الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عرس في إرم ذات العماد ..؟

جريس الهامس

2009 / 10 / 5
كتابات ساخرة


سأل الشيخ صابر السرمد المهجّر من الحي الشمالي لإرمَ ذات العماد بعد الزلزال الذي دمره يوم الزعزعة المشهور من أيام العربان والمقيم في حماية ملك القوط الغربي .. سأل إبن أخيه صقر الصغير العائد لتوّه من ذات العماد أو " الأرومة " وهو الإسم الدارج إستعماله عند قبيلة " الصيدنة " التي تقطنها منذ اّلاف السنين .. قبل نكبتها الجديدة بقيح الصحراء وزلزال الما ل الحرام ... عن أخبار الأهل والمرابع والحلال والقبيلة و الشيخ عمران ومضافته , وهل مازالت عامرة كثيرة الرماد طويلة العماد ( كناية عن الكرم الطائي في جبالنا )
سأله وسأله ... جزء صغير من تراكمات سنين الغربة اللعينة , وصقر يسمع ويتحفز للإجابة أو يجيب خطفاً ..؟ لكن عمه يواصل الأسئلة كأنه يخشى ضياع واحد منها .... أحوال الناس وحياتهم في جبال العسير وجبل المزار شمال نجد ومصير المحبة والتعاون والحب العذري وعشق الأرض التي زرع الأجداد كل شبرمنها وحموها بصدورهم واستنبتوا من بين الصخور القمح والعنب والتين والزيتون , ومؤونة الشتاء , وحق الحياة ضد قساوة الطبيعة والإنسان , وشح المياه والموارد وفوقها الغزاة عبر التاريخ القديم والحديث ..
هل مازال أهلنا يستيقظون في " الأرومة " على موسيقا صياح الديكة من كل بيت و رنين أجراس قطعان المواشي مع خيوط الفجر الأولى وهي تتسلق الهضاب السمراء التي تحتضن الأرومة ,, إلى مراعيها ...؟
.. كان صقر الصغير حزيناً تتغير ملامحه بعد سماع رزمة من أسئلة عمه صابر , الذي يحبه ويزداد احترامه لعمه لامتلاكه ذاكرة لم تنس شاردة ولا واردة ولا إسم شجرة في وادي البطمة أو صخرة واّبدة في وادي المهدومة أو قمة حسنة ونقر الزيت والشئوير والقلعة حتى الرقاريق ... ,وغيرها الكثير الكثير في جبال عسير الغربية ,, كأنها مسجلة على ألواح أوضح من ألواح موسى " المزعومة "
.. تناول الشيخ سرمد النارجيلة من زوجته حنان أم الكرم وتناول صقر صينية القهوة والمكسرات منها شاكراً ,, ووقفت أم الكرم لتطرح بعض أسئلتها عن الأقارب والصديقات العزيزات أم فهد ة , ,أم جميل , وأم مسلّم , وأم ميسون والجارة أم يوسف والخالات والعمات وغيرهن ... ثم عادت للمطبخ لتهيء الطعام .
..أخذ الشيخ " سحبة " نفساً طويلاً من خرطوم نارجيلته بعد تركيز الجمر فوق رأسها وتنحنح مستديراً نحو إبن أخيه ..
- تنهد صقر الصغير بعد تركيز نظارته على أرنبة أنفه وقال :
- شوبدي أقول لك ياعمي كل شيْ تغير في الأرومة البشر والحجر حتى البيوت اللي كانت واجهاتها بيضاء وزرقاء ومزينة بأحواض الريحان والعطرة والخباز والورد الأحمر والأصفر, كانت خلايا متعانقة ونابضة بالحياة والحب , أضحت اليوم رمادية قاتمة كالقلوب الجديدة والعقول المخرّبة ....من الإسمنت الذي اغتال الأخضر واليابس ليضع الناس في علب سردين لاحياة فيها ,, والناس غير الناس ياعمي لارأي ولااحترام لكبير وكل واحد ينهب ويعتدي على الأّخر بحماية هجانة السلطان إبن قرداح , وقيمة الإنسان صارت ياعمي بما في جيبه لا ما في عقله ,,
- والمتعلمين وأهل الرأي وحرّاس الراية وأصحاب المتاريس وين صاروا ياباطل ؟؟ سأل الشيخ سرمد بحرقة وألم :
- ياعمي مابقي حدا في مملكة " حجاج بن قرداح " .. اللي وٍضٍع في السجن واللي دفِن تحت التراب واللي هاجر واللي خرج من السجن مسلوب الحقوق وحافي عالدروب ومراقب ليل نهارمن العسس والبصاصين ,, ما بقي غير المطبلين واللاشيئيين ,, وفوق كل هذا ياعمي
- يشيّع عسس إبن قرداح والكلب زنباع الأعرج الحرامي .. عن أصحاب الراية الشرفاء اللي وهبوا حياتهم للأرومة ولعسير كلها من البحر للبوادي ... إنهم مجانين .. لأنهم عارضوا إبن قرداح بن إسرائيل , وما ركبوا عربة إياس بن مراد وحاشد بن معران وسفير إقتصاد الجوع والقاضي العصملي اللي بتعرفهم .. مع الطبّالين والمبخرين ..
- خشي صقر على عمه وارتعاش يده عند سماعه ماحل بالكروم والأراضي والناس والحيوان والأوابد والأوغاد المتحكمين برقاب القبيلة باسم السفاح القرداح .... وأراد تلطيف الأخبار فانتقل بقوله :
- بدي خبرك ياعمي : حضرت عرس جارنا " رامح بن معران " الراعي أنت تعرف والده معران
- بلى وأعرف هذا الرامح عندما كان صغيريرعى الماعز و يحمل لنا الحليب ..
- المهم تزوج سمرا بنت الشيخ عمران لأنه أصبح مليونير ياعمي ..
- ول مليونير دفعة واحدة ؟؟؟
- لم يترك مطرب مشهور أومطربة أو راقصة مشهورة إلا استأجرهم للعرس , ولم يترك رجل دين كبير أو صغير إلا إستأجره ليبارك زفافه وينشد له أناشيد الخلود وكل الأجور مدفوعة مضاعفة بالدولار غير الهدايا والحلل ... وكان حماة السهل والوعر والموانىء يطلقون النار رشاً ويرقصون سكارى حتى الصباح ,, وكان السلطان إبن قرداح حاضراً في كل أغنية وبيت عتابا وشروقي وقصيد ... أو أغنية " بوب " عالموضة الجديدة ياعمي ..؟ لأنو الزجل والدبكة قالوا صارت موضة قديمة ... حتى ركوب الخيل والحنّة قال صارت موضة بالية .. هيك قال زنباع الأعرج الذي له في كل عرس قرص وأم الطبّوع وضحة رفضت أن تركب إبنتها الحصان وما قبلت إلا على الكاديلاك وحولها عشرة من الخادمات بل الوصيفات الفيليبينيات اللواتي أصبحن مربيات الأجيال الصاعدة ( التقدمية ) في الأرومة ,, يحملن الورود وذيل الطرحة الطاووسي ..- ليش أميرة موناكو أحسن منها .؟؟ الله الله ياعمي وكمان قال العراضة والردة التاريخية __ هاي الأرومة المسمية – والسيف والترس .. كلها رجعية ألغاها جعران بن حمران , ونشرها زنباع وشلة’ بن قرداح التقدمية جداً جداً ..
- عيش كثير بنسمع كثير قال الشيخ ,, وما سألت ياإبن أخي من وين هالمال ؟؟ شو ملاقي كنز معران التعبان ..؟
- بلي سأ لت ياعمي : قالوا من البودرة والويسكي .. – إيش – من تهريب البودرة والويسكي لحساب أمراء نفط بن الكعبة – ( نفط بن الكعبة من إبتكار الشاعر المناضل مظفر النواب )
- قلت البودرة للنسوان ؟
- لا ياعمي البودرة تعني – الكوكائين – اللي يتسمم فيه الأمراء وأغنياء النفط وحواشيهم وامتد حتى الأفغان شمالاً والحبشة جنوباً مع عدة الجهاد ؟؟ ..
- كل شي تغير ياعمي .. مضافة الشيخ عمران صارت مركز لفرقة الطبالين وعسس جعران بن حمران مساعد إبن قرداح وسمعت أن تلة المزار اللي كانوا يحرموا قطع غصن من أشجارها ستصبح أكبر مرقص وملهى ,,,و وو في الشرق بعهدة الأمريكان والفرنساوية كرمال عيون حبيبهم الدائم حجاج بن قرداح اللي باعهم المزار والمراح مثل ما باع المرحوم والده الهمام قرداح جولان الصباح .... اللي خلّف ما مات كما يقولون ياعمي .
- صا حت أم الكرم يالله تفضلوا الغدا جاهز , حاج تعذبوا روحكم , هيك بدها إسرائيل ..
- نعم هيك بدها إسرائيل ... ومازال زنباع يردد أقوال إذاعتي بني قرداح وبني كلاب : نحن كلنا أولاد عم من نسل إبراهيم أبو الأنبياء أليس كذلك ؟؟؟ صحتين لمن يتناول الطعام من عرق جبينه
- في عهد إبن قرداح السفاح ...؟
- وللقصة فصول أخرى في إرمَ ذات العماد ... لاهاي – 5 / 10










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليه أم كلثوم ماعملتش أغنية بعد نصر أكتوبر؟..المؤرخ الفني/ مح


.. اتكلم عربي.. إزاي أحفز ابنى لتعلم اللغة العربية لو في مدرسة




.. الفنان أحمد شاكر: كنت مديرا للمسرح القومى فكانت النتيجة .. إ


.. حب الفنان الفلسطيني كامل الباشا للسينما المصرية.. ورأيه في أ




.. فنان بولندي يتضامن مع فلسطين من أمام أحد معسكرات الاعتقال ال