الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكومة الافتراضية(2)

حسن الشرع

2009 / 10 / 10
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


تناولنا في مقالة سابقة الجزء الاول من مفهوم الحكومة الافتراضية (المثالية)وقد تم في ذلك المقال التركيز على طرح الاسس التنظيرية لهذا المفهوم فضلا عن دعوة المثقفين بانظاج هذا المفهوم وامكانية تبنيه كمشروع حكم وطني عراقي بديلا عما النموذج الحالي المطروح لحكم العراق في هذه المرحلة،وفي هذا الجزء سنحاول التطرق الى الظروف الموضوعية التي تدعو لهذا التبني واهمها:
اولا-فشل او احتمالية كبيرة بفشل النموذج المطروح للنعاطي مع الشان العراقي،ان تشظي بنية المجتمع العراقي ماهي الا مظهر من منظاهر هذا الفشل على الرغم من ان البعض قد يجادل في البنية الهشة اصلا للمجتمع العراق وان العلاقة بين نظام الحكم الحالي المطروح والتشظي المزعوم هي ليست علاقة سببية كما يرى هذا البعض.نقول ان نموذج الحكم الحالي ليس بديلا ناجحا لحكومات دكتاتوريات لمدة طويلة تنتهي فجاة بفراغ في السلطة ،هذا من ناحية ومن الناحية الاخرى فانه لا يمكن وجود مجتمع متجانس الى الحد الذي يلغي فيه مصالح الافراد والجماعات ضمنه.
ثانيا –دلائل عن عزوف او امكانية كبيرة في عزوف الناخبين عن المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة ،وهذا العزوف يعني فيما يعنيه رفضا صريحا لنموذج الحكم الحالي او شخوصه فالناس بريكماتيون بطبيعتهم ويحكمون على الامور من خلال نتائجها وليسوا على استعداد لان يصبحوا حقولا لتجارب سياسية او يعطوا مزيدا من الفرص للنخب السياسية بغية تعديل مساراتها او مشاريعها او متبنياتها.
ثالثا –الصراع على السلطة والنفوذ والذي يمثل ساحة اثراء واعدة للمغامرين الجدد وفاقدي الامتيازات والمصالح في ظل ضيق الفرص المتاحة في كثير من المناطق الاخرى في العالم لمن هم بمواصفاتهم المادية والثقافية وربما الدينية والاثنية،وهذا الكلام يمتد للمواطنين الراغبين في تسنم مناصب السلطة من حملة الجنسيات الاثانية والثالثة..ان ساحة الصراع على السلطة في العراق هي ساحة رحبة وكبيرة ومع ذلك فانها ضاقت بالمتصارعين على الرغم من سعتها لكثرتهم من ناحية ولتنوع المناصب والمصالح وغياب الاجراءات والضوابط والمعايير التي تتحكم بطبيعة الصراع سواءا كانت تلك الضوابط والمعايير قانونية او ادارية او دينية او اخلاقية. فحتى رجال الدين لا يتمسكون بضوابطهم الشرعية لمجرد دخولهم الحلبة (والكلام هنا لا يخلو من استثناءات) وهذا امر معروف لدى العامة.
ان مفهوم الحكومة الافتراضية هو ليس مقالة وردية او كتابا اخضرا او ابيضا ،انما هو مشروع خلاص لا ادعي شرف ابتكاره لكنني اتشرف بطرحة ومحاولة انضاجه ،فالتاريخ يشير بشكل واضح الى حكومات افتراضية مارست دورها النزيه والعادل في فترات متباينة في اماكن عديدة ومنها العراق والذاكرة الشعبية العراقية مازالت تختزن اسماء عديدة نعتبرهم لاغراض هذا المقال قادة افتراضيين ،صحيح ان درجة افتراضية حكومة قد تكون عرضة للجدل لكن في ذات الوقت لابد من القبول بمتطلبات الحد الادنى من المعايير التي يجب ان تتوفر في الحكومة لكي نعتبرها افتراضية،وخلال فترة طرحنا المتواضع لهذا الموضوع ودعوتنا للسادة الباحثين المهتمين بالشان العراقي فقد تسلمنا بعض الافكار بعضها عن طريق البريد الاكتروني وبعضها الاخر خضنا معها مساجلات ومناقشات بشكل مباشر،ويمكن تصنيف هذه الاراء والافكار الى ما ياتي:
