الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار حول واقع الثقافة العراقية في المرحلة الراهنة مع الشاعرة والناقدة ورود الموسوي

وفاء الربيعي

2009 / 10 / 8
مقابلات و حوارات


ماهو رأي الشاعرة الاستاذة في الجامعة البريطانية ورود الموسوي بواقع الثقافة العراقية في المرحلة

الراهنة

سأختصر الاجابة على هذا السؤال بنقطتين:

اولاً : هناك تقدم ملحوظ يسعى اليه المثقف العراقي من خلال تواجده اعلامياً على الساحة العربية من خلال مشاركات العديد من الشعراء والقصاصين والروائيين والمسرحين بالمسابقات التي تقام في اغلب الدول العربية .. وهذا التقدم ساهم في خلقه دخول الانترنت مما جعل البعض الكثير ان يصمم لنفسه موقعا ويسعى للاتصال باغلب المهتمين بالشأن الثقافي عربيا وعالمياً وهذا ساعد على انطلاق العراقي من قمقمه الذي ظل محبوساً فيه عقوداً من الزمن .

ثانياً: المحاولات القُطرية .. هناك الكثيرمن المحاولات الثقافية التي تهدف لاعطاء البعد الثقافي في العراق اهميته وترسيخه في كل المحافظات .. فتجدين في اغلب المحافظات نادي للادباء تحت مظلة اتحاد الادباء العام .. وهذا برأيي هو الاهم ان تكون هذه المراكز تابعة للاتحاد العام ولها مرجعية حقيقية تستند اليها دون اتخاذ قرارات منفردة مما يعطل المكان عن العمل بل هو يعمل وفق آليات مقترحة ومصوّت عليها سلفاً .. بمعنى ان المكان له شرعيته الحقيقية . وهذا النشاط إن دلّ على شيء انما يدل على وجود اناس يسعون لخلق جو مغاير فيه الكثير من البناء الجاد لهذا الوطن.

لكن وكي لا اكون متفائلة – زيادة عن اللزوم- فكل هذا اراه جهداً فردياً مهما توسّع يظل محكوماً بالفرد – المبدع نفسه او المثقف- فمازالت التكتلات والتحزبات هي التي تحكم المؤسسات حتى التي تضع يافطة عريضة باستقلالها فهي ليست مستقلة كما تدعي .. مازال تكريس الاسماء التي تمثل العراق دولياً وقطرياً .. هي هي لم تتغير تطالعنا في الاخبار وفي الصحف وفي المهرجانات وكأن العراق خلا الا من هذه الاسماء التي (بعضها) واضع الكلمة بين قوسين بعضها لا ينتمي لعالم الادب بل لشيء لا اعرفه
بمعنى ان هناك بعض الاسماء المكرّسة جل اهتمامها خلق استنفار حول اسماءها وكل ما يهمها حديث الاخرين عما تفعل لكن كمنتج حقيقي لا يوجد لديها منتج جاد ..

أضف لذلك هناك كمية نفاق لا ريب فيها بين المثقفين وما يُعرف بالنفاق الثقافي
ما زال المثقف العراقي يتعامل بعقلية المؤامرة .. او تبييت الافعال أو اللعب على تسعين حبلاً كي يهدم الاخر الذي ليس له ذنب سوى انه أفضل ولو بجزء بسيط
ما زال كثيرون لا يتحمّلون رؤية مَن هو افضل في مجاله ولن اقول الافضل بكل الاصعدة لذا تجدين البعض مستنفرين همتهم للاستهزاء من الاخر وهي للأسف حالة متفشية جداً داخل المجتمع العراقي ككل ولا يخلو مجتمع الادباء او المثقفين منها واعني حالة السخرية والاستهزاء بالاخرين .. وهذا برأيي أحد اسباب تراجع الشعوب ومنها العراق تحديداً .. فرغم كل ما يحاول فعله بعض المصلحون من جهود نرى بالمقابل كماً هائلاً من المثبطين او المستهزئين يمارسون طقوسهم وكأن السنن الكونية لا تنفك عن دورتها.

