الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمنية

نضال الصالح

2009 / 10 / 4
الادب والفن


حين احتفلت بعيد ميلادي السبعين أعلنت لبناتي وأبنائي وأهلي وأصدقائي بأنها آخر مرة أسمح فيها لأي كان بالإحتفال بعيد ميلادي. قلت لهم : " أرجوكم إبقوني في السبعين ولا تذكرونني ابدا بأنني أكبر وأشيخ كل عام، فلا تحتفلو بعد اليوم بعيد ميلادي، لا تذكرونني بأني كبرت عاما آخر بهداياكم واحتفالكم!"
لكن أولادي لم يسمعوا كلامي، فظلوا يحتفلون بكل عيد ميلاد لي وظلوا يقدمون لي الهدايا بهذه المناسبة"
عندما قرب ميلادي الثالث والسبعين سمعتهم يتهامسون ويتشاورون فعرفت أنهم، رغم تحذيري المستمر، مقدمون على مؤامرة الإحتفال بعيد ميلادي الثالث والسبعين، فنهرتهم وهددتهم بأنني سأغضب وأنني لا أريد منهم أي احتفال ولا أي هدايا بهذه المناسبة. جرى اجتماع سري للعائلة تناقشوا الوضع وعينوا ابتي الصغيرة، وهي أكثرهم جرأة، على الحديث معي.
قالت:" يا والدي يا حبيبي، لا تحرمنا من هذه المناسبة للإحتفال بك بيننا، ولن يكون احتفالا كبيرا وإنما عائليا، فقط نحن، بناتك وأبناءك وأحفادك." ثم أضافت بتحدي:" سنحتفل بك إن قلت نعم أم لا، ولكننا أمام مشكلة وهي أننا لا نعرف أي هدية نقدمها لك. فأخبرني يا أبي ماذا تتمنى وماذا تشتهي أن نقدمه لك؟" قلت لها:" يا ابنتي العزيزة، لا أريد شيء وكل ما أتمناه هو حولي وهو أنتم، أبنائي وبناتي واحفادي."
لكنها كعادتها منذ طفولتها كانت لحوحة ولا تقبل الإستسلام بدون مقاومة فقالت:" لا بد أن هناك شيئ تتمناه، طبعا إلى جانب تحرير فلسطين من اليهود وتطهير العراق من الأمريكان وإلى آخره من أمنياتك المعروفة".
نظرت إليها ثم قلت لها أتعرفين ما أتمناه الآن من كل قلبي؟" قالت قل يا أبي وإذا كان بإمكاننا فسنلبي مناك." قلت لها:" لا أظن أنكم قادرون على تلبية أمنيتي، فكل ما أتمناه أن تظهر أمك أمامي لمدة دقيقة واحدة حتى أقول لها كم أحبها وكم أنا مشتاق لها.أريدها أن تتأكد من حبي لها."
نظرت إلي والدموع تترقرق في عينيها وقالت: " هي تعرف يا أبي، فلقد ترعرعنا ونحن نسمعك تقول لها صباح مساء كم تحبها وهي تقولها لك بالمثل، هي تعرف يا أبي". قلت لها: " أنا أخشى أنني لم أقلها لها كفاية" وبكيت وأنا أردد " أخاف يا بنيتي أنني لم أقلها كفاية."
أمسكت بيدي وضغطت عليها وقالت: " لا يا ابي لقد قلتها كفاية وهي تعرف كم تحبها، هي تعرف". ثم قامت وتوجهت نحو باب الخروج، فتحته واستداردت نحوي ودموعها تنهمر من عينيها:" أنا مشتاقة لأمي ايضا يا أبي ولكنني أقولها لك يا أبي بأنني أحسدها لأنها لقيتك وعاشت معك أجمل أيام عمرها." ثم خرجت وأغلقت الباب وبقيت وحيدا مع السؤال الذي يعذبني:" هل قلت لها كم أحبها بما فيه الكفاية؟!"
د. نضال الصالح/ فلسطين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرباط تستضيف مهرجان موسيقى الجاز بمشاركة فنانين عالميين


.. فيلم السرب لأحمد السقا يحصد 22.4 مليون جنيه خلال 10 أيام عرض




.. ريم بسيوني: الرواية التاريخية تحررني والصوفية ساهمت بانتشار


.. قبل انطلاق نهائيات اليوروفيجن.. الآلاف يتظاهرون ضد المشاركة




.. سكرين شوت | الـAI في الإنتاج الموسيقي والقانون: تنظيم وتوازن