الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بؤرة استيطانيّة لاشرعية

علي شكشك

2009 / 10 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


انتظره الجميع, مشلولين كانوا, عانّين عن مخرج من تلك المعضلة التي يتجافى فيها العدل عن مضجع الاستطاعة, ويستعصي على واقع القوة, في مكابدة تحفرُ أخاديدَها منذ أكثرَ من مائة عام, وهذه إحدى تجليات السؤال الفلسطيني, فهي اختبارُ جدوى ووجدٍ ووجود, وهى تتعدّى شعبَها وتمخرُ الحدود, وتقذفُ بالسؤال إلى الجار والذي يليه وإرثِ الجدود,
وفي الوقت الذي انهمك فيه العامّةُ بشئون الأيام, ولم يُعطِلْ أحدُهم مناسبةَ تكاثرٍ أو طهور, كانت نخبٌ كثيرةٌ تستشرفُ عصراً جديداً يلدُها من الضباب والحرج والمعضلة, فها أخيراً مهدي منتظر يتبلورُ من دخانِ البخور والعنبر الإفريقي, مجللاً بصولجان القرن الأمريكي, ومُعَمَّداً بِحُسَيْنَةٍ من بقايا مِسحةٍ من آثار أسماءِ القديسين, لتكتملَ هالاتُ الأسطورة, وتتعلَّقُ الأنفاسُ, وتستسلمُ روحُ الطفل لخدرٍ جميل, وهو يقاومُ صولجانَ سلطانِ النوم قبل أنْ يغفوَ على الوسادة, منتظراً نهايةَ الحكاية, بزواجِ الأمير النبيل من بِنْتِ الشعب الفقيرِ الجميل, رغم عيونِ الحاسدات المتآمرات الحاقدات, معليةً شأنَ البساطة والنقاء, ومُمجِّدَةً نبلَ الصولجان الذي وإنْ طالَ الزمان, سيأتي أميرُ بنُ أمير, ينفضُ عنه ما حاقَ به من ظلمٍ وبغيٍ وعدوان, ويُجْلِي مِنْه ومِنَ المستوطنات صدأَ الأيّام, ويُعيدُ له اللمعان,
وفي لهجةٍ لا تخلو من تلك الإيحاءات, كانت خِطبةُ أوباما, وقد استُهِلَّتْ بتحيةِ دين السلام ولهجة الصفاء, واستَحضَرَتْ روحَ التاريخ والأنبياء, وشاهَدْنا من وراء دخان العنبر والهواء, جحافلَ التتار ترتدُّ للوراء, وكِدْنا نتأهَّبُ لِسَبْيِ الإماء,
رغم أنه ليس من نسل يهوذا, فقد أخبرَنا يعقوبُ أنَّ شيلون من سبط يهوذا لن يكون,
ورغم أنَّ المسيحَ قد أُرسِلَ لتقريعِ خرافِ بني إسرائيل الضالة, يُبشرُهم بانتهاء عُهدتهم, ويَنسبُهم للشيطان, نافياً ادعاءَهم إبراهيم, ورافضاً أنْ يُكرِّزَ في غيرهم, ومتنبِّئاً بالدمار النهائيِّ الكامل للهيكل, ومبشراً باقتراب ملكوت الله الذي سيَنزعُ منهم ميراثَ النبوة والصولجان, ويُصحِّحُ مفاهيمَ العهد والوعد, ويَبتُرُ دابرَ المستوطنين الأقدمين, إنّما عهدُ الله لإبراهيمَ في إسماعيل, "سأباركه وأجعله أمماً كثيرة", فليس لهم ولا لنسلِهم هذه الأرض, وقد استحقوا بكفرهم على لسانِ داوودَ ولسانِه لعناتِ غضبِ الرّب, فَهَمُّوا به يقتلوه, وقد استحقوا لعناتِه, حتى وهو تصعدُ به الملائكةُ إلى السماء,
ومدرِكاً للمعنى الاستثنائيّ للمكان, ومسكوناً كالبشر برغبةٍ في مكانٍ في الزّمان, تَكلَّمَ بحكمةِ التاريخ, ونحن الضعفاءُ أمامَ المدحِ والثناء, فأضفى علينا ما أضفى مِنْ صفات, ليستدرجَنا في غمرة الخدرِ الجميلِ إلى قبيلةٍ ملحقةٍ بِركبِ السّيّدِ الجليل, فكان المعلمَ والزعيمَ والناصحَ الأمينَ والحكيم, حتى وهو يضعُ ختمَه النهائيَّ على معاناةِ و"حقِّ" قبيلةِ الخَزَر, أو القبيلةِ الثالثةَ عشَر, في الأرض التي وعَدَها اللهُ لأبناء المصريّة هاجر, أُمّ قبائلِ العرب, والتي " قال لها ملاكُ الرّب: تَكْثيراً أُكْثِرُ نسلَك فلا يُعَدُّ من الكَثرة, وقال لها ملاكُ الرّب: ها أنتِ حُبلى فتَلِدين ابناُ وتَدْعِينَه إسماعيل",

وعلى بُعدِ أقدامٍ مِن عَبْقرِ المكان, كان وما يزالُ النيل, ينامُ من عصر التكوين, ضارباً جذورَه بلا انتهاء, في غموض الأرض, ورافعاً يديه للسماء, وناثراً بلا حساب مواسمَ الزرع والحصاد,
حاملاً "ثِقْلَ هذه الأمانة ... الطبَّ ... والشِّعرَ ... والكهانة ..",
ولقد تَحَمَّلَ وحدَه على مدار التاريخ كلَّ الحجارة, ولكنْ حتّى حين جاءه الغزاةُ, جاؤوا راكعين, وأَعلنوا تبجيلَهم, وآخرون أَشهروا إسلامَهم, قبل أنْ تلفظَهم نعومةُ الصبر وحكمةُ الطمي, المترعةُ حدَّ الزهدِ في الادّعاء, وهي التي علَّمَت اليونان, ومَنَحَتْ مراكبَها للشمسِ ومسلّاتِها للقمر, وبصبرِ وحزنِ إيزيس جَمعتْ أشلاءَ أوزوريس, إلى أنْ عادتْ إلى عروقِه المياه, ومِن "كتابِ الموتى" استولَدَت الحياة, "إنّي أنا العنقاءُ التي في أُوْنْ, حافظُ سِرِّ الكائنات التي تُوجَدُ والتي ستكونْ",
وهنا السّكنُ والأمان, وقد جاء يوسفُ بعد أنْ هُمُو غدروه, وضاقت به الأرض, ليصبحَ وزيرَ الجمع والضرب,
وهي منتهى شوقِ الأنبياء, وقد جاء أبونا إبراهيم, ومع "هاجَرَ" هاجَر, وما زلنا مهاجرين, ونرفضُ التوطين,
وجاءت البتولُ مع طفولة المسيح, طلباً للأمان, هاربةً من الرومان, إلى أنْ رحلَ هيرودس, فعادتْ مع ابنها على الأتان,
ومن هنا ماريةُ القبطيّة, وخيرُ أجناد الأرض, وهنا "اخلعْ نعليك إنّك بالوادِ المقدَّسِ طُوَى", حيث "جاء الرّب",
فَمَنْ يُعلِّمُ مَنْ؟
وما يكونُ مِن شأنِ هذه القضيّة؟,
وفيها انطوت حكمةُ التاريخ, سِرُّ البدء, فتنةُ البَرِيَّة,
وحارت فيها العقولُ الألمعيَّة,
وأضاءت في حكمة طفلٍ سعيدٍ من الصعيد, والذي مِثْلَ عروسِ النيل نام, في تلك الحكاية,
عندما فتَّحَ عينيه على نفسِ الوسادة,
حائراً في الذي قالَ وفي الذي قد قِيل,
هامساً: "لا كثيرَ ولا قليلْ, ...
لُبُّ الحِكاية ... وجوهرُ التأويلْ ...
بؤرةٌ واحدةٌ لاشرعيةٌ ...
اسمُها إسرائيلْ ... ".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ماذا تنتظر فيلسوفنا العزيز
سلام الشمري ( 2009 / 10 / 4 - 17:34 )
بؤرة اللاشرعية
هي ذي امامك
فأزلها من الوجود
لا يحتاج الامر الى كل هذا التنظير
قلوبنا معك
لكن, بالله عليك
اشح ببصرك عن ايدينا
وانسى, تماماً كما يفعل كل مدرك للأمور
ان هناك شخص ما يُدعى اوباما
واذا ماكان لديك موانع في تنفيذ اقتراحي
فاعفنا من باقي الحديث
وأكتفي, بأنتظار غودو

اخر الافلام

.. رجل في فلوريدا بعمر ال 66 عاما يكتشف صدفة أنه ليس أميركيا


.. العربية ويكند | استطلاعات الرأي تساعد على التنبؤ بنتائج الان




.. العربية ويكند | مركز -بيو للدراسات-: هامش الخطأ في استطلاعات


.. العربية ويكند | بلينكن يعزف الغيتار في كييف بالتزامن مع تقدم




.. العربية ويكند | زوجة الأمير هاري تكشف للمرة الأولى عن أصولها