من هو المثقف وماهي علاقته بالسياسي

كلمة مثقف .. أرى انها لفظة مطاطة بعض الشيء لكن كي تكون مثقفاً جاداً عليك ان تكون مطلعاً على كل مافي الارض او على الاقل لكل ما وصلت له يداك.. عقلك .. تفكيرك ومداركه .. كل شيء دون استثناء .. لأني اؤمن جداً ان الله سبحانه وتعالى اودع كل العلوم في الانسان كلها حتى الخوارق .. لكنها ليست ظاهرة كي تُرى بل هي باطنة خفية .. فمن عمل على اكتشاف كل مواهبه نجده ذو مواهب متعددة ودليل كلامي المثقفين الذين كانوا في العهود السابقة تجدين الواحد فيهم عالماً بأكثر من مجال كالطب والفلك والرياضيات والشعر مثل الخيّام والرازي وابن سينا وغيرهم كثير .. فالمثقف –كما ارى- لابد ان يطرق كل خزائنه .. ويكتشف كل ما بوسعه اكتشافه وأن يكون ذا اطلاع واسع في اغلب المجالات ولو بقدر ... المثقف هو الذي لا يتوقف عن مناقشة أي قضية لكن بعلم ودراية لا كما يفعل البعض. ايضاً الثقافة ليست بعدد ما قرأت او درست بل هي الحياة وما تعلمك وما تجبرك على اداءه .. هي المجتمع الذي تعيش فيه والاحداث التي تواكبك .هل المجتمع العراقي مثقف؟؟ بكل تأكيد نعم وثقافته اعمق من ثقافة اي مجتمع اخر لسبب بسيط ما رآه العراق من تاريخ وأحداث وتعاقب حكومات على ارضه بالاضافة للخزين المعرفي الذي توارثوه جعلت المجتمع كله من المثقفين وبالدرجة الاولى سياسياً ..
اذن الثقافة هي جزء من طبيعة علاقة الانسان بمحيطه هي شيء مولود في داخله ينمو كلما تغذى بشكل جيّد مثل النبتة التي كلما سُقيت كلما صلب عودها وترعرعت ونمت بشكل صحي هذه الثقافة ..


اما علاقة المثقف بالسياسي فأود ان اقول ان جدلية المثقف والسياسي جدلية قديمة لم ينوجد لها الحل الشافي – عربياً – الى الان لكن دعيني ان اقول ان كل مثقف سياسي وليس كل سياسي مثقف .. بمعنى ان السياسة هي تخصص لجزئية من سلسة جزئيات تهم المثقف تارة طلع عليها بعمق وتارة بسطحية وذلك حسب اهميتها عنده لأن ترابط السياسة بالادب والفن والمجتمع هي ثلاثية لا تنفك ابداً عن فكر المثقف وهذا يجبره على مواكبة كل الاحداث وتحليلها ايضاً لكن السياسي هو صاحب اختصاص –هذا اذا وجدنا سياسياً مختصاً فعلاً- وهنا يكمن الفرق فليست مهمة السياسي فهم النص الادبي او فهم سايكولوجية المجتمع ولا حتى متابعة الحالة الفنية او الحركة الثقافية لأنها لا تصب في صالحه بشيء .. اي نعم يوجد سياسيون مهتمون لكنهم قليل جداً .. فالسياسي ذو تخصص واحد مهما أبدع في مجاله ستكون ثقافته محدوده في مجاله فقط .. ولا يجوز له التدخل في شؤون المثقف او فيما يقوله المثقف عكس المثقف والذي هو سياسي بالضرورة وعلى السياسي الاستماع لرأيه بدقة ولهذا نجد بعض السياسيين لديهم مستشارين ثقافيين – هذا لو وجدنا مستشاراً بوزن هذه الكلمة- لأن السياسي مكانه الشاشة والمؤتمرات لا يدري بماذا يدور في كواليس المدينة او الشارع .. وهذا دور المثقف الذي يشكل العين الاصدق على كل ما يدور في هذه الكواليس .. فحين ينتقد أداء ما او يطالب بشيء ما على السياسي الذي لا يرى التفاصيل كما تراها عين المثقف الاخذ بما يقول وسماعه جيداً.

ماهو دور المثقف في التغيير والتأثير

كما اوضحت : المثقف هو العنصر الاكثر فاعلية داخل المجتمع هو الفرد الوحيد الذي يستطيع الوصول لأي نقطة تصعب على اي حكومي وصولها .. من خلال قلمه .. تواجده .. جديّته بالعمل .. واعرف ان هناك كثيرون يودون لو تتاح لهم فرص حقيقية للتغيير لكن السؤال مَن هذا الذي سيعطيك المجال كي تعمل..؟ وكيف تكون مقبولاً وانت لا تنتمي لمؤسسة ما ..؟ بل كيف تعمل بلا تمويل..؟ ارى ان المثقف بحاجة الى دعم حكومي لكن بلا انتماءات او ايدلوجيات تفرض عليه .. والمفروض هذا عمل وزارة الثقافة .. لكن لا ادري حقاً ان كانت لنا وزارة ثقافة حقيقية في العراق ام لا..؟

ماهو دور مثقفوا الخارج وهل تصح هذه التسميات , هل يستطيعوا ان يؤثروا في الوقت الذي لا يستطيعوا فيه توحيد جهودهم من اجل الثقافة العراقية


بدءً أنا ضد هذه التسميات خارج / داخل .. كلنا عراقييون ونتاجنا في النهاية سيُصنّف على انه نتاج عراقي .. فالعراق هو الاصل وهو الجذور وهو الانتماء الذي لا يُردُّ ولا يُبدّل .. خروجنا من العراق لم يكن نزهة بل كان اضطراراً وردء لموت محتم واني ارى تسمية
( خارج / داخل) الا خيطاً واهناً يُشبه الى حد كبير خيط الطائفية التي لعب عليها البعض زمنا لذا ارفض هذه الكلمة رفضاً قاطعاً وظروفنا تشابهت كثيراً رغم اختلاف المكان
ليس الحصار الذي عاشه العراق الا حصاراً آخراً كنا نعيشه ..هناك اصوات جادة انطلقت من الغربة فهل ستكون انانية بقولها ان ما تحصلته من غربتها لا ينتمي للعراق بشيء لان العراق لم يترك لها فرصة كي تكتشف ذاتها فيه ؟ بلا شك كلا
أنا ارى ان كل ما نفعله هو للعراق ولأتكلم عني شخصياً ... حين اكتشف اني الوحيدة ممن جمعني وأياهم الشعر العراقي في الخارج تربت خارج العراق وكتبت خارج العراق هذا الاكتشاف كفيل على ان يجعلني اصر على ان العراق هو المانح وهو المنتج الحق الذي نجتمع تحت مظلته جميعاً وليس ثمة فرق مادمنا كلنا عراقيون.

كما اود ان اضيف : لديّ اصدقاء تركوا كل شيء وعادوا محملين بالشوق للعراق ولديهم طموحات بأن يحققوها وان يتعاونوا مع الموجودين هناك .. لكنهم صُدموا برفض الموجودين لهم بحجة الخارج .. بل راحوا يكيلون لهم التهم انكم هنا لتأخذوا ارزاقنا اما كفاكم الخارج!
وكأن الواحد منا يعيش في قصر عاجي ويسبح بحليب الفضة ..!
اصبحت كلمة من الخارج تهمة تحاسب عليها وتُتهم عليها ايضاً لذا ارى من المعيب ان ننظر للاخر من زاوية ضيقة دون الاحساس بما يُكن لابناء وطنه ووطنه.

اما دور المثقفين هنا فهو مشتت وغير منظم وغير فاعل .. والسبب لعدم انتمائهم لمؤسسة واحدة او انتمائهم رسمياً لاتحاد الادباء العام .. منذ سنتين تقريباً كانت لديّ فكرة ان نؤسس اتحاد ادباء في لندن ويشمل كل الادباء في بريطانيا ويكون تحت مظلة اتحاد الادباء .. لأني اؤمن ان فتح الابواب الكثيرة دون ترسيخ قاعدة جادة ماهو الا زيادة بالتخبط الذي نحن فيه كادباء نعيش في مجتمع لا يعرفنا ولا يعرف ثقافتنا .. لكن مثل هذه الرؤى والافكار لا تروق لأحد لذا المثقف العراقي في الخارج لن يقدم ولن يؤخر مادام في معزل عن الثقافة الام .. لأننا كلنا نعمل فرادى وهذا شيء مرهق .. لا توجد خلفنا مؤسسات ولا داعمين ولا اي شيء يُذكر وبهذا كل النشاطات هي عبارة عن فقاعات سرعان ما تنفجر في الهواء .. نحن بحاجة لانشاء اتحاد ادباء تحت مظلة الاتحاد العام لنا مالهم وعلينا ما عليهم .. هنا ربما سأستطيع الاجابة عن فاعلية الدور .. غير ذلك لا ارى اي جديّة تُذكروان وجدت فــ كلها أعمال فردية لا تدل على شيء حقيقي سوى انها محاولات مهما كبرت او صغرت لن تؤثر في شيء..!



هل رسمت في ذهنك صورة للوطن الذي تحلمين به وهل هناك أمل بان يكون للمثقف دور فعال في بناء

هذا الوطن

لن اقول احلم بعصافير آمنه وصباح عراقي يُشبه وجه بائعة القيمر الجميلة واحوك عبارات مهما صدقت لا تقارب الواقع ... كل ما اتمناه ان تُحل الازمة الثقافية في العراق لأن العراق يعاني حقاً ازمة ثقافية وليست سياسية .. وأطالب بإعداد دورات تثقيفية لكل العاملين في الحكومة ابتداء من رئيس الجمهورية وحتى اصغر عامل في مكتب رئاسة الوزراء وكل الطاقم الوزاري .. أن يدرسوا تاريخ العراق الثقافي والفني والادبي منذ عام 1920 وحتى اليوم .. كي يتعرفوا على الموارد البشرية الموجوده في هذا البلد ومنها يستطيعوا التعامل مع الفرد العراقي من خلال ما يفكر به ويعترف به فالبلد التي لا تحترم مثقفيها / فنانيها / ادباءها .. ولا تعرف عنهم شيئاً ستسقط مهما استطالت بل لا تستحق الاحترام وأظن ان النظام السابق لخير دليل !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معركة رفح.. إسرائيل تتحدث عن خيارات بديلة لهزيمة حماس | #غرف


.. العلاقة بين الولايات المتحدة وإيران.. عقبات -لوجستية- و-سياس




.. قصص ومعاناة يرويها أهالي منطقتي خزاعة وعبسان الكبيرة بسبب تو


.. شهداء غزة من الأطفال يفوقون نظراءهم الذين قضوا في حروب العال




.. نتنياهو: قمت بكل ما في وسعي لإضعاف قوة حماس العسكرية وقضينا