الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلسلة طويلة في حديث ... أنا رجل (ح 9)

سعد الغالبي

2009 / 10 / 5
الادب والفن


ثمة مشهد أصبح كثير الحدوث في زمن الصوت الأوحد ، وهو يكرر في ليل كل بيت من بيوتات المدنية التي أعيش بها، ويكاد هذا المشهد وسيناريو أحداثه دائم الحدوث في ليل كل مدينة من مدن البلد الذي يقوده صاحب الصوت الأوحد .. سيناريو هذا المشهد يتضمن التالي :- مشهد داخلي ليلي أن ثمة رجل يستمع للمذياع خلسة ـ يتمنى أن يسمع خبر ، أو كلام لرجل معارض يعيش في المنفى ـ وهو خائف كل الخوف من مخبر سري يقف عند الباب الخارجي للبيت ، أو كان ماراً مصادفة وهي الصدفة التي تحدث كثيراً .. إنتهى المشهد ، ولكنه سوف يتكرر في الليلة القادمة لأن مهارات هؤلاء المخبرين السريين (المعروفين علناً للناس ) في نقل ما يسمعونه من جمل حوارية يتحدث بها الناس في ليلهم الطويل ، كانت تمتاز بالدقة ، ومن ثم الأضافة التي تجعل ما ينقلوه ذا قيمة ومؤثر ، لأنه على أساس ما ينقلوه هؤلاء تبنى سياسة بلد سوف تطرح في الشارع في اليوم التالي ، أو إعتقال لأحدهم ، ولربما من كان يستمع لصوت الراديو في الليلة الماضية .
في زمن الصوت الأوحد ، أصبح رجالات " الحزب " الذي يملكه صاحب الصوت الأوحد يمتلكون قوة لدرجة تجعل المار بقربهم يشعربالخوف ، خشية من نظرة اليهم تفسر من قبلهم كخيانة أو بغض لمالك حزبهم ، ولأنهم (أي الحزبيين ) قد أتقنوا اللعبة التي تتلمذوا فيها من أفكار ميكافيلي وأطروحاته ، تلك الأفكار التي اصبحت الدرس الأول في مقرات الحزب ، وإن كان المقر في قرية نائية قرب الأهوار ، تلك اللعبة التي جعلت اللاعب معهم يشعر بالهزيمة من اللحظةالأولى ، ودونما أن يعرف السبب ، أو يعرفه ،ولكن لا نفع من التفكير به .
في زمن لاحق لزمن صاحب الصوت الأوحد ، ثمة سؤال يطرح نفسه ، كيف تمت السيطرة على الأنسان بأقصى درجة لمعنى القوة ، والأنسان يكاد راضياً لما يعانيه ، وأظن الجواب يأتي كالآتي : عندما تعمل في الخفاء ، وترصد مواقع الوجع أين تكمن في هذا الإنسان أو ذاك عندها تتمكن في إنشاء طريق قد صمم على مزاجك أنت ، ثم تجعل الجميع يسيرون به دون عناء تبذله ... وهذا ما كان يحصل في زمن الصوت الأوحد .
ولكن .. أي طريق قد أنشأ ، طريق لو إستذكر من مر به ، لحظات ضعفه ، لبوبخ هذا العالم منذ تلك اللحظات وحتى يومه الذي يعيش به .. إنه طريق الحروب وأناشيد الضياع والسقوط نحوالهاوية .

حروب سبقتها ولحقتها حروب ، ولا ندري بأي حرب قتلنا ، أو تهجرنا أو تخلفنا ، أو.....
ثمة حرب قُتلت فيها كل أشجار البلوط ثم أحرقت في أعلى قمة جبل على أرض السليمانية ..
كانت حرب تدار من قبل المجهول حين سُخّر القاتل تحت وطأة الخوف ، فكان القاتل والمقتول ينادون بصوت واحد كلنا (مظلومون ) ، فكانت حرب جعلت إبن الجنوب ينظر لأخيه الآخر كيف يموت .
ولكن حين تعادل الجميع في الظلم ، جاءت الأفكار من قبل ذلك المجهول ثانية ، لتعلن حرب جديدة ، وهي الثأر من الجميع ،لأنهم في حروبهم الأولى قد تعادلو ... ولكن هذة المرّة لابد أن يخسر الجميع .
فنادى منادي آخر ،إسمه وصورته تلعن كل يوم ، إن الموعد على حدود العراق الشرقية ، وعلى الجميع أن يشارك ، لأنها حرب النهاية ، فمن إمتلك فكراً فليأتي الى هناك ، لأننا نريد أن نقتل الأفكار ، ومن إمتلك موهبة في أي شي ما ، فلايدع موهبته تفلت في مكان آخر ، ولكن لتسكن القبور حين مثواه ومثواها الأخير .
فأصبح الجميع يتسارعون في تلبية نداء (الخوف الأزلي ) ..
كنت حينها في الجامعة أتلقى الدرس ، ولأنني أحد أفراد (جيل السيتينات ) ، فقد تمكن الخوف مني ، فخشيت من يوم يأتي ، ولا يظل أحد من أقراني يروي ما حصل ....

والحديث بقية....
سعد الغالبي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع


.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي




.. الأسطى عزيز عجينة المخرج العبقري????


.. الفنانة الجميلة رانيا يوسف في لقاء حصري مع #ON_Set وأسرار لأ




.. الذكرى الأولى لرحيل الفنان مصطفى درويش