اولا –افكار لا ترى أي جدوى بطرح افتراضي لمشكلات حقيقية وواقعية كالتي يعاني منها المجتمع السياسي العراقي والنخب السياسيسة على اختلاف توجهاتها وخلفياتها،فضلا عن المشكلات العامة التي يعاني منها المجتمع عامة.هذه الافكار ترى بطلان هذا المنحى والمنهج كونه لا يصلح للتعاطي مع هذه المشكلات ،ويرى اصحاب هذا التوجه بان المشكلة هنا لا تكمن في طبيعة النفس البشرية بل تتعدها الى الاسس والمتبنيات الفكرية لموضوع الحكزمة الافتراضية التي تذهب الى محاولة اقحام انماط من السلوك الطبيعي (كسلوك الغازات المثالية )ومقاربتها مع السلوك البشري الاكثر تعقيدا والاصعب فهما.
ثانيا-افكار واراء ترى ان المزاج النفسي العراقي (النفسي والاجتماعي)لا يحتمل مثل هذا الطرح المثالي الذي لا يتسق نتائج ما مر به المجتمع العراقي من كوارث سياسية ترتبت عليها الكثير من الاثار الاجتماعية والاقتصادية انتجت سياسات واخلاقيات يصعب التعامل معها نظريا.
للتذكير فقط اشير الى ان مبدا الحكومة الافتراضية تقوم على امكانية العمل التطوعي المجاني للقادرين بالنهوض باعباء العمل الوطني بموجب مواصفات وصلاحيات متروكة للنقاش كمتغيرات ووجود ثوابت العمل الوطني كالاقرار بوحدة البلاد ووحدة شعبها ومصالحها والقدرة على التصدي .النموذج النزيه يفترض قيام الوزراء والنواب وما سواهم ان يعملوا بالاجر الذي يتقاضونه قبل استنيابهم اواستيزارهم او تسنمهم لاي مسؤولية رسمية، ولا يوجد دافع غيرالدافع الوطني اوالاخلاقي او الشرعي بما يحقق مصالح شعب البلاد الدنيوية حصرا وليس في جانبها الغيبي الميتافيزيكي.ان مثل هؤلاء الناس متوارين حاليا عن الانظار وهم بانتظار ان يطلب منهم هذا الامر ليتشرفوا بخدمة بلادهم ويشرفوا المناصب التي ربما تسند اليهم ولا يبحثون الا عن بضع كلمات سيقولها التاريخ عنهم وفي حقهم وهذا ابسط حق معنوي ينتظرونه وقد يقول قائل :هل يوجد هناك فعلا هؤلاء الناس ؟فنقول نعم فلا يعقل ان تخلو بلاد كالعراق من بضع مئات من اناسها الزاهدين في زخارف جربها غيرهم فلعنهم التاريخ ولعنهم مواطنيهم .
ان اقتراب عمر مجلس النواب والحكومة العراقية التي افرزها من نهاية عمرها الدستوري من جهة والهوة الكبيرة بين ما تحقق لكبار مسؤولي الدولة وعامة الناس فضلا عن التذويب القسري للطبقة الوسطى التي يفترض ان تقوم بدورها التنموي في البلاد ،وغيرها من العوامل التي تضيق بها سطور البحث ،كل هذه تمثل مسوغات طرح الموضوع مجددا للنقاش ،لعل الايام القليلة القادمة تفرز لنا حلا يكون فيه لطرح الحكومة الافتراضية نصيبا من الحل الذي يبحث عنه كل العراقيين.
علما ان الجزء الاول من الموضوع قد نشر في بعض المواقع الاكترونية مثل الحوار المتمدن وصوت العراق ومركز النور http://www.alnoor.se/article.asp?id=51715
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=176932











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيش الاحتلال الإسرائيلي يكثف غاراته على مدينة رفح


.. مظاهرات في القدس وتل أبيب وحيفا عقب إعلان حركة حماس الموافقة




.. مراسل الجزيرة: شهداء ومصابون في قصف إسرائيلي على منازل لعدد


.. اجتياح رفح.. هل هي عملية محدودة؟




.. اعتراض القبة الحديدية صواريخ فوق سديروت بغلاف غزة