الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جريمه هاتفيه - قصه قصيره

راضى وديع خليل

2009 / 10 / 5
الادب والفن


داهمتنى ذكرى صديق الروح الراحل شكرى عبد البارى دون تمهيد,فأفغمت أنفى روائح الماضى البعيد,نشطت الذاكره فعادت بى الى يوم إعلان نتيجة الثانويه العامه بمدرستنا بالعباسيه,جاء ترتيب صديقى شكرى الأول على المدرسه,تلاه قدرى عبد القادر غريمى اللدود و جاء ترتيبى الرابع .
انثالت الصور على مخيلتى فطفت على سطح الوعى تفاصيل أيام الصبا اليافع و الطموح الجامح ,فهذا شكرى عبد البارى الذى تجتمع فى شخصه تناقضات عجيبه, مذ عرفته زميلا لى فى مستهل أيام الدراسه الثانويه لفت انتباهى اليه توقد ذكاءه و حرصه على التفوق فضلا عن دماثة خلقه و عذب حديثه,توطدت العلاقه بيننا فاكتشفت فى شخصه رعديداً كبيرا يؤثر السلامه على المتعه و ان كانت بريئه,راغب عن كل مغامره أو لهو,يصمت أو يستأذن منصرفا اذا تطرق حديثنا الى السياسه,و اختصارا فهو يخشى ما لا يخشاه أحد.أما عن قدرى عبد القادر فقد بادلته نفوراً بنفور بعد أن عرفته و خبرته,كنا كأسدين يجب اختفاء أحدهما فلم تتسع لنا المدرسه على رحابتها,على يديه تلقيت أول هزيمه فى حياتى فى انتخابات اتحاد الطلبه,فقد إمتلك لسانا بليغا سليطا فى آن.
حرصت على الاحتفاظ بصداقة شكرى قدر حرصى على نبذ الآخر,فاستمرت صداقتنا صامده للزمن قرابة الربع قرن أتاحت لى اكتشاف زوايا جديده فى شخصيته,اذا كان مهووسا بأبيه,يحبه لدرجة الوله و يقدسه كإله,يتحدث عنه بزهو لم أجد أن الرجل-حين عرفته-يستحق منه شيئا,فقد كان هو من أورثه الخوف و التردد.
مرت بنا السنون حتى تخرج شكرى مهندسا, قبله بعام كنت قد تخرجت فى كليتى,لم أهتم يوما أن أسأل شكرى عن مآل قدرى عبد القادر الذى علمت فيما بعد أنه و شكرى مازالت تربطهما علاقه. ذات يوم دعانى شكرى لشهود عقد قرانه,و لم يمر عام حتى دعانى لحضور (سبوع) إبنته.عندما توفيت أمه اصطحب أبيه للاقامه لديه مع زوجته و أبناءه.
حالت أحوالى دون لقاءنا لمدة ستة أشهر ذهبت بعدها لزيارته فى بيته حاملا الشيكولاته,انفتح الباب عن شبح زوجته المتشحه بالسواد,بعد القاء التحيه طلبت مقابلة شكرى بغرفته فانهمرت دموع الزوجه و الأب,لم أصدق ما حاولا جاهدين ابلاغى به, صحت مذهولا : ماذا أصاب شكرى؟متى؟كيف؟,اصطحبنى أبوه الى غرفة(الصالون), أحضرت الزوجه فنجانا من القهوه,ثم بدأ الأب فى السرد الموجع,فقال: كنت فى البيت وقت الظهيره حين رن جرس التليفون فذهبت لأجيب,بادرنى المتحدث:حضرتك والد المهندس شكرى,فأجبت ب(نعم),فقال:دعه يحضر لمقابلتى فى الساعه التاسعه صباح غد,فسألته من يكون,فقال:
الرائد/قدرى بمباحث أمن الدوله.
عندما حضر شكرى من عمله عصرا أبلغه أبوه الذاهل بأمر المكالمه العجيبه و قد ارتسمت على وجهه أمارات الحيره و القلق ثم سأله :ماذا فعلت يا بنى حتى تُطَالب بالذهاب الى مقابله بهذا الجهاز الأمنى الخطير؟.
أمضى جميع مَن بالمنزل أمسيتهم فى كدر و تشاؤم.حينما حل وقت النوم,نام الجميع إلا شكرى الذى أرقه الفكر و هو يراجع ما فعل طيلة الأيام و الشهور السابقه على المكالمه,و لما أعجزه التفكير هزمه النوم.
فى صباح اليوم التالى ذهبت زوجته كعادتها لايقاظه ,ثم تداعت أركان البيت لعويلها .قال لى الأب أنه فى اليوم الرابع بعد وفاة شكرى تلقى مكالمه فى المساء و كان صوت المتحدث هو ذات الصوت الذى بادر الرجل هاتفا:مساء الخير يا عمى,أنا قدرى عبدالقادر ضابط الشرطه و صديق شكرى القديم,ما الذى حال دون حضوره لمقابلتى؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا


.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط




.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية


.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس




.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل