الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إبْطال نظرية داروين.. ماذا عن -الداروينيين- العرب

محمد أبوعبيد

2009 / 10 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


عندما اجتاح من يهمهم الأمر خبرُ قيام علماء أمريكيين بإبطال نظرية داروين في النشوء والارتقاء نتيجة أبحاث استمرت خمس عشرة سنة، وهي النظرية الباعثة على الجدل منذ نشأتها ليس بين العلماء والباحثين فحسب، إنما بين ثقافات مختلفة منها المبني على أسس دينية، تسلل إلى الداخل النفسي تخيّلٌ ليس ذا صلة بجوف الخبر، وإنْ كان تخيلاً ناشئاً ومرتقياً من نظرية النشوء والارتقاء.
هذا التخيل المتسلل، وهو ضمن تخيلات متسلسلة، حدا بالذهن إلى إثارة سؤال حول نظريات الداروينيين العرب لا في أصل ونشوء وارتقاء الإنسان، ولكن في نشوء الزعامات السياسية و"ارتقاء" القيادات الحزبية التي منها مَن نشأ زعيماً بين عشية وضحاها دون المرور بمراحل الإعداد والتقويم ليستحق الزعامة أو القيادة بجدارة. هؤلاء الناشئون المرتقون لا يكفيهم أنهم على سُدات قد يغبطهم عليها رهط آخر، بيْد أنهم يصبحون داروينيين، وغير ذلك من نَسَبِ الأسماء، في التنظير والتبشير ونشر العظات على اعتبار أنهم الأكثر دراية وعِلماً بأحوال المهمومين المغمومين سياسياً، اقتصادياً، اجتماعياً، وفكرياً.
لا ضرر ولا ضرار في أن تكون للداروينيين العرب نظرياتهم، خصوصاً إن كانت منبثّة عن أسس منطقية وموضوعية، إنما الضرار والأضرار في أن يجعلها صاحبها، وأتباعه من بعده، نظريات محض مطلقة، غير قابلة للإبطال ولا يجوز حتى مسُّها وإلا فقد مسّنا الشيطان من بعد ذلك، وخذْ بعدئذٍ أحكاماً وأوصافاً وإجحافاً بحق من تجرأ على معارضة نظريات القائد الفلاني، أو دحض نظريات المرجع العلاني.
ما كان لهؤلاء "الداروينيين" أن يداروا أنفسهم ويديروها على هذا النحو لولا أنّ تربية النشأ عندنا قائمة على تقديس الأشخاص ممن تزيوا بأثواب القيادات وهم كُثر، وكثرتهم مِيزتُها اللاواقعية المجنونة، وبالتالي تقديس ينشأ عنه توجيه النشء بعدم جواز مغالطة ومعارضة أولي الفكر ولا أولي الأمر ولا حتى أولي المال. فلا عجب حينئذ أن يستشعر المرء الخطر الكامن في الطريقة التي يتْبع بها الأفراد هذا الزعيم وذاك القائد أو المرجع، فلا يريدون من غير اتباع قائدهم إلا كلاماً ينسجم مع قناعاتهم، وحديثاً لا يتعارض مع منهج ونظريات "الزعيم" والعكس صحيح، فتصبح حتى النكتة السياسية من فصيل المحرَمات التي قد تتفجر عنها تظاهرات واحتجاجات تُزهَق فيها أرواح وتسفك دماء فداءً لروح الشخص المستزعِم.
في وقت تجتاح العالم الثورة التكنولوجية، ونحن نحتاجها، ما انفكت تجرفنا ثورة "القداسات" بسيولها نحو المزيد من "تصنيم" الأشخاص. فنحن على مفترق: إما أن نلحق بالركب العلميّ وركب الحرية الفكرية ونسلخ ذواتنا عن التبعية العمياء ونسمح لأنفسنا بإبطال "نظريات" الداروينيين العرب إذا وجب إبطالها. أو أن نظل على ما نحن عليه، أتباعاً لهذا وذاك، لا نجادله ولا نحاججه ولا نناقشه، وليس لنا لسان حال سوى القول سمعاً وطاعة.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مهلا
عماد ( 2009 / 10 / 6 - 20:12 )
يبدو أنك تستقي معلوماتك من قناة الجزيرة و زغلول النجار ، و لو عدت لموقع الجامعة الرسمي لعلمت ان العكس هو الصحيح و أن الامر تأكيد لنظرية دارون و أن سؤالك كان يجدر أن يكون لمذا وصلنا لهذا القدر من الانحدار بنشر اخبار كاذبة مشوهة دون اعتبار امانة علمية أو حتى اخلاقية، توجد آثار بشرية مثبتة تعود لثلاثين الف سنة و لا زال النجار على الجزيرة يعلن عمر الانسان اربعة الاف سنة. لم استبدلنا العلم بالخرافة بهذه السهولة ؟
ليذهب دارون للجحيم لا أحد يقدسه، لكن في عصر الهندسة الجينية و الدي ان اي، و الاستنساخ و تخليق الاعضاء من الخلايا الجذعية لم يعد سؤال كون النشوء و الارتقاء حقيقة علمية مثبتة مطروحا اصلا، ان الجنين في بطن أمه يمر بكل مراحل التطور و هذه يمكنك مشاهدتها، فهو ياخذ شكل سمكة ثم يكون له ذيل _ لا يختفي حتى بعد الولادة لكن حجمه نسبيا صغير جدا .. الخ ، هل فعلا اطلعت على الدراسة المشار اليها ؟


