الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أكتوبر مشعل: هل هو عبور للتصالح بين حماس وإسرائيل؟!

حسن ميّ النوراني
الإمام المؤسِّس لِدعوة المَجْد (المَجْدِيَّة)

2009 / 10 / 3
القضية الفلسطينية


في مؤتمره الصحفي الذي عقده خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خلال زيارته ووفد من قيادة حركته للقاهرة، للرد على ورقة تقترحها مصر للمصالحة بين حركتي حماس وفتح, بدا مشعل اقرب ما يكون للتصالح، مع حركة فتح بعد اختيار قيادة جديدة لها, سبق لحماس أن وجهت انتقادات قاسية، بلغت حد الاتهام بالخيانة الوطنية, لكثير من عناصرها الذين صعدوا لمرتبة اللجنة المركزية لحركة فتح, بعد مؤتمر الأخيرة المنعقد قبل أسابيع قليلة..
لهجة التصالح التي صبغت حديث مشعل، امتدت فيما بدا واضحا, للمشروع السلمي بين الفلسطينيين والإسرائيليين, من خلال تكرار مشعل, لتسجيل موقف حركته الإيجابي من الورقة المصرية, هذا الموقف, الذي يفتح الباب أمام تصالح بين حركتي فتح وحماس، برعاية مصر, التي فتحت باب التصالح العربي الإسرائيلي, الذي انطلق بعد حرب أكتوبر عام 1973م.
وأيديولوجيا حركة حماس وأدبياتها الرافضة للتصالح مع إسرائيل، لم تكن تتفق مع النتائج التي ترتبت على ما اعتبره المصريون, "نصر أكتوبر"، بما في ذلك, اتفاقية أوسلو التي أبرمتها قيادة منظمة التحرير الفلسطينية, التي رفضتها حركة حماس، وطرحت بدلا عنها, ما تسمية أدبياتها بـ "خيار المقاومة".
لكن مشعل, بينما كانت من حوله قيادة حركته, التي صاحبته للقاهرة، حمل للفلسطينيين بشرى "أكتوبر فلسطيني" على غرار "أكتوبر المصري" الذي قاد العرب بما في ذلك منظمة التحرير, للاعتراف بمشروعية وجود إسرائيل.
تزامنت تصريحات مشعل, مع الذكرى التاسعة لانطلاقة انتفاضة الأقصى في 28/9/2000م, التي سجلت فيها حماس، خاصة بالفعل العسكري, حضورا قويا. وخلال التسع سنوات الأخيرة, قفزت حركة حماس للواجهة السياسية الفلسطينية، بعد فوزها الساحق ضد حركة فتح في الانتخابات التشريعية لمناطق السلطة الفلسطينية عام 2006م. وقفزت الحركة أيضا, للواجهة السياسية العربية والإقليمية والعالمية, بعد سيطرة الحركة على قطاع غزة، وبعد حرب شرسة شنتها إسرائيل ضد القطاع في نهاية العام المنصرم وبداية العام الحالي (2009م)، قالت فيه حركة حماس, التي تهيمن على القطاع, أنها خرجت منها منتصرة, رغم موت ودمار بشعين أصابا مواطني القطاع ومرافقهم.
بشرى مشعل بـ "أكتوبر فلسطيني" على غرار "أكتوبر المصري", ينطلق من عقيدة حركة حماس بأنها حققت في الحرب الإسرائيلية البشعة، انتصارا, من نفس نوعية الانتصار الذي حققه النبي محمد في أولى معاركه العسكرية، معركة بدر, التي يصفها المسلمون بـ "معركة الفرقان".. وحركة حماس, أطلقت على الحرب التي شنتها إسرائيل على القطاع بعد سيطرة حماس عليه, بـ "معركة الفرقان" أيضا!
ووفقا للبشارة المشعلية, يمكن القول أن "معركة الفرقان" الجديدة, هي المدخل لـ "أكتوبر فلسطيني" على غرار "أكتوبر المصري" الذي حدث في العاشر من رمضان عام 1973 ميلادي، بفارق أربعة أيام عن "معركة الفرقان" النبوية.
كان مشعل يمتلك زخما من التفاؤل، ظهر منه وهو يتحدث للصحافة في القاهرة, حول التصالح القادم بين حركته, وحركة فتح التي يرئسها محمود عباس، مهندس أوسلو, الذي لا يزال على إخلاصه القديم للاتفاق الذي أنجزه مع الجانب الإسرائيلي, والذي قاد إلى اعتراف فلسطيني بحق إسرائيل في قيام دولتها على 78% من أراضي فلسطين التاريخية.
