الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عملية.....إلى عادل إسماعيل

طالب إبراهيم
(Taleb Ibrahim)

2009 / 10 / 7
الادب والفن







الحطب يطقطق في الموقد..
لسعته نثرة مشتعلة وهو يمد ساقيه بجوار الموقد فطواهما..
أخرج كيس التبغ، أحنى ظهره قليلاً، وباشر في لف " سيجارة "..
زوجته العجوز تتربع في الجهة المقابلة تغزل.. وتبلع ريقها مصدرة صوتاً كطبع القبلة..
أشعلها واتكأ على" الساموك" يدخن وينتظر المطر أن يتوقف.. توقفت العجوز عن الغزل.. مسحت عينيها وفمها وقالت:
"والله هَـ الصيفية بدي ساوي العملية"..
" قَفَطَ" زوجها العجوز رفع "سيجارته" عن فمه وبصق في الموقد..
نظر إليها كانت تشرد في خيطان اللهب..
سألها عن طبخة اليوم فأجابت "مجدّرة" رسم في عينيه برغلاً وعدساً وبصلاً مقلياً.. بلع ريقه..
أرعدت السماء.. فتذكر أن عليه أن يسرع حتى يعرجل سطح البيت..
رمى عقب " السيجارة" في الموقد وقام.. رفع دفّتي " قُنبازه" ودسهما تحت زناره وطوى طرفي ساقي "شرواله" عن قصبتي ساقيه حتى لا يصيبهما الوحل..
وضع كيس نايلون على رأسه، وخرج حافياً ليمارس "العرجلة"..
نهضت.. سكبت ماءً من الجرة في طنجرة نحاسية قفاها أسود، وضعتها فوق الموقد وهي تنشد:
- يا الله... يا حق يا صاحب الحق...
عَرْجَل السطح، وشاهدته جارتهم العجوز، فطلبت منه أن يعرجل سطح بيتها ففعل واستاءت زوجته لكنها لم تصارحه بذلك.. رفعت الطنجرة ووضعت ابريق الشّاي حتى يشرب كأساً ساخنةً ويدخِّن بعد تعبه..
دخل.. خلع الكيس عن رأسه ونفض حبات المطر الكثيرة عن سترته..غسل قدميه بماء الجرّة ثم أطلق دفتي "قنبازه" وفكّ طيّات ساقي "شرواله" وسار حانياً على أرض البيت الترابي العارية، فطبعت بالغبار الرّطب قدميه..
جلس.. ولفّ ساقيه حول الموقد، وهو "يؤحئح" من البرد..
مدّ يديه بجوار الإبريق فوق الموقد ثم فركهما ببعضهما..
سألته عن ابنتها المتزوّجة في القرية المجاورة، فأجابها أن زوجها بخير..
وسألته عن ابنها الذي يدرس في المدينة فقال لها منذ الرسالة التي أحضرها المختار منه لم يصله شيئٌ آخر..
وكان المختار قد قرأها لهما وذكّرها أن صحته بخير ودراسته بخير وأنه سيعود في العطلة الصيفيّة..
عادت إلى مغزالها.. عندما سحب كيس تبغه وفتحه سألته والمغزال يدور وهي تراقب دوراته متى سيرجع؟!
وكأنها لم تسمع ما قال منذ قليل..
كان يعرف ماذا تريد.. هزّ رأسه وقال لها:
- " والله ما إلك حق تشغلي الولد بالعملية وتعطليه عن دراسته.. لا والله!!"
توقّفت عن الغزل ومسحتْ عينيها طويلاً وقالت:
-" والله حاجي تِأجيل.. بدي ساويها هـَ الصيفيّة..!!".
أشفق عليها وأشفق على نفسه، نظر إليها مليّاً وهو يتذكّر التّعب الذي ينتظرهما في الصّيف..!!
- "خَلَصْ نَوَيْتي..؟!" .
فهزت رأسها مؤكدة نيّتها، فقال معاتباً :
- " والتّينات ، والعنيبات ، مين بدو يقطفهن..!؟!"
شعرت بتأنيب الضمير، فمسحت عينيها..
رفعتْ يدها وفتلتْ مغزالها.. طقطق الحطب..
طوى نظره ساهماً، ثم فتح ورقةً رقيقةً سكب فيها بعض التّبغ ورطّبَ طرفها بلعابه ولفّها ثم زرعها في فمه ونفض كفّيه، وكان إبريق الشّاي يغلي.. ويغلي...!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر