الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القدس ستملأ الأفق

علي شكشك

2009 / 10 / 14
الادب والفن


القدس ستملأ الأفق

علي شكشك

أقل من عام على محرقة غزة, والتي أعادتنا إلى الأسئلة الوجودية وقيم الحياة والحق والعدل والظلم. عالمُ ما بعد غزة ينذر بانفراط العقد بين المنطق والواقع, وينسحب في تأثيراته على الطرفين النقيضين على الأرض, الحقيقيّ والزائف, الإنسان والأناني, دون اعتبار للجغرافيا والجنس, فالأسئلة الصعبة مطروحة على الجميع بما فيهم نحن أيضا, بحيث يصبح كل من يمارس الظلم والتمييز والكسل قيمةً مضافة إلى من يمارس المحرقة