريسيين؛ " ويل لهذا الجيل الكافر, لأنهم سيحملون تبعة كل نبيٍّ وصِدّيق, مِن دمِ زكريا بنِ برْخيا الذي قتلوه بين الهيكل والمذبح, أيّ نبيٍّ لم يضطهدوه, أيّ صِدّيق تركوه يموت حتفَ أنفه, لم يكادوا يتركوا واحدا, وهم يطلبون الآن أن يقتلوني, يفاخرون بأنهم أبناءُ إبراهيم, وأنَّ لهم الهيكلَ الجميلَ ملكاً, لعمر الله إنّهم أبناءُ الشيطان, فلذلك يُنفذون إرادته, ولذلك سينهدم الهيكلُ مع المدينة, المقدّسة, تهدماً لا يَبقى معه حجرٌ على حجر من الهيكل",

وآمنين يأتين من كلّ اشكينازٍ وفِلاشا وسَفارديم,
إلا الفلسطينيين,
فهل أنت لتغسل أيديهم من صليب المسيح, وقد كفروه, وحاق بهم كيدُهم, وهمُّوا به, فهل يكتبُ الحواريون عهدَهم من جديد؟
"وقولهم إنا قتلنا المسيح بن مريم", وبذا تكتمل الخطيئة,
"وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم",
وماذا عن المحرقة الجديدة؟ واغتصاب الحقيقة,
وأنت وإن شهدت لهم فلن يأمنوك, وإن شهدت عليهم مثل ابن مريم يصلبوك, وهم يطلبونك الآن, قبل الشهادة, لعلَّ الإفادة, تكون البراءة, إلى موعدٍ من جديد, يُغَضُّ به الطرْفُ, عن وطنٍ كاملٍ يرتقي في الصليب.

هيرودوس في المدينة, بقناع صولجان الملك الجديد, وبيلاطس, يا راهب أمة الكاثوليك,
وقد كان مزهواً ومتوجساً للحظة انتصار يفتكها أخيرا بعد تاريخٍ طويلٍ, من النبي الذي جاء يوبخهم ويلعنهم ويفتكّ غرورهم و"لا يكون النبي من ذرية داوود", وهي المساحة التي تقترب بهم إلى إعلان السيادة النهائية لبني إسرائيل في العالَمِين, وتصفية ما تبقَّى من حسابات مع أبناء الابن البكر وأتباع المسيح, في سياق مشبعٍ بمراهقةٍ ممسوخةٍ لم يُؤْثَر مثلُها في التاريخ.
فكيف يكون بابا الكاثوليك إلى جوار بابا القنبلة النووية, في المساحة المصلوبة من جغرافيا مغتصبة لاشرعية تصل إلى شفا الكفر بنبوءات العهدين وإرميا ونصوص متّى ودانيال, وعلى جوقة أكبر رواية تزوير, هي تجديدٌ وتأكيدٌ لتحريفِهم - عن مواضِعِه - الكلِمَ القديم, كتلك التي كانت تُنشِد أمامَهما ما يتطلبه الإتقان, لإلباسِ التاريخ ثوبَ الإلهام, والذين اقتادوك في درب الآلام, ما زالوا يقتادوننا إلى جبل الجمجمة, "لعمر الله إني أطلب أن أُخرِجَ الشيطانَ فلهذا السبب يثيرُ عليَّ العالمَ الشيطانُ".

ومن كل فجٍّ جاءك الجموع على هَدْيِ النجم الذي دلَّ الرعاةَ على مكان الوليد وهو في القماط ليلةَ الميلاد, وعندها تسرّب المكان وارتحل الزمان, واستضاء من زيتونةٍ يكادُ زيتُها يكون, مِنْ لا هُنا وليس الآن,
"حدّثنا يا معلّم عن خطيئة العالم و التوبة والخلاص والإنسان", صاحت الجموع:
وعن مجد الرب والأيام, وآخر المطاف, وعن قلوبنا, والجدار, والجنة والنار, ديمونة الموت, وآبدِ الحياة والأسرار, ومَن سيرث العار, وقصة أبينا آدم وورق التوت, قل لنا كل شيء, ملكوت الرهبوت الجبروت, وما عسى ابن آدم- وقد أبت الأرضُ والجبال والسماء- أن يحملَ ألأمانة, وهو الضعيف الظلوم الجهلوت..

الخطيئة تأخذ بأصحابها ومن بعيدٍ تنصب لهم شباكَها, وهم مبتهجون, وفي غيهم يعمهون يلتف حبلهم عليهم, يلعقون دمهم ظانين أنه دم اللاجئين, ولا يرون أنهم يلعقون ديمونة السكين, والجدار سجنُ روحهم, وهو دليل خوفهم, شهادة انحسارهم, وهو عنهم يعزلهم, كما أرادوه لأنفسهم, جدار قلبهم,

{{وتهتاج الجموع مع وصول هيرودوس وبيلاطس يطلبون المعلم الذي لم يكن في حديثه للشعب عن المحرقة والنبي كما يريدون}},
وفي مدينة العذراء, تحت الرُّطَبِ الذي تساقطَ جنيّاً, لم يسمعوا الصوت الصارخَ في البرّيّة ولا صوتَ الوليد الصارخ بالبشارة من بيت لحم إلى الناصريّة :"أنا عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا",
وعندما كان المعلم يودع أمه وتلاميذه على جبل الزيتون,
كان الكتبة والفريسيون بيهوذا – الذي ينفي أنّه إلا يهوذا - يهزأون,
ويسوقونه إلى جبل الجمجمة, ليصلبوه حيث يُصلَب المجرمون.

"أنا لم أمت ولكن يهوذا الخائن هو الذي مات"
"أُكتبْ ما حلَّ بيهوذا ليزولَ انخداعُ الناس المؤمنين, ويُصدّق كلُّ أحدٍ الحقَّ, إنك لعادلٌ أيّها الربُّ إلهَنا لأنّ لك وحدَك الإكرامَ والمجدَ بلا نهاية".

ثم حملته الملائكة الأربعة أمام أعينهم إلى السماء,

المجد والحمد لله في الأعالي ...
وعلى الأرض السلام ...
وفي الناس يودوووكيــا ...
هللووويــــــــــــــــــــــا...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهرجان كان السينمائي - عن الفيلم -ألماس خام- للمخرجة الفرنسي


.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية




.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي


.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب




.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?