الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حنين الى الرفيقة الغالية:هيام

مهدي رفيق

2009 / 10 / 9
الادب والفن


حنين الى الرفيقة الغالية:هيام

شجون مغربية – الشجن رقم 1-

عزيزتي هيام :

" فضيع أن يموت الإنسان عطشا في البحر، لما تضعون كل هذا القدر من الملح في حقيقتكم ، إلى درجة أنها لم تعد قادرة حتى على إ رواء العطش " نتشه.
احملي نعشك واتبعيني ، وخلصي نفسك من حرقة التفكير المضني في مصير يتعين التقرير فيه وحسمه بشكل جماعي ... فحسب الدليل الصهيوني للأحلام العربية الذي صيغ حسبما أعتقد بأقلام الجبن العربي ، فمن حقك كفلسطينية في الصراخ والألم والموت ...لكن لا حق لك في متر مربع من الحرية ،لأن أرض أجدادك حسب أوهامهم التوراتية – التي يستندون إليها كغطاء إيديولوجي لتبرير الجريمة الصهيونية – تحولت إلى أرض للميعاد الصهيوني حيث تسفك دماء الأطفال والشيوخ والرضع تحت أنظار العالم وبمباركة أمة "محمد القريشي " برمتها؟.
أعلم جيدا يا عزيزتي ، بأنك لا تدعين البطولة أمام هكذا مأساة إنسانية ووجودية وأنت تعملين جاهدة من اجل المساهمة في صيانة ورد الوطن ووطن الورود . لكن من حقك إدعاء الحرية في أبهى وأصدق معانيها ،كلما استوعبت بأن هذه اللفظة الرشيقة والمهيبة في آن واحد لا تعني في آخر المطاف حسب ماركس سوى وعي الضرورة ، أي إدراك حتمية الانغماس روحا وجسدا، شعرا وقلما ، دما ودموعا ، وعيا وجنونا ،ألما وفرح سنابل ورصاص...في كفاح إنساني وقومي وأممي وفلسطيني،ضد كل أشكال الإهانة التي يمارسونها ضدنا ورثة نيرون الجدد.
ليس في نيتي في هذا المساء الخريفي الحزين أن أحرضك على الصمود،لأنني متيقن بأن لفظة" صمود " ،أضحت خبزكم اليومي هناك في شوارع يافا وعكا وطول كرم ،كما أضحت لفظة "لن نستسلم" شعارا لشعب بأكمله وعنوانا لمرحلة بكاملها .
لا أود أن أحرضك على الصمود أيضا ،لأنني لا أدري إن كان هذا الأخير قد يحل مأساة الضياع تحت المطر ،أو قد يعني شيئ ما ،بالنسبة لإنسان أضحى محاصرا في الداخل والخارج ...
دبابات وغازات كيماوية محظورة في الخارج تتأهب لتصفية القضية والأرض والشعب ،واجتثات جدور المقاومة وتجفيف ينابيع الصمود الفلسطيني .
وفي الداخل قمم ومؤتمرات من اجل المباركة والتزكية والبحث للجلاد عن كل المبررات والأعذار الممكنة والغير ممكنة، المعقولة والغير معقولة من أجل طمس جريمته وتكنيس معالمها بفلسفة القانون الدولي ،وتحميل الضحية في آخر المطاف مسؤولية تشرده وأسره واغتياله،وربما حتى إبادته ،لأنه ببساطة مات وهو يقاوم !! إنهم يحاولون أن يجعلوا من الركوع والاستسلام هوية جديدة للإنسان الفلسطيني، فماداموا في " قيادة " الحركة التحررية فإن الخبز الفلسطيني سيقل أكثر، وغصن زيتونه سيذبل أكثر، ودموع الثكلى واليتامى ستنهمر أكثر ، وكرامته ستداس أكثر ... وبذلك أزمة المقاومة ستستمر ومخاطر التصفية والاستسلام ستتصاعد . فما العمل يا حبيبتي ؟ هل نرضى بالذل والهوان والاحتلال ؟ هل نستسلم أمام هذا العبث؟.
سأصرخ بك ثانية أيتها المنبعثة من قاع الحرية ومن أرض النبوة والشهادة، حاولي التخفيف من معاناتك ومعاناتي ، ففي الصمود والمواجهة أيضا غربة ،ولكن أية غربة ؟ ففي الغربة من أجل الغد الفلسطيني والإنساني المشرق تحتوينا المآنسة ويدثرنا الحنين ويوحدنا الإنتماء لجيل اختار الوفاء لدم الشهيد ومعانقة أحلامه .هل ترين كم كان صادقا محمود درويش وهو يصرخ في وجوه صانعي "السلام" : خذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا ودعونا نحرص ورد الشهداء.
ولأننا يا هيام اغتسلنا – نحن الذين اخترنا السير على يسار الهزيمة والمفاوضات – نهائيا من إثم السلام الصهيوني ووثنية الجنة والخلود ،فلن يلوثنا ولن يخدعنا وهم السعادة بشكلها المطلق،لأننا على قناعة تامة بصدق شعارنا القديم/ الجديد، الذي أكدنا من خلاله بأنه من فوهة البندقية ينطلق السلام والحرية ،وبأن السعادة الحقيقية هي أن يعيش المرء كإنسان ،أن يتصرف كإنسان ،كما يقول الشاعر المغربي عبد اللطيف اللعبي .
انصتي ،أنت التي تسكنين في كياني كجرح غائر وكحلم عنيد غير قابل للمساومة ،الإنسان لم يولد ليرتطم بالأرض ويتوسد فجيعته ويعشق مأساته الأبدية ؟
الإنسان هو في نهاية الأمر قضية،على حد التعبير الجميل لشهيدنا وحبيبنا غسان كنفاني، وحسب الرائع عبد الرحمان منيف ،فهذه القضية بمقدار ما يتحمل الإنسان مسؤوليتها ،يتشبت بها، يدافع عنها ، بمقدار ما هو جدير بها ، وبالتالي ترتبط به وتصبح هيئته وصورته ،أما حين يسهو أو يتخلى عن واجبه ،فإن هذه العلاقة تهتز وقد تسقط وربما تنتهي.
ومن هنا يبرز مفهوم أوضح وأقوى للوطن : إنه الارتباط الذي لا يجوز فيه التخلي أبدا . وهذا يقتضي أن يمتزج دون توقف ،دون انقطاع بدم الذين يقيمون فيه بعرقهم ،ليس فقط كإرث وإنما كعلاقة دائمة ومستمرة .
فوفق هذا المفهوم " المونيفي" للوطن تضل المقاومة يا حبيبتي قيثارتنا التي ننشد بها نشيد الحرية ،فهي خيارنا الأوحد والوحيد لفرض حقنا في الوجود على أرضنا وبحرنا وسماءنا...فليقاوم كل واحد منا حيثما انوجد ، لأننا نؤمن بضرورة أن تكون معركتنا بلا موطن محدد ، مادام موطنها الأصلي والحقيقي هو ساحة الكفاح من أجل بناء مجتمع الحنان البشري ؟.
صغيرتي ، أشعر بأن هذا الحلم الذي يوحد بين قلبينا ،يحتويني ويجعلني أشعر بلذة العيش على نحو أفضل رغم قسوة الشعور بثقل البعد والحنين ...
وأنا أتأمل دهشة أولئك الذين يشاركوننا اللحظة، هذا العري الطفولي بل وحيرتهم أمام هذا الحجم الهائل من الهشاشة الإنسانية ،أتمنى أن تزرع هشاشتي زهرة الياسمين في أعماق قلبك الكبير المفعم بالدفء والضوء والحنان ...
دعيني أمازحك فبل أن أضع أروع قبلة على جبينك الجميل ،كيف تجري الأمور هناك في مشرق القلب عند الحد الفاصل بيني وبينك ؟ أما هنا في مغرب القلب، فلا يسعني إلا أن أهمس لرفاقي كي لا ينشغلون بالسؤال عن لونها ،فهي كل الألوان ، وكي لا يسألوني عن شكلها ، فهي كل الأشكال ، تشبه ملامح الوطن عندما يتخذ شكل أغنية ؟.


