الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات وتحديات مابعدها

عزيز العراقي

2009 / 10 / 7
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


العراقيون ادركوا بشكل مبكر , ومنذ عام 1991 عندما انفجرت الانتفاضة الجبارة , ان لاخلاص للعراق بدون الخلاص من النظام الطائفي الايراني . وبعد ازاحة نظام صدام من قبل الامريكان , تأكدوا أكثر من رغبته في تمزيق العراق , ولعل مشروع فيدرالية الوسط والجنوب الشيعي الذي طرح عن طريق ممثليه في العملية السياسية كان الاوضح في مصادرة نصف العراق وربطه بايران . ولو تيسر لهذا المشروع الذي تناغم مع رغبة القيادة القومية الكردية التي ارادت - ولاتزال - ان تجعل من الفيدرالية الكردية اقرب للظهور بدولة مستقلة , من كونها لاتزال اقليم عراقي , لكان العراق اليوم في خبر كان .
اليوم النظام الايراني بين نارين , الاولى قبوله بالشروط الغربية والامريكية التي ستنهي كل ادعاءآته وغطرسته النووية , التي راهن عليها في اعادة بناء المجد الفارسي , وهي الزاوية التي ستعجل بأنهائه على يد المعارضة المتمثلة بالتيار الاصلاحي . والاخرى , استمراره في التعنت , واللعب على اطالة زمن المفاوضات , التي لم يبق لها متسع من الوقت كما انذروه بذلك , ليدخل نفق العقوبات التي فككت قبله المجتمع العراقي . وربما تتبع بضربة اسرائيلية مدعومة من الغرب ليست كالتي وجهت للعراق كما يتمنى نظام ولي الفقيه , بقدر ماستكون ضربة مدمرة لايستبعد استعمال النووي فيها بشكل محدود .

نجاح احد الاحتمالين سيخفف وطئة اليد الايرانية على العراق . وبالمقابل , ستخف مراقبة سلطات الاحتلال لسير العملية السياسية في العراق , ما دام العراق استقر في دورة الفلك الامريكي . الامريكان ليس من مصلحتهم قيام ديمقراطية حقيقية في العراق , واكتفوا بوحدة قريبة من التفكك , ونظام تمثيلي للطوائف والقوميات لم يتمكن من الاتفاق على تحديد ضروراته الوطنية , لتبرير ما ادعوه امام العالم من انهم سيحافظون على وحدة اراضي وشعب العراق . وليحكم العراق من يحكم , والاحزاب الشيعية لاخوف منها اذ تم تفكيك النظام الايراني , وسيبقى همها الوحيد هو استمرار حصولها على السلطة والجاه والثروة . والمشكلة التي ستكون بعد الانتخابات , والتي سترافق من سيحقق الدور القيادي – والذي تشير اغلب المعطيات لاقرار آلية اتخاذ القرار لصالح رئيس الوزراء - كيف سيقود بعد ان ينحسر الدور الايراني ويتراجع الدور الامريكي , في بلد مدمر وخزينة تسابقت الوزارات لنهبها . وهل سيتمكن من النهوض بالضرورات الوطنية ؟!

واذ كانت الانتخابات البرلمانية السابقة تأطرت تحت لافتات الطائفية والقومية , فالانتخابات القادمة ستكون تحت راية الاستحواذ على السلطة بشكل اوضح , وقد ادركت هذه الاحزاب عقم شعاراتها في الانتخابات الاولى, وهي تعرف ايضاً ان الشعارات الوطنية والديكورات الجديدة بضم بعض العناصر من الاطراف الاخرى , هي الاخرى معروف كذبها لدى العراقيين , مما يجعلها تلتجئ الى طرق اخرى بعيدة عن النزاهة والمصلحة الوطنية لغرض تأمين الاجواء لتحقيق فوز كاسح آخر . وآخرها القائمة المغلقة , للتستر على السمعة السيئة لبعض مرشحيها , والفشل المتوقع لاغلب قياديها في تحقيق العتبة الانتخابية .

وعلى سبيل المثال في استخدام الطرق الغير نزيهة , اقالة رئيس تحرير صحيفة " الصباح " السيد فلاح مشعل , لانه لم يجعل الصحيفة بوق دعاية للحكومة ورئيسها السيد المالكي . وقبلها اقالة الضابط الناجح اللواء عبد الكريم خلف قائد عمليات وزارة الداخلية , لان نجاحه الامني سيصب في خانة وزير الداخلية الذي يقود حزباً منافساً لحزب وقائمة السيد المالكي . والاثنان مشعل وخلف لم يعرفا بأقالتهما الا عند نشرهما في وسائل الاعلام . مما يؤكد على ان اقالتهما لاسباب سياسية وليس فنية . وعلى سبيل المثال ايضاً , ان الفضائية العراقية كانت تنقل اخبار ونشاطات " المجلس الاعلى " , وتحركات السيد عمار الحكيم اولاً باول . وبعد زيارة السيد رئيس الوزراء الى مقرها , ومطالبته في كلمته الموجهة للعاملين فيها : بأن هذه القناة حكومية , وعليها ان تنقل انجازات الحكومة , وليس التحدث عن الاخفاقات, والذي يتحدث عن هذه السلبيات ماهو الا مندس ويعمل لغير مصلحة العراق . بعدها تحولت مئة وثمانين درجة باتجاه التطبيل للحكومة ولنشاطات حزب " الدعوة " وقائمة " دولة القانون " . مما دفع جلال الدين الصغير القيادي في " المجلس الاعلى " لمهاجمتها علناً واتهامها ضمناً بالانحياز للحكومة لانها لم تنقل الاستجواب الكامل لوزير الكهرباء في البرلمان .

كان من الممكن ان ينهض تجمع ديمقراطي يمتلك مشروع وطني حقيقي , ومثلما قال الاستاذ ضياء الشكرجي في احدى مقابلاته , كدعوة من قبل تجمعه الى تجمع مدنيون , والديمقراطيون الذين تركوا القائمة " العراقية " , واطراف ديمقراطية اخرى في الاحزاب القومية والاسلامية , اضافة الى المطالبين بالاصلاح من القوى الكوردية , وكان يمكن لهذا التجمع لو قيض له التشكيل ان يكون تياراً كبيراً يعيد الامل للعراقيين , وينهض بهممهم المتآكلة من قبل تجار الطائفية والقومية . الا ان الضغوط التي مارستها اطراف متنفذة في العملية السياسية حالت دون التقاء هذه المكونات , والجانب الآخر هو عدم الثقة عند البعض من هذه الاطراف والشخصيات في الحصول على كراسي في البرلمان لو تم تشكيل مثل هذا التجمع , والاضمن لها الانضواء تحت خيمة احدى التشكيلات القوية , وبغض النظر عن الانسجام مع تكوينها , مثلما حدث للدكتور مهدي الحافظ وصفية السهيل وآخرون . وان لم يتمكن العراقيون من فرز الطائفيين والقوميين ومن تاجر بدمائهم طيلة الفترة السابقة , ويصوتوا لصالح من يمثل مصالحهم بشكل حقيقي , فستكون الدورة القادمة هي الاسوء في تاريخ العراق المعاصر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نصب خيام اعتصام دعما لغزة في الجامعات البريطانية لأول مرة


.. -حمام دم ومجاعة-.. تحذيرات من عواقب كارثية إنسانية بعد اجتي




.. مستوطنون يتلفون محتويات شاحنات المساعدات المتوجهة إلى غزة


.. الشرطة الألمانية تفض اعتصاما طلابيا مناصرا لغزة بجامعة برلين




.. غوتيريش يحذر من التدعيات الكارثية لأي هجوم عسكري إسرائيلي عل