الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر الطاردة لاهلها

بهيجة حسين

2004 / 5 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


ضاقت الدنيا واغلقت نوافذ الرزق، والفقر ذل ومهانة يكسر ظهور الرجال ويحني رقابهم، ويضع سدودا وطرقا مظلمة وقاتمة أمام المستقبل0

إنها الاوضاع في مصر التي وصلت لحد الحاجة لثمن الخبز الحاف، بينما تدوس علي رقاب المواطنين حكومة تنفق علي مشترياتها اليومية 333 مليون جنيه، وتستولي علي معاشات الأرامل واليتامي والعجائز، وتبدد 60 مليون جنيه علي «خيبتها» في تنظيم كأس العالم في مصر، وتبدد هذه الملايين لتحصل علي صفر في النهاية، وهذا الصفر ترجمته الحرفية أن مصر أصبحت بلدا بلا قيمة0

في مثل هذه الأوضاع والفقر ينخر في عظامنا كالسوس لابد أن يبحث كل منا عن الحل الفردي لمشاكله حتي لو كان هذا الحل الهروب من مصر، عبر مركب مهشم، يحمل في بطنه الموت غرقا، بينما يحمل شاطئ الوطن الموت جوعا0

وفي خلال أقل من شهر تتعدد محاولات رجال البلد الهرب منها بطريقة غير مشروعة عبر البحر، كان آخرها محاولة 44 شابا من عدة محافظات تتراوح أعمارهم بين الخامسة عشرة وأواخر الثلاثينيات، الهرب إلي اليونان بحثا عن فرصة عمل دفعوا من أجلها كل ما يملكون بيعه أو رهنه0 وضمانا لما تبقي حرروا ايصالات أمانة وكمبيالات0

وفي بطن المركب يتكوم الرجال متجرعين مهانة الذل والاحتياج، لمدة ستة أيام ليس مسموحا لهم بالخروج أو الحركة وليس لهم من زاد سوي كسرات خبز تعفنت، وجرعة ماء مذاب فيها حبات سكر0 وبعد انقضاء الأيام يتوقف المركب أمام شاطئ العجمي ويوهمهم المهربون أنهم وصلوا إلي اليونان، وعليهم السباحة إلي الشاطئ، وعلي شاطي العجمي يكتشف الشباب أنهم وقعوا ضحية عملية نصب0

وقبل هذه الواقعة بحوالي شهر ، وفي محاولة للهرب من الجوع والفقر وظلمة المستقبل، لقي 37 شابا من محافظة الدقهلية مصرعهم غرقا في البحر المتوسط، ومنذ أقل من عام لقي سبعة مواطنين من بني سويف مصرعهم غرقا في بئر مخلفات أحد المصانع بالعقبة بالاردن0

وبين زنازين سجون الدول الشقيقة والدول الصديقة ، يقبع عشرات المئات أو الآلاف من المصريين لدخولهم تلك الدول بطرق غير شرعية0

لقد وصلنا مع سياسات تلك الحكومة إلي طريق مسدود، وها هي نبوءة الشاعر صلاح عبد الصبور تتحقق فهو القائل «انفجروا أو موتوا» ولأننا لم ننفجر فإننا نموت غرقا في البحر، أو في بئر مخلفات، أو انتحارا ، بينما السادة الجالسون علي مقاعد الحكم يمتصون دماءنا ويأكلون لحمنا، ولن يشبعوا ما دمنا صامتين0 وإلي متي ؟ سؤال نحن فقط القادرون علي الاجابة عنه، حتي نعلق الجريمة في رقاب من ارتكبوها، ومن حولوا مصر إلي بلد طارد لأهله وفي تغير عنيف للشخصية المصرية التي اتسمت بالسعي للاستقرار في بلادها، ولكن كيف؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سودانيون يقتاتون أوراق الشجر في ظل انتشار الجوع وتفشي الملار


.. شمال إسرائيل.. منطقة خالية من سكانها • فرانس 24 / FRANCE 24




.. جامعة أمريكية ستراجع علاقاتها مع شركات مرتبطة بإسرائيل بعد ا


.. تهديد بعدم السماح برفع العلم التونسي خلال الألعاب الأولمبية




.. استمرار جهود التوصل لاتفاق للهدنة في غزة وسط أجواء إيجابية|