أحبك : رفيقك الوفي مهدي
خريف 2009












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحب الرفاقي
ولد جرادة ( 2009 / 10 / 10 - 00:02 )
هي الكتابات من هده الطينة قليلة وما احوجنا اليها
هي الكتابات التي تجمع بين الحب والعلاقة بالوطن المسلوب و المراة
هي الكتابات التي تعكس واقع الحرمان الدي يعيشه
جيل من المناضلين الشباب جراء الزمن الرديئ
هي الكتابات التي نرى بها الوجه الاخر للشخص لهدا نناشدكم على الكتابة من هده النوعية من فضلكم حتى نكمل الطريق و دفؤ الخب يجمعنا ويحصننا من كل التكالبات
رفيق يحبك


2 - هي شجون جيل بأكمله؟؟؟
هند المغربية ( 2009 / 10 / 10 - 07:05 )
يصعب عليك كقارئة، أن تلمسي في هذه الرسالة الحد الفاصل بين عشق الوطن و عشق المرأة، الى درجة انه خيل لي بأن مهدي يريد أن يحيلنا إلى ًألكسندرا كولنتايً ،التي ظلت تلح على أن الحب سيكون دين الانسانية في المستقبل، وذلك بحديثه لحبيبته على أن معركة الحرية يجبً أن تكون بلا موطن محدد ، مادام موطنها الأصلي والحقيقي هو ساحة الكفاح من أجل بناء مجتمع الحنان البشري ؟.ً

كما تعيدنا هده الرسالة الى الإهتمام بالكتابة الرسائلية كجنس أدبي متميز،خاصة في
ضل شيوع وسائل الإتصال السريع ًسمس.شات.... ؟؟؟ ًوما قد تشكله من خطر على ذاكرتنا الفردية والجماعية، على الرغم من فعاليتها ونجاعتها في تسهيل التواصل البشري٠نحن في انتظار شجونك المقبلة، كما تحدونا رغبة التطفل على الإطمئنان على سير الأمور في مشرق القلب كما أسميته من خلال الشجون الفلسطينية المرتقبة للرفيقة ًهيام ً ، فكلنا ننتظر الجواب عن حيرتك وقلقك الذي عبرت عًنها:ً كيف تجري الأمور هناك في مشرق القلب عند الحد الفاصل بيني وبينك ؟ ً ٠ احبك ايها العزيز


3 - حنين التي تقدر حبك الاسطوري
حنة ( 2009 / 10 / 10 - 20:05 )
عبارت تناسلت وانتظمت لتخرج في احلى حلة جمعت بين المعانات التي يشاطرك فيها الكثير من الغيورين على هدا الوطن بمعناه الواسع و كل وطن يقهر فيه الضعفاء هو وطن لنا ندافع عنه من اجله كرامة من خلقوا بكرامتهم لكنها انتزعت منهم ظلما.
.
اجل عزيزي اوافق الراي حين قلت تحولت إلى أرض للميعاد الصهيوني حيث تسفك دماء الأطفال والشيوخ والرضع تحت أنظار العالم وبمباركة أمة -محمد القريشي - برمتها؟ غير انني اود ان اعلق على اخر الجملة لاني اريد ان اقول بدلها بمباركة من يدعون انهم من امة محمد القرشي عليه افضل صلاة وسلام.
اولئك من كان عليهم حمل المشعل من اجل تحقيق كرامة الضعفاء اولئك من كان عليهم اقرار العدالة و و و و و نعم مسوؤلياتهم كبيرة وكثيرة.
ولن تستطيع تحريضها على الصمود ستفشل لان الصمود هو قناعة اكثر من اي شيء اخر هو بمثابة امل نتيجته حتمية هي النصر لا محاله.
اما تلك الهشاشه ليس لها وجود بل من عزيمتك ستزرع ليس الياسمين فحسب بل ستزرع باساتين من مختلف الزهور وتدكر قصة الجرة.
ومن اندهش فهو لا زال لم يتمعن ولم يتدوق الحياة و قيمة صدق المشاعر التي تلغي كل الحدود و كل القوانين تلك المشاعر الصادقة التي لم تجد سوى كلمة صدق لتدافع عن نفسها وسط عالم يعيش بالمراوغة .
في الاخير خيوط رائعة نظم

اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب