الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خلود المطلبي في دور الراهبة

كريم الثوري

2009 / 10 / 9
الادب والفن



خلود المطلبي في دور الراهبة
اعتاد شعراء الحداثة الشعرية جعلِ عناونين قصائدهم تستفز مُخيلة المُتلقي فيُستقطَب منذُ الاندماج الاول وتفاصيل اللعبة بشغف ليُطفي لجًة السوال ويهديء من روعه ‘ وعنوان الشاعرة خلود المطلبي في قصيدتها الراهبة ينصب في هذا المنوال لبوصلة أبت إلآ الاعتراض على تقاليد السائد فكشفت عن وجهها الحقيقي المُقاَرب والمستمد من ناسك كلما دفعت به الحياة الى الامام بتفاصيلها المرعبة المتشابكة كلما ازداد قُربة والتوحد بعالم الفيض الالهي من اوجهه المتعددة لتستقبلنا المحصلة النهائية قبالة قداس لامرأة نذرت نفسها لله فراحت تحاكي الكون من خلال حواسها بدلالة عشقها الابدي بعيدا عن لغط الايام وتفاصيلها المحزوزة.

السؤال الذي يطرح نفسه لماذا اختارت خلود المطلبي عنوان الراهبة وما بُعده الدلالي هل لانها منذورة فحسب تجانسا ً مع شخصيتها الملتزمة ‘ ولماذا الراهبة بالذات علما بأن الرهبنة لا أساس لها في معتنق الاسلام وهل هذا يمت بصلة لجهة الشاعرة في اخراج مكنوناتها الباطنية المُغيبَة وادغامها بطريقة توظيفية كونها فعلا صوفية القبلة والوجهه ام هو مجرد حالة شعرية عابرة ليس من الضرورة ان تمت لسيرورة الشاعرة سواء منها الاجتماعية او النفسية؟؟
العنوان / الراهبة :
نافلة القول ان الرهبنة هي تطويع وانسياق ذاتي خالص لوجه الخالق باشكاله والوانه المتعددة وهي نزوع انساني لخلق حالة من الحب العذري ينهل من فيض الرب حالة تضفي على الحواس مُجانسة من نوع آخر تُغني –الراهب-ة- في ملامسة ملذاتها بعدما حالت الايام وتجميعها لملاقاة فارس الاحلام المُكتمل هناك في الجهة الغير مرئية لتهنأ بعرس طقوسه ليست دنيوية تحيطها الملائكة وانهار المطيبات والرب والانبياء والرسل والصالحون يدفعنا ذلك لسوال وجودي يطرح نفسه بشقيه كما لو انَ حالات كثيرة يكون- المُريد او القطب - كما في التصوف قد توصل بالاستدلال الطبيعي الى ما هو عليه او انه مرَ بانتكاسات دنيوية جعلت منه يتطرف بشكل آخر مغاير لعلهُ يكفر ما لحقه من دنس بيديه سواء او من الخارج الضاغط عليه كرابعة العدوية ذكرا وليس حصراً؟
اذن نحن امام حالة استثنائية فريدة قل من يُسوقها على نفسة لانه يعني ان يقفل حواسه ويلقي المفتاح في البحر ولكن هل يستطيع ...؟ لنرى التفاصيل ونستخلص النتائج والعِبَر :