2 - اين هم هؤلاء الدارونيون العرب
محمد جميل ( 2009 / 10 / 6 - 20:20 )
تحية لك استاذ محمد
لم ار الا ظلما وقع على الداروينية حين حاولت ربطها بما ازعم انهم اللادارونيين وانت تحاول الدفاع عن التطور لانه لو وجد لدى هولاء الذين خاطبتهم بالدارونيين العرب ادنى انتماء لنظرية الارتقاء والتطور لما كان حالنا على هذه الشاكلة بل هم ضد كل انواع التطور سواء طبيعي او اجتماعي
ارجو ان اكون قد فهمت مارميت اليه بشكل صحيح
لك شكري


3 - شكرا للمعلق عماد على تعليقة
الرصافي ( 2009 / 10 / 7 - 13:36 )
السيد عماد اشكرك على تعلقك
بصراحة ما ان قرات بداية المقال حتى اسرعت لمعرفت صحة مانقلة لنا الاستاذ محمد ولكن تريثي بعض الوقت هو الذي منحني فرصت قراءة تعليق الاستاذ عماد
مرة اخرى شكرا للاستاذ عماد


4 - إنه تأثير الخرافة
أحمد فرماوي ( 2009 / 10 / 7 - 23:36 )
الخطأ الذي وقع به الأخ له دلالة خطيرة وهي أن الخرافة أصبح لها الصوت الأعلي في البلاد العربية. ولا أحد يقرأ ولا أحد يدقق وبكل سهولة يمكن نشر تخاريف وتصبح بمثابة حقائق لدي عامة الشعب. كنت أظن أن الخرافات تعشش بسهولة في أذهان العامة مثل خرافة الإعجاز العلمي لكن صدمت بصراحة أن كاتب في الحوار المتمدن يتأثر بمثل هذه التخاريف.

اخر الافلام

.. هل تسعى إسرائيل لـ-محو- غزة عن الخريطة فعلا؟| مسائية


.. زيلينسكي: الغرب يخشى هزيمة روسية في الحرب ولا يريد لكييف أن




.. جيروزاليم بوست: نتنياهو المدرج الأول على قائمة مسؤولين ألحقو


.. تقارير بريطانية: هجوم بصاروخ على ناقلة نفط ترفع علم بنما جنو




.. مشاهد من وداع شهيد جنين إسلام خمايسة