وتحدث مشعل, في مؤتمره الصحفي بالقاهرة, ربما للمرة الأولى, عن موافقة حركته على قيام الدولة الفلسطينية في الـ 22% الباقية من فلسطين التاريخية, دون أن يربط هذه الموافقة, باشتراطات سبق لحماس أن طالبت بالالتزام بها, لدى الاتفاق على إقامة دولة فلسطينية, منها: دولة الـ "22%" ليست بديلا عن دولة فلسطينية في فلسطين التاريخية كلها.. ومنها: أن موافقة حماس على دولة "الـ22%" مرهونة بموافقة إسرائيل على هدنة بين الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية, تستمر لعشر سنوات, زادتها حماس في وقت لاحق, إلى مدة أطول من ذلك بكثير.. ومنها أيضا, رفض الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود!
وحماس أدركت منذ وقت, أن تحرير كامل فلسطين، مهمة لا يستطيع الجيل الراهن القيام بها.. لذا, وعلى لسان مؤسس حركة حماس الشيخ الشهيد أحمد ياسين, وفي حديث سمعته منه رحمة الله عليه, خلال لقاء جمعنا في بيته, فإن حماس تعتقد أن تحرير فلسطين عملية لا بد من ترحيلها للأجيال القادمة..
وللمرة الأولى وبجلاء غير مسبوق، ربط مشعل, المقاومة التي تتبناها حركته, بقيام دولة الـ "22%". وقال أن لا سبيل لقيام هذه الدولة بغير المقاومة. لكنه لم يرفض عملية المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين, التي تتبناها قيادة حركة فتح, التي أكدت في المؤتمر الأخير لها، نظريا, على حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال لأراضي فلسطين المحتلة عام 1967م. ورغم أ، قيادة حركة فتح، الراهنة، وفي الواقع، ضد خيار المقاومة، لكن حركة فتح انخرطت خلال انتفاضة الأقصى في العمل المقاوم، الذي كان هدفه الظاهر للعيان, بالنسبة لحركة فتح ما قبل عباس, هو دعم المفاوض الفلسطيني, الذي ظل يناضل بالمفاوضات, نضالا عبثيا, منذ 15 عاما لتحقيق هدف قيام دولة الـ "22%" فيها.
ونخمن أن حركة حماس, بعد "معركة الفرقان" الجديدة التي شهدها قطاع غزة، الذي تسيطر حماس عليه، تقترب من التصالح مع منهج حركة فتح.. هذا الاقتراب أكد عليه مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، بإعلان واضح، عن استعداد حركته "لطي صفحة الماضي" بين حماس وحركة فتح..
"طي الصفحة" الذي دعا إليه مشعل, هو مع طرف حركة فتح, بقيادتها الجديدة بزعامة قوية لمحمود عباس، المؤمن حتى النخاع بعبثية مقاومة حماس، على قدر إيمانه بالمفاوضات مع إسرائيل, للحصول منها، على حق الفلسطينيين في إقامة دولة لهم فيما تبقى من فلسطين التاريخية، بعد قيام دولة إسرائيل عام 1948م.
هل "طي الصفحة" مع قيادة تعترف بإسرائيل, وتحت رعاية مصر, التي قادت العرب للاعتراف بإسرائيل, سيكون مقدمة لطي صفحة ما سبق من تاريخ الجهاد الفلسطيني لتحرير كامل فلسطين؟!
هل استوعبت حماس، الدرس القاسي الذي تلقاه قطاع غزة تحت سيطرة حماس، لدى شن إسرائيل لأبشع حرب خاضتها ضد الفلسطينيين والعرب معا منذ قيامها؟! وهو درس قاس مرير ومرعب خرجت منه حماس كما دخلت, لكن بخسارة 1500 شهيد نصفهم من النساء والأطفال والمدنيين, فضلا عن أبشع تجربة من الهلع الفظيع عاشها مواطنو القطاع خلال ثلاثة أسابيع كانت كابوس رعب متواصل! لكن قيادة حماس, اعتبرت معركة "فرقانها" نصرا مبينا، من نوعية نصر المسلمين الأوائل في معركة الفرقان النبوية, التي مهدت للفتح المبين: فتح النبي محمد لمكة.. أما "فرقان حماس", فإنه يمهد لـ "فتح أكتوبري فلسطيني", على غرار "الفتح الأكتوبري المصري" الذي مهد الطريق أمام حركة فتح, إلى أوسلو والاعتراف بإسرائيل!