ارفعي فستانك عن الأقدام قليلا
عقاب الراهبات ان يمشين
على المسامير
و لا يخدشن رقة اقدامهن
“سأغمضُ عينيَّ”
“قبلني الآن”
يبدو من الوهلة الاولى انه ضمير المُتكلم هو الذي دفع الشاعرة خلود المطلبي بشخصية الراهبة للانطلاق بعفوية مسترسلة بعدما غاب الرقيب فنكون ازاء ثلاثة مفاصل:
1 ـ صوت الحواس المخنوق بعدما سنحت له فرصة للتنفس والكلام بما لا يمكن البوح به في حالة حضور الرقيب المترصد الدنيوي الضاغط.
2ـ ان خلود المطلبي وهي تمثل دور الراهبة شخصية ملتزمة دينيا فعلا وهذا لا يمنع من خلال اطلالة الشعر ان تكشف عن مُنتظرها وهو يفرض وجوده وبقوة لكنه ليس الا حالة تفريغ لمخزون تمكنت به بحكمة واتقنت انسيالاته فهي لم تعط حتى ملامحه وهذا دليل اتحاد غائبّي- الشعري والديني- ولكنها فاجأتنا بانها عقوبة- عقاب الراهبات- مرده الى جهة التصوف لانشطار الانا المذنبة عن مبدعها( عودة الجزء الى الكل ) كما في ادبيات مدارس التصوف وطُرقها..
3ـ انما ارادت من وراء ذلك بدلالة الوعي او اللاوعي ان توصل رسالتها الى المترصد بها-العقل الذكوري- خلال نقلة نوعية حَبَستهُ بين قوسيها فمنحتهُ كل استطاعتها في لحظة وَجد اختصرت به الازمنة حتى انها اغمضت عينيها وكأن الآن هو غاية( المُنتهى في المُشتهى) فتوقفت عقارب الساعة عنده لتحتفظ بلذة الخيال بسمعها لا عينيها .
التفاصيل :
رفع الفستان عن الاقدام بدلالة تعفف الراهبة غير ممكن وقد تحدد ب (قليلاً) والقليل لا يناقض شروط الرهبنه الا قليلاً اثناء السير وتاسيسا على ذلك هو العقاب المنتظر وما اشده لكنه يُطهر الحواس قبل أن يُميتها شيئا فشيئا كما في المشي على المسامير
ولا يخدشن رقة الاقدام تتابعا مع الرباعية –المشي –المسامير – الخدش – الرقة
فكيف يمكن توظيف الرباعية في بوتقة واحدة ويحصل التجانس صعب جدا لغيرمنزوع الحواس فأهل العادة لا يستطيعون ذلك ولكن جماعات التصوف والعرفان يملكون الاجابات الناجعة لهكذا قسوة...
ربما علينا ان نتحرى في سيرة رابعة العدوية وقد كلمتنا يوما انها اصلحت ثوبها على اضواء اسراج حاشية الملك ليلا اثناء السير فتوقف قلبها سنوات عن التوحد في الله حتى اكتشفت العلة وفتقت ثوبها فعاد لها نبض قلبها *
قبلني الأن:
لا اعتقد انها القبلة المتعارف عليها في ظل حضور الحواس بدلالة البيت السابق ساغمض عيني والاغماض اي تعطيل الحاسة التي تطبعت بالمراس والتجربة والمران والمراد بالتقبيل هو ما تبقى من ملامسة الحياة للمراجعة او للاكتشاف وفي حالة لا يمكن اغفالها موضوعيا هو الارتداد اي الرغبة الجامحة المقموعة في العودة الى ملذات الحياة واعادة ميكانيكية الحواس الى عملها الحقيقي - الرهبنة-
أستغفر الله
أربكها القلب
بخفقتين
واحدة له
وأخرى للغياب
ألراهبة المنذورة للصيام
تتفقد قرابينها
الواحدَ بعد الآخر
لكنها
لن تورثك احتفالاتها



استغفر الله / استدراك لما تبقى من دنيويتها بعد مطالبتها إياه بالتقبيل...
الارباك/ متوقع من خلال النزاع المستمر بين نوازع الجسد ومصدره القلب المُغيب وانضباطية الرهبنة
الخفقتين/ لمن: واحدة له...مَن هو ؟؟ ما تبقى من احاسيسها بدليل - اربكها القلب- والاخرى للغياب وكلاهما متخيل غير مجسد با عتقادنا الاول في خبر كان والثاني من اكتملت به شروط الحالة الجديدة لانها ( منذورة للصيام)
والنذر استحقاق يجب ان يستوفى بالاعتقادين العرفي والديني اذن هي مشروطة وكل ما سبق مجرد رغبات مكبوته تتنفس من خلالها الراهبة حياتها وتتذاكر معها كلما باغتها الاشتياق لذلك.
-تتفقد قرابينها / ما جال في سيرورة حياتها ولم يتبق غير الملامح وقد عزمت وعقدت النية باتجاه مُغاير لذلك -لن تورثك احتفالاتها- هي طقوس الرهبنة ايُها الدنيوي وهنا نلاحظ نزوعا تعذيبيا كون الذين مروا في طريقها ليس اكثر من اشباح دنيوية مخزونة سلفا فتخلصت من اخيِلتَهُم عن طريق الذبح المجازي- القرابين – والقربان واجبا او مستحباً تقربا الى ما هو ابعد اما – لن تورثك احتفالاتها – انعطافها الجديد ليس اكثر من رسالة مفادها ابتعد ايها المتربص فالورث يعود لصاحب الحق الشرعي وما انا الا انسياق متوهج لمدار ابعد من حدودك لا توهم نفسك ايها الارضي الهوى والقبلة...
يداكَ على خصرها
وخطواتكَ المسكونة
تتابع خطواتها العارفة
شمالاً وجنوباً
يميناً ويساراً
ألراهبة المنذورة

