الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفاهيم الديمقراطية

سلام خماط

2009 / 10 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


تعتمد كل أشكال السلطات على شرعيتها السياسية ومدى قبول الشعب بها ,لذا فان العملية الديمقراطية تتطلب درجة عالية من هذه الشرعية ,لان الانتخابات تقسم الناس إلى معسكرين احدهما رابح والآخر خاسر ,إلا أن الديمقراطية الناجحة هي وحدها التي تضمن قبول الخاسر بالانتقال السلمي للسلطة , لهذا نقول يمكن ان يختلف السياسيون ولكن لابد ان يعترف كل طرف للآخر بحقه الشرعي ,وهذا لم يحصل الا في المجتمعات التي تعرف التسامح والتعايش وبالتالي يعني ان كل الأطراف المتنافسة والمختلفة لابد ان تشترك في قبول القيم الديمقراطية ومفاهيمها ,أما المجتمعات التي لا تعرف التسامح فقد سادت فيها دساتير لا تحمل من
الديمقراطية سوى التسمية , ولهذا فان الكثير من الأنظمة كانت تمارس نوع من التحايل على مبادئ الديمقراطية ومفاهيمها ,كما حصل في ظل النظام السابق وكيف كان أتباعه يحشدون الناس ويجبرونهم على الذهاب للاستفتاء على مرشح واحد , وهكذا استمرت هذه المهازل في العديد من الأنظمة المذكورة ولدورات انتخابية عديدة بينما لا يبيح النظام الديمقراطي الحقيقي إعادة ترشيح المرشح لأكثر من دورتين انتخابيتين ,هنا نستطيع القول ان الدكتاتوريات ليست وحدها معادية للديمقراطية بل الفساد هو من ألد أعدائها كذلك, بالإضافة إلى عدم التسامح الديني والسياسي ,كما ان المجتمع لا يمكن ان يكون مستعدا لتقبل الديمقراطية في ظل وجود الفقر والبطالة والفساد المالي والإداري وغياب الأمن وتفشي الجريمة , ولابد للنظام الديمقراطي ان يكون مستعدا لمساعدة الطبقات الفقيرة وأتاحت الفرصة لها
للحصول على التعليم الأفضل والمعالجة المجانية واستتباب الأمن والضرب بيد من حديد على ايدي المفسدين , وهذا لم يتم بدون مساعدة المثقفين والمتعلمين من أطباء ومحاميين وصحفيين وأساتذة جامعات من خلال تفهم مسؤولياتهم على نحو أفضل , واستعداد هذه النخب لقبول المفاهيم الديمقراطية في قبول والاعتراف بالآخر المختلف , والعمل على تغيير الآليات الانتخابية التي تعطي أصوات الخاسرين الى المرشح الفائز الأقوى بدلا من إعطائها إلى أفضل الخاسرين كما حصل في انتخابات مجالس المحافظات السابقة , وهذا يعني عدم قبول الآخر وعدم الاعتراف به ويعني بالتالي إفراغ العملية الديمقراطية من مفاهيمها .
ان أزمة الديمقراطية وصعوبة تحقيها في مجتمعاتنا العربية ليس بسبب الأنظمة الدكتاتورية فحسب بل بسبب المجتمعات التي تضع العراقيل أمام المثقف كذلك بل الأدهى من ذلك عندما يكون الأستاذ الجامعي من يشارك في وضع العراقيل في طريق الديمقراطية ,ففي ندوة حول الديمقراطية حاضر فيها المفكر العربي جورج طرابيشي في إحدى دول المغرب العربي حضرها نخبه من الباحثين وأساتذة الجامعات حيث طرح عليهم السؤال التالي: ان الديمقراطية تتضمن كشرط أساس من من شروطها حرية الرأي والتعبير ,فهل نحن كنخبة مثقفة على استعداد لتقبل لوثر مسلم وفولتير عربي وحتى نتمثل باسم احدث عهدا , هل نحن على استعداد لتقبل سليمان رشدي آخر في صفوفنا ؟ يقول طرابيشي ران صمت طويل قبل ان يرتفع صوت مدوي في القاعة ( أعوذ بالله ).
وهذا يعني ان ما يسمى بالنخب في مجتمعاتنا العربية لا تتحمل فكرا حرا لأنها لا تتقبل الفكر الحر وخاصة فيما يتعلق في الدين او الجنس , وهذا ما حصل في إحدى جامعاتنا العراقية عندما رفضت لجنة أطروحة الدكتوراه في شعر حسب الشيخ جعفر بحجة انتماءه الفكري والطائفي .وقد اصدر اتحاد الكتاب والأدباء في العراق بيانا أدان فيه هذا التصرف الطائفي المقيت والذي يصدر من مؤسسة علمية كان من الأجدر بها أن تنأى بنفسها عن التخندقات الطائفية البغيضة.
ان الديمقراطية وحدها تبيح للإنسان ان ينعتق من العقلية الطائفية كي يفكر وينتخب من يشاء على أساس عقله الذي يدله على من هو الاكفا والأجدر حتى لو كان من خارج طائفته او قوميته او مذهبه , ولا يخفى على احد كيف أدلى الناخبون بأصواتهم لأشخاص يمثلونهم دينيا او طائفيا وبعد تكرار هذه العملية الانتخابية توصل هؤلاء الناخبين إلى حقيقة ان الديمقراطية لا يمكن ان تتحقق في ظل هذا الوضع الطائفي وإن الديمقراطية الحقيقية وحدها التي سوف تأتي بمن هو أفضل .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة