الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من رفح الشامخة إلى قمة الخجل والذل العربي!!!

محمد بسام جودة

2004 / 5 / 29
القضية الفلسطينية


أن تكون فلسطينياً فهذا يعني أن كل أيامك مجبولة بالدم والموت والدمار والخراب، تبطش بك يومياً آلة الحرب الإسرائيلية، ويبطش بك أكثر صمت عربي ودولي مريب، فلا يبقى أمامك إلا أن تختار شكل موتك في زمن رسمي عربي ترسم حدوده ضغوط البيت الأبيض . وكأنه بات قدراً على الإنسان العربي الفلسطيني أن يتعلم أبناءه أبجدية الموت قبل أن يتعلموا أبجدية الحياة التي خلقوا من أجلها، والتي أثراها أجدادهم بحضارة أسست لإنسانية الإنسان .
إن هذه الأمة لم تعد تصلح إلا للاستجداء الدولي.! وأن هذه الأمة قد قاتلت طويلا حتى تـنتصر في معركة التحول إلى سلاحف مهذبة، لا ترغب حتى باللحاق بالكلام الذي تقوله.!
لقد خيروها فاختارت الصمت العربي، وبقي لإسرائيل الدم الفلسطيني.! فالعدو الإسرائيلي يخوض بجدارة وامتياز المباريات الدموية من قتل الأطفال والنساء والشيوخ وتدمير المنازل والمساجد على رؤوس المصلين لتحقيق حالتي الرعب والإحباط في الوطن العربي، والأمة العربية تخوض- بجدارة وامتياز أيضـًا- المباريات الكلامية حول مكان وزمان وانعقاد القمة العربية.! تـُرى، كيف استوطن في عقل العرب ذلك المثل الصيني المهجور الذي يقول: "اجعل عدوك صديقك واخلد إلى الراحة"؟
" قوس قزح " اسم لعملية عسكرية إسرائيلية جديدة تقدم للرؤساء والحكام العرب علي مرمي انعقاد قمتهم العربية بتونس ، لتخلف مجزرة إجرامية ترتكب ضد أبناء شعبنا الفلسطيني في رفح، وتتابع فصولها في جنين وغزة وطولكرم وبيت حانون ورام الله ضمن مسلسل الإرهاب المنظم والمستمر في الكيان الصهيوني ضد فلسطين الأرض والشجر والبشر والمقدسات.!
اختار شارون كعادته أن تكون رسالته إلى القمة العربية مزيداً من سفك الدماء الفلسطينية، حملتها فظائع مجزرة تل السلطان والبرازيل في رفح وقبلها حي الزيتون في غزة . ويبدو أن شارون الذي حول خطته للانسحاب من غزة إلى مجرد مناورة وظفت أمريكياً وإسرائيلياً في خداع الرأي العام العالمي تغطية على جرائم الحرب الإسرائيلية بحق شعبنا الفلسطيني وأرضه، عاد اليوم عن خطته تحت مسمى " خطة معدلة "، تجعل الانسحاب على مراحل يقررها قادة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية. وهنا يجب أن نؤكد أنه ما كان لشارون أن يصعّد من دمويته ضد الشعب الفلسطيني لولا الصمت العربي والدولي المعلن على جرائمه، والذي شكل بيئة مناسبة مكنته من تحويل خطته للانسحاب من غزة إلى مجرد مناورة، لأن قرار شارون بالانسحاب كان نتيجة منطقية للمأزق الذي يعيشه الاحتلال تحت وقع ضربات الانتفاضة والمقاومة الفلسطينية الباسلة، شارون انطلق في تقديراته التي قادته للتراجع عن خطته أن الاحتلال قادر على التعايش إلى فترة أخرى مع مأزقه في ظل غياب ضغط دولي عليه . وكل هذا نتيجة لغياب الفعل الرسمي العربي والفلسطيني وهو ما أعاق بلورة موقف دولي يدين العدوانية الإسرائيلية ويتصدى لها.
إن ما جرى في اجتماع الرباعية الدولية الأخير خير دليل على ما سبق ذكره، فالرباعية الدولية أدانت ما أسمته بـ (الإرهاب الفلسطيني)، وكررت معزوفة الإدارة الأمريكية القائلة بـ (حق إسرائيل المشروع بالدفاع عن نفسها)، وبنتيجة ما صدر عنها أبقت الرباعية الأمور معلقة بيد الإدارة الأمريكية الأكثر دعماً للسياسات العدوانية التوسعية الدموية الإسرائيلية في تاريخ الإدارات الأمريكية .
إن وضع الأمور بيد الإدارة الأمريكية يزيد من تعقيدات الوضع لأن السياسة التي يمارسها حكام تل أبيب والبيت الأبيض حيال القضية الفلسطينية تقوم على الأسس التالية:
1. رفض الشرعية الدولية وقراراتها كأساس لحل النزاع العربي والفلسطيني – الإسرائيلي، وآخرها الآن القرار 1544 بوقف العدوان وهدم البيوت وتدمير رفح ومخيماتها.
2. رفض الانسحاب حتى حدود الرابع من حزيران1967 ، واعتبار المستوطنات وقائع على الأرض يجب أخذها بعين الاعتبار في أساس الحل الذي سيتم الاتفاق عليه.
3. نسف حق العودة للاجئين الفلسطينيين حسب ما نص عليه القرار194 .
وبدلاً من أن ينصب الجهد الرسمي الفلسطيني والعربي على رفع سقف خارطة الطريق التي ولدت فاقدة للتوازن والتوازي حشر الجانب الرسمي الفلسطيني والعربي نفسه تحت سقف الخطة الهابط، ليهبط أكثر فأكثر وتصبح الخطة الآن في الثلاجة، بعد أن استطاعت إدارة بوش مرة أخرى تغيب الإرادة والمشاركة الدولية، مفسحة بذلك الطريق أمام الخطط التوسعية الدموية الشارونية . كل هذا ما كان ليقع إلا في ظل العجز وغياب الفعل المؤثر على الصعيدين الرسميين الفلسطيني والعربي .
إن ما شهدناه من اهتمام وحرص وحماسة عربية واتصالات وزيارات مكثفة للوفود العربية على الأراضي الفلسطينية المحتلة للبحث عن أشلاء وجثث جنود العدو الإسرائيلي الذين سقطوا أثناء عدوانهم على حي الزيتون في غزة.! ورأينا كيف خرج "فئران الجحور" لتهديد شعبنا الفلسطيني في غزة بالويل والثبور وعظائم الأمور إذا احتفظنا بأشلاء العدو الإسرائيلي.!
هذه هي عروبة أمتنا العربية ، وهذه هي اللحمة العربية والوفاء والتضامن العربي ، هؤلاء هم حكام العرب الذين يعملون بكل جهد ومثابرة ويسطرون بمواقفهم وقراراتهم القومية والعربية تحدياً لكل محاولات الاضطهاد والظلم والقهر والعدوان علي الشعب الفلسطيني ، هؤلاء هم المدافعين والحامين لقضيتنا الفلسطينية العادلة .
فامتنا العربية حنونة وطيبة .! ونستغرب كيف لم تطلب هذه الوفود من الفلسطينيين بالداخل والخارج وفي الشتات والمنافي، أن يرفعوا الأعلام السود حدادًا على "أبرياء إسرائيل"؟
وأن تقام الصلوات وبيوت العزاء ترحمـًا على أرواح الجنود الإسرائيليين.! لقد فات ذلك عليهم.!
تـُرى، لو أن الكلاب تكذب فعلا هل كانت تتوقف عن النباح؟! كيف بلغ الانهيار مداه؟... وهل حقـًا أن القضايا الكبيرة ترهات كبيرة لا بد من تجاهلها تخفيفـًا من الأعباء؟
حقيقتاً مخيف جدًا هذا الواقع العربي ،الحكومات مرتعبة، والناس منطفئة، والحرائق تشتعل في كل مكان! أكثر من خمسين عامـًا ونحن نعد لـ"هم" ما استطعنا من قوة.
اشترينا الطائرات والمدرعات والصواريخ والمدافع والبوارج والرادارات... نفذنا أمر الله وبالغنا وأسرفنا...
وعند حسم المعركة لم نستعمل أكثر من طائرة مدنية انطلقت من كل عاصمة عربية إلى واشنطن.!
ونظرنا بدهشة إلى هذه الترسانات العملاقة، فوجدنا أن الصدأ قد أتم التهامها بانتظار صفقات جديدة لوجبات جديدة.!
هل يمكن أن نفهم أنه كدنا نبحث في جامعة الدول العربية رفع المقاطعة عن إسرائيل، وأننا قد نجحنا بالفعل في التهرب من بحث مذبحة مخيم رفح؟ هل يمكن أن نفهم عدم انعقاد القمة العربية في موعدها المحدد؟ وأن نفعل المستحيل كي لا يجتمع زعماء العرب؟
أشك بأن أعداءَنا عباقرة.. كل ما في الأمر أننا نحن الأغبياء.! فالغباء العربي أصبح جزءًا من الواقع الذي تعودناه، بل أدمناه إلى حد افتقاد الشعور والإحساس بآلامه وأثقاله.!
في عصر الغباء العربي أصبح الدم الفلسطيني شمعة العصر.! وأصبح الصبر الفلسطيني مغناة العصر.! والصمود الفلسطيني ملحمة العصر.! وملاحقة الفلسطيني في المطارات وعلى الحدود.. حكمة العصر! وقتل الفلسطيني على الهوية.. سمة العصر! _وأن يقاتل الفلسطيني وحده.. من مسلمات العصر!
لا نسوق هذا الحديث من موقع "جلد الذات" باعتبارنا من هذه الأمة، بل من واقع المعاناة اليومية بكل جزئياتها للإنسان الفلسطيني أينما وجد.. في المنافي والشتات، أو على امتداد مساحة الوطن الفلسطيني أو ما تبقى من هذا الوطن في ظل هذه الهجمة الصهيونية البربرية التي يقودها مجرم الحرب "شارون" وعصابة القتلة في تل أبيب ضد كل ما هو فلسطيني..!!
إن الهدف الرئيسي للإرهاب الإسرائيلي هو القضاء على أكبر عدد من الفلسطينيين ودب الرعب في نفوس من يبقى حيـًا لإجباره على ترك وطنه ، الذي يعتبره الصهاينة دولة لليهود فقط .
فالجسد الفلسطيني الطاهر يلقي بظلاله الآن على كامل مساحة الوطن العربي، بل على مساحة الكرة الأرضية كلها، وشلال الدم الفلسطيني لا يزال يتدفق منذ ما يقارب الأربع سنوات على تراب هذا الوطن لينبت شقائق النعمان الفلسطينية..!!
لقد إنتصب الإنسان الفلسطيني كمارد عملاق ، وإنتصبت المخيمات الفلسطينية كسور الصين العظيم ، وتحولت البراكيات إلى متاريس من المقاومة التي لا تهزم ، ودبت الحياة في زنود الكهولة ، وعقصت صبايا المخيم جدائل شعرهن ، واحتللن بجانب الرجال مواقع البطولة والفداء.
فلنلقن هذا العدو درسـًا آخرًا من دروس التضحية والجهاد والإستشهاد ، ولنلاحقه بقلوبنا المليئة بالإيمان بعدالة قضيتنا ، وبأيدينا العارية إلا من نبض الكرامة والإباء، لتبقى الحقيقة الفلسطينية كبيرة بحجم الشهداء والتضحيات ، ولنردد معـًا ونحن نخوض هذه الحرب تحت شعار " نكون أو
لا نكون "

فلسطين-غزة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي اللهجة السودانية والسعودية مع اوسا وفهد سال ??????????


.. جديد.. رغدة تتحدث عن علاقتها برضا الوهابي ????




.. الصفدي: لن نكون ساحة للصراع بين إيران وإسرائيل.. لماذا الإصر


.. فرصة أخيرة قبل اجتياح رفح.. إسرائيل تبلغ مصر حول صفقة مع حما




.. لبنان..سباق بين التهدئة والتصعيد ووزير الخارجية الفرنسي يبحث