لن تستطيع الكلام
تتوهج فقط
اكليل أشواك
كأقدامه العاريات...
......
محض مصادفة هي
محض خيال هو

من هو الغائب الحاضر هل هو حقيقة او وهم؟ ذلك المتربص بها ربما هو ظلها الملتصق بحضوره الأجل - الحاضر في الشعر ام المنتظر في السماء - فكانت استدراكاتها اللاحقة ان بينّت ملامحهُ واسكتته ب لن المستقبلية فالكلام مجرد لدرجة تَعمدَت الى تجاوزه تعففا ً من خلال – منذورة للصيام - وهذا يذكرنا بسورة مريم عليها السلام- اني نذرت للرحمن صوماً فلن اكلم اليوم انسيا-
وخلاصة الافتراضية التي اتقنتها الشاعرة المطلبي واحكمتها بقوة حين تقمصت دور الراهبة بشكل استثنائي وكأنها فعلا مرت بهذه التجربة الصوفية وهذا لا يمكن التحدث عنه الا من خلال امرأة خَبرت عن قرب و ليس مرور الكرام حتى تشبعت وتدرجت الى درجة التوهج على طريقة التصوف ان لم تكن هي متصوفة او في طريقها اليه تصوراً وتصديقا...
محض مصادفة هي
محض مصادفة هو
تبقى الراهبة مهما حاولت وتحاول فلن تتخلص من كوابح الوجود كونها داخل دائرة الحياة لذلك تبقى الاسئلة تبحث عن معناها لكنها اخرستها ب – محض - .... اي مصادفة تلك التي لن تستطيع الكلام وخلقت للتوهج فقط؟
اما عنه - هو- ما تبقى في الذاكرة يوم كانت تمشي على قدميها خارج دائرة المحراب ثم تحول الى محض خيال مرَ كما لو انه لم يمر بعدما استقر بها المقام اخيراً في محرابها المحصن وكل ما مر سابقا لا يبدو اكثر من طريق في ذات الشوكة لمريد خط طريقه وانتهى الأمر...
وإذا كان من كلمة اخيرة نقولها إن الشاعرة خلود المطلبي بنشيدها وقد اختارته شفافا مُرهفا تماشيا مع طقس هيأت له مناخا غير متشنج مموسقاً قد استطاعت ان توصل رسالتها النهائية حين احكمتها بالتوهج والصمت في نهاية المطاف مثلما شطبت من ذاكرتها بالكامل ما يستدعيه لاستدراحها فهو ليس اكثر من خيال سارح كانت منقادة اليه بفعل غضاضة التجربة وزادت
على ذلك بشطب ذاتها ايضا حين احالت نفسها واياه الى محض مصادفة وخيال فوجدته من حيث اضحت *به قرباناً فاستحال بنصابه المؤيد في عالم مكتمل لا مصادفة او خيالا يتحكم بقواعد المنعطف الموعود.
*مدارات صوفية لهادي العلوي
* اضحت من الضَحية في الموروث الشعبي الديني لاهل العراق في عيد الاضحى المُبارك حين يذبحون لامواتهم خروفا قربة الى الله تعالى وهذه الطريقة سائدة لغاية اليوم
كريم الثوري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ناقد رائع وشاعر مبدع
علي حسن ( 2009 / 10 / 10 - 08:18 )
الناقد المبدع والشاعر الرائع كريم الثوري

نقد رائع مشوق وممتع لقصيدة عميقة وجميلة وقد جاء النقد الباهر حقا مكملا للقصيدة والنتيجة هو وقوف القاريء امام قطعة ادبية وقراءة نقدية رائعة.سلمت يداك من شاعر مبدع وناقد رائع.

اخر الافلام

.. أحمد فهمى و أوس أوس وأحمد فهيم يحتفلون بالعرض الخاص لفيلم -ع


.. أحمد عز الفيلم المصري اسمه الفيلم العربي يعني لكل العرب وا




.. انطلاق فيلم عصابة الماكس رسميًا الخميس في جميع دور العرض


.. أوس أوس: هتشوفونا بشكل مختلف في فيلم عصابة الماكس وكل المشاه




.. مؤلفين عصابة الماكس: الفيلم قائم على العائلة وأهميتها.. ومشا