قد تكون حماس قد استوعبت, أن تجربتها في السيطرة على قطاع غزة، المغلق بحصار منهِك, على مواطنيه وعلى الحركة المقاومة, غير قابلة للامتداد نحو الضفة الغربية التي تسيطر عليها قيادة حركة فتح؟! وقد تكون حماس, ومن خلف الواجهة الدعائية, قد استوعبت درس الحرب على قطاع غزة تحت سيطرتها!
ولدت حركة حماس من رحم جماعة الإخوان المسلمين التي استعصت على الفناء في وجه إجراءات كثيرة استهدفت إنهاء وجودها.. ولدى الإخوان المسلمين, حاسة سادسة فعالة تستشعر الأخطار المحدقة.. كما لديها براعة تكتيكية لمواجهة الخطر الداهم والإفلات منه.. فهل موقف حماس كما عبر عنه مشعل, في القاهرة, براعة تكتيكية جديدة لمواجهة خطر داهم يستهدف المشروع الإسلامي الذي حقق "نصرا" في قطاع غزة، لدى قيام "إمارة" حظيت بتأييد واسع من إسلاميي خط الإخوان؟!
التصالح المقترح بين حركتي فتح وحماس لن يتحقق إلا باقتراب أحد الطرفين من رؤية الطرف الآخر.. تصريحات مشعل تشي بأن حركة حماس تملك الاستعداد للتقدم نحو موقف فتح, وقد يكون ذلك تحت مظله "احترام" حركة حماس لالتزامات منظمة التحرير إزاء مسألة العلاقة مع إسرائيل، التي تعترف بها المنظمة التي يرئسها زعيم حركة فتح محمود عباس؟!
"الاحترام" الذي وافقت حركة حماس على تقديمه لصالح التزام المنظمة بالاعتراف بإسرائيل, والتخلي عن العنف لحساب التفاوض, هو في الواقع, اقتراب من رؤية حركة فتح التصالحية مع إسرائيل!
والتصالح الذي بشر به مشعل مع حركة فتح, هو تصالح مع قيادة جديدة لحركة فتح, تضم من بينها أشخاص حسبتهم حركة حماس في خانة العداء للقضية الفلسطينية. وطي صفحة الماضي, هو طي لصفحة كانت تزدحم بعلاقات صراعية فظيعة بين قيادة حماس وأفراد صعدوا للمرتبة الأعلى في حركة فتح..
التصالح المشعلي, بلغة مشعل, سيكون عبورا أكتوبريا فلسطينيا على غرار العبور الأكتوبري المصري الذي انطلق منه الزعيم المصري السابق أنور السادات نحو "سلام" مع إسرائيل!
سؤالنا الأخير هنا: هل موافقة حماس المرتقبة على التصالح الأكتوبري مع حركة فتح تكتيك يفرضه الواقع, أم أن حركة حماس, تفتح الباب أمام تحول حركة الإخوان المسلمين بكاملها وجهة جديدة وتصالحية مع واقع العالم الراهن, بما في ذلك وجود دولة إسرائيل؟! ثم.. هل هذا التصالح الإسلامي مع واقع العالم, فعلا استراتيجيا أم تكيفا تكتيكيا؟!
• الكاتب: مفكر فلسطيني ومؤسس دعوة النورانية
• جوال: 9412414 59 00972
• بريد إليكتروني: [email protected]
• موقع إليكتروني: http://www.alnorani.com
• فلسطين – غزة - بيت لاهيا - في 1/أكتوبر 2009م











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من المستفيد
مصري ( 2009 / 10 / 5 - 05:36 )
منذ متى كانت حماس غير متصالحة مع إسرائيل ؟ حماس عميلة إسرائيل التي حققت لها كل ما تريد من دم الفلسطينين . من استفاد بالخصومة المدبرة بين حماس وإسرائيل غير إسرائيل؟

اخر الافلام

.. الغوطة السورية .. قصة بحث عن العدالة لم تنته بعد ! • فرانس 2


.. ترشح 14 شخصية للانتخابات الرئاسية المرتقبة في إيران نهاية ال




.. الكويت.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصب


.. حماس ترحب بمقترح بايدن لإنهاء الحرب.. وحكومة نتنياهو تشترط|




.. الجبهة اللبنانية الإسرائيلية.. مزيد من التصعيد أو اتفاق دبلو