الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انزياحات ألمانية انتخابية

محمد سيد رصاص

2009 / 10 / 3
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم



لم يفز حزب المستشارة إنجيلا ميركل(أي:الإتحاد الديمقراطي المسيحي)بأصوات أكثر في انتخابات البوندستاغ(البرلمان الألماني)،التي جرت يوم27أيلول2009،بل نقصت أصواته قليلاً عن انتخابات2005،وهو ماأصاب أيضاً ولكن أكثر"حزبه الشقيق"،أي(الإتحاد المسيحي الاجتماعي في ولاية بافاريا)،ذو القاعدة المحصورة بكاثوليك بافاريا،بخلاف"شقيقه"الذي يمتد بين البروتستانت والكاثوليك،والذي وجد امتداداً سريعاً في موطن ميركل،أي ألمانية الشرقية.
رغم هذا،فإن ميركل قد كانت الرابح الأكبر من هذه الانتخابات،لأنها تستطيع الآن أن تتخلص من"الزواج القسري"مع الحزب الديمقراطي الاجتماعي منذ انتخابات2005،وذلك بحكم فوز الحزب الليبرالي بنتيجة14,6%من الأصوات وهي نتيجة غير مسبوقة في تاريخه، مايمكنُها أن تحكم طوال الأربع سنوات القادمة عبر حكومة يمينية خالصة،متفادية ذلك"التحالف العريض"مع"يسار الوسط"الذي يمثله الديمقراطيون الاجتماعيون،الذين عانوا من هزيمة مرَة(هي أسوأ نتيجة لهم في تاريخ مابعد الحقبة الهتلرية)عندما نزلت أصواتهم إلى 23% فيما كانوا أقرب لمعادلة أصوات حزب ميركل و"شقيقه"(34,2%35,2%).
قادت خسارة الحزب الديمقراطي الاجتماعي لأحد عشرة بالمئة من مجموع أصواته السابقة(مع عدم نيل شريكه بالحكم لشيء منها)إلى انزياحات هي التي تطبع الآن كامل المشهد السياسي الألماني الجديد بطابعها ،وهي التي ستترك بصمتها على المدى المنظور،وربما أبعد. إذا أردنا الحساب العددي،فقد ذهب3,2%من تلك الأصوات المفقودة من الديمقراطيين الاجتماعيين إلى حزب اليسار(الذي يضم بقايا شيوعيي ألمانية الشرقية السابقين مع اليساريين المنشقين عن الديمقراطيين الاجتماعيين بزعامة أوسكار لافونتين منذ اندماجهما في حزيران2007بعد أن كانوا مؤتلفين في انتخابات2005)،فيما حصًل الليبراليون منها على 4,8%،والخضر2,6%(نال الخضر 10,7%في انتخابات2009،واليسار11,9%).
يمكن لهذه الأحزاب الثلاثة،أي(اليسار)و(الخضر)و(الليبرالي)،أن تعبر عن مأزق الديمقراطيين الاجتماعيين منذ اتجاههم في عهد المستشار السابق غيرهارد شرودر(1998-2005) نحو الإنزياح عن عناصر كثيرة من الاتجاه الاشتراكي الديمقراطي بإتجاه الليبرالية،وهو ماحصل أيضاً عند مزامنيه الاشتراكيين الديمقراطيين،مثل الفرنسي جوسبان والبريطاني بلير،وفي فترة كان اليمين الليبرالي الجديد في ذروة انتصاراته الإيديولوجية-السياسية-الاقتصادية بمرحلة (مابعد موسكو). بدون هذا،لايمكن تفسير انشقاق لافونتين عن حزب شرودر،ولاالصدامات المستمرة بين الأخير ووزير خارجيته"الأخضر"يوشكا فيشر،وكذلك الضعف الحاصل على الحزب الليبرالي في عهد شرودر. أيضاً‘فإن تنامي هذه القوى الثلاث،مع دخول الحزب الديمقراطي الاجتماعي في مرحلة هي أبعد من المأزق لتصل إلى حالة الأزمة،يفسر قوة تآكل أصوات ذلك الحزب الألماني العريق،الذي أراد أن يكون في موقع الوسط بين اليسار والليبرالية،وأن يتزاوج ليس فقط ائتلافياً مع الخضر وإنما أيضاً ولحدود معينة في المجال الفكري- الإيديولوجي.
في هذا الصدد،يلاحظ أن هذه الأحزاب الثلاث،النامية الآن بقوة في ألمانية،تعبرإما عن اندماجات بين مكونات سياسية كانت محصورة في مناطق ألمانية الشرقية السابقة،مثل الشيوعيين الآتين من حزب إريش هونيكر أو(تحالف التسعين)،مع مكونات ألمانية غربية مثل جماعة لافونتين و(الخضر)الذين اندمجوا مع(تحالف التسعين)الآتي من قوى مجتمع مدني تكوَنت في مرحلة مابعد سقوط هونيكر،أوأنها تتجاوز قواعدها الاجتماعية القديمة نحو مواطىء جديدة،مثل الليبراليين،الذين ظلوا تاريخياً محصورين في مناطق بروتستانت ألمانية الغربية ولم يحققوا امتداداً سريعاً في ألمانية الشرقية مثل حزب ميركل،حيث أظهروا حضوراً قوياً في الإنتخابات المحلية لولاية بافاريا الكاثوليكية عام2008،ثم في عام2009نالوا نسبة تجاوزت حاجز5%في انتخابات ولاية براندنبورغ الشرقية.
هذا الشيء يعبر بدلالاته عن قوة آليات الإندماج الحاصة في مرحلة مابعد وحدة1990الألمانية،وعن تكوُن ثمرات الوحدة،كماأنه بدلالاته يدل(على غرار تجربة مماثلة مثلَتها مسيرة سلف الديمقراطين الاجتماعيين أي حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي المتكوِن عام1875بمؤتمر مدينة غوتا عن اندماج بين"اللاساليين"المتركزين في الشمال والشرق البروسيين والبروتستانتيين وبين "الإيزيناخيين"المحصورين في ولايتي بافاريا وفورتمبرغ الكاثوليكيتين بالجنوب بعد قليل من تحقق وحدة1871الألمانية)على أن الأحزاب الألمانية التي تمثل مجموع النسيج الألماني الموَحد أوتمتد نحوه ستكون في حالة مد سياسي،والعكس صحيح ،مثل حالة (حزب الشعب)في بافارياتأسس عام1865الذي كان سلف(الاتحاد المسيحي الاجتماعي)،والذي نادى بوحدة"ألمانية الكبرى"لكي يوازن بالنمسا الكاثوليكية قوة بروسيا البروتستانتية،التي أقامت تحت قيادة بسمارك وحدة1871.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وماهو موقع الحزب الماركسي اللبنيني الالماني
عبد الرحيم عواد ( 2009 / 10 / 4 - 14:12 )
وماهو موقع الحزب الماركسي اللبنيني الالماني ضمن الصراع الدائر

اخر الافلام

.. رغم تحذيرات الحكومة من تلوث مياهها... شواطئ مغربية تعج بالمص


.. كأس أمم أوروبا: فرنسا تسعى لتأكيد تفوقها أمام بلجيكا في ثمن




.. بوليتيكو: ماكرون قد يدفع ثمن رهاناته على الانتخابات التشريعي


.. ردود الفعل على قرار الإفراج عن مدير مجمع الشفاء الدكتور محمد




.. موقع ناشونال إنترست: السيناريوهات المطروحة بين حزب الله وإسر