الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طه عارف .. وسلام الأصدقاء طويل

رباح آل جعفر

2009 / 10 / 8
الادب والفن


أبا قيس .. للتأبين طقس دائم ..
في رحاب ربك .. وأنت تترجل عن آخر محطاتك ، ومقاديرك ، وقد غلب الداء الدواء ، وثقل المرض ضغط على حلم الشفاء .. لعل في الغياب راحتك الأبدية .. متعبات خطاك إلى الموت ، مهمومة ، ربما تأخر حزني عليك قليلا ..
ماذا جنيت يا ابن عارف ، وقد أمضيت حياتك مستأجرا مشتملا صغيرا في الأعظمية ؟!
حلما كان أن تشتري بيتاً ..
حلما كان أن تغدو ولو مرة واحدة في حياتك دائناً لا مديناً ..
حلما كان أن تستمر صحيفتك ( المنار ) في الصدور لتأكل منها لقمة يابسة ، وقد أخبرتني في المرة اليتيمة التي زرتك في ( البتاوين ) حيث شقة صغيرة كئيبة اتخذت منها إدارة للتحرير أنك تكتفي بمصرف عيالك ربحا من مبيعاتها !.
لكن من أين .. وأنت عشت في زمان لا يعين ولا يعان .. زمان عجائبي ما حلمنا يوما أن يجيء ؟!.
سأستحضر الآن بغداد من عمق عشرين عاما ، وأوقد شموع ذلك الزمن الآفل لتلقي عليك المحبة والسلام .. يوم دلتني عليك اناقتك وابتسامتك العريضة المميزة في الطابق الثاني من جريدة العراق ، وكان الزمان أقل جموحا من الآن .. ودلتك عليّ قرويتي وطيبة مماثلة !.
ولما التقينا عرفتك من هدوئك ، وكان رماة السوء أعجز عن أن تقطع سهامهم الحبل السرّي بيننا ..
سأستحضر الآن أولئك الزملاء الغائبين من أبناء ذلك البيت الصحفي ( العراق ) وقد ( رحلوا في الغبار الذي انبث في قطرات المطر ) كانوا معنا ثم التحقت أنت بهم : عز الدين سلمان ( الشيوعي الأخير يدخل الجنة ) .. موحان الظاهر بصخبه وصوته المجلجل وقفشاته وحكاياته عن ( ريف الحلة ودواوينها ) .. رشيد الشبلي المصور اللامع بالأبيض والأسود والعضو العامل الوحيد في نقابة الصحفيين العراقيين لا يقرأ ولا يكتب .. رئيس التحرير صلاح الدين سعيد وكان يعتني بمظهره وهندامه أكثر مما كان يعتني بمطبوعه لأنها كل ما لديه في الصحافة وفي الحياة .. سعيد القدسي الراكض وراء عمال الفوتو لاستكمال الصفحة الأخيرة قبل الطبع .. احمد شبيب مهندس الحرف في المطبعة وحارس بوابة الصفحة الثقافية الصارم ( أبو صارم ) ..
وأوقظ الآن ذكريات جميلة وعزيزة كثيراً ما أسترجعها وأحنّ إليها ، ذكريات عن غدائنا المشترك ، وكان تقليداً سارياً يجمعنا مرة كل إسبوع ، وعندما أرادني شقيقك وصديقي الحميم مظهر عارف أو ( غودو ) كما كنت أسميه ، أن أكون شاهداً على عقد زواجه الثاني ، وصور عن مشاعر وجدانية جمعتنا في لحظات دفاقة من العاطفة الإنسانية ، عندما كنّا نجلس نحن الثلاثة حول فراش والدتي المريضة ، ويبدأ مظهر يحكي لها نكاته ، ويسمع منها نوادرها وأمثالها ، فإذا الابتسامات والقهقهات تمسح ، ولو إلى حين ، آهات المرض وأحزان الدموع .
أيها الزملاء ..
إن طه عارف يقبل الفواجع كلها ..
إلا فجيعة أن تتركوه وحيدا ..
فلنساعده ببداية جديدة ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة غداً


.. سكرين شوت | إنتاج العربية| الذكاء الاصطناعي يهدد التراث المو




.. في عيد ميلاد عادل إمام الـ 84 فيلم -زهايمر- يعود إلى دور الس


.. مفاجآت في محاكمة ترمب بقضية شراء صمت الممثلة السابقة ستورمي




.. انتظروا لقاء مع أبطال مسلسل دواعي السفر وحوار مع الفنان محمد