الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية وتفكيك التوحيد

محمود زعرور

2004 / 5 / 29
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


تشهد المجتمعات العربية ، في ظل أنظمة الاستبداد ، عمليات ( توحيدية ) ، تقوم على القهر ، وتتجسد تلك المجتمعات ، بالتالي ، على شكل كتلة كبرى ،
خرساء ، مسلوبة الإرادة ، ممنوعة من التدخل أو الإعتراض أو الفعل ، ويمارس عليها شتى أنواع الإلحاق ، ومختلف أ شكال التبعية لأليات النظام المهيمن .
إن هدُه المجتمعات ، بهدُا المعنى ، مهمشة في الراهن ، ومنوجدة خارخ التاريخ ، تاريخها ، أي تعيش إقصاءآ مقصودآ ( حظر التعبيرات المستقلة ، من أحزاب ونقابات
وصحافة حرة ) ، أي تغييب لكل المؤسسات الأهلية والمدنية ، بهدف منع المشاركة العامة ، والسياسية منها على وجه الخصوص . هدُا الإقصاء ، يراد له أن يكون تفكيكآ للبنية الاجتماعية في إطار عملية ( توحيدها ) القسري ، وحرمانآ من حق أو حقوق مكفولة من الشرعة الوضعية الحديثة . تعمل الديمقراطية ، في المقابل على تفكيك ( التوحيد ) المتجسد بصورة الإقصاء الشامل ، أو الكف الكلي عن الاقتراب من حيزات الشأن العام ، المحتكر من قبل السلطة الشمولية - السياسة ، الإعلام ، ..الخ . إن التدخل في الشأن العام يكون بمثابة تعبير الجزء أو الآجزاء في رفض الاضمحلال أو التلاشي في الكل الموحد قسريآ ، والمغلق على صمته المطبق بالإكراه
( حرمان الآكراد في سورية من الجنسية والحقوق الثقافية وإلحاق الآقليات القومية عمومآ في الكل المقموع والموحد قهريآ هو التعبير الآصفى عن عملية الإقصاء الشامل). إن اجتماع الآجزاء ، أو البنى التعبيرية ، لانتزاع دور ، واكتساب حق ، هو اتفاق مجتمعي على توحيد جديد ، مضاد ، للتوحيد القهري ، في ظل سيادة النظام الشمولي المتصف بهيمنة الرأي الواحد ، الدُي يرفض الاختلاف أو الاعتراض ، وبهدُا المعنى تكون الممارسة الديمقراطية التي يكفلها النهج الديمقراطي - كما تسعى
لدُلك قوى المعارضة - ترجمة لمفهوم الديمقراطية نفسه ، وإحالة معنوية على الاصطلاح في صورته اللغوية ، كمدلولية منسجمة . إن إيديولوجيا الوحدة - يتم التغني
باستمرار بالوحدة الوطنية المتراصة - تهدف إلى إدامة واقع يتسم ب( التماسك ) ، وتنشغل تلك الايديولوجيا على الإحالة على ( الإخلاص الشعبي ) للإيحاء ب ( التمثيل الوطني ) . يتم ( إبراز) تلك ( الوحدة الوطنية ) و ( استدعاؤها) لتكون متكأ للوهم بمواجهة المراحل ( الخطيرة ) و ( الصعبة ) و ( الحرجة ) .
وتعمل إيديولوجيا الوحدة هدُه على نشدان الطاعة الجماعية ، والشاملة ، كصورة من صور ( المباركة ) و ( المبايعة ) المطلقتين ، وتقدم هدُه الايديولوجبا ، في المقابل ،أنصار الرأي المستقل ، من أحزاب المعارضة الديمقراطية ، ونشطاء الدفاع عن حقوق الانسان ، والكتاب والمثقفين الديمقراطيين ، والمطالبين بالاصلاح السياسي ، والتغيير الديمقراطي ، باعتبارهم أصحاب ( فكر مستورد ) أو ( دور هدام ) أو من ( أعداء الوحدة الوطنية ) ، وليست بعيدة عن هدُه الآوصاف أو النعوت ما لفق ووجه لرياض الترك و عارف دليلة وغيره من رموز ربيع دمشق ، وللآظناء الآربعة عشر ، ولآكثم نعيسة ، وسيوجه في القريب للكاتب ا لدكتور عبد الرزاق عيد وللناشط والمترجم بكر صدقي اللدُين تم استدعاؤهما للمحكمة العسكرية في مدينة حلب مؤخرآ . إن الآنظمة الشمولية تعمل على إنتاج وإعادة إنتاج هدُا النمط من أنماط التوحيد القسري ، كسبآ لإجماع مزيف ، وتمثيل مخادع . من هنا ، بالضبط ، تصدر الديمقراطية عن نزوع تفكيكي مطلوب ، سعيآ لخلخلة ( الاستقرار ) المشيد بالضبط والقهر ، وزعزعة لواقع ( الرسوخ الوطني ) المزعوم . إن آليات التفكيك ، ومفعلات الزعزعة أو الخلخلة ، لم تكن صحيحة ، ولن تكون صحيحة بقدر صحتها وصوابيتها في المسعى الديمقراطي ، فالديمقراطية ، وهي تقوم بفعل التفكيك المتعدد للواقع الموحد قهريآ ، تقوم في الوقت نفسه بتوحيد صحيح ومضاد .
إن آلية التوحيد / الإقصاء في ظل نهج الاستبداد ، يقابلها واقع التفكيك / التوحيد في المسعى الديمقراطي ، وهدُا الجدل الدينامي تغدُيه حداثة الفكرة ، وتستدعيه حدة المأساة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زاخاروفا: على أوكرانيا أن تتعهد بأن تظل دولة محايدة


.. إيهاب جبارين: التصعيد الإسرائيلي على جبهة الضفة الغربية قد ي




.. ناشط كويتي يوثق خطر حياة الغزييين أمام تراكم القمامة والصرف


.. طلاب في جامعة بيرنستون في أمريكا يبدأون إضرابا عن الطعام تضا




.. إسرائيل تهدم منزلاً محاصراً في بلدة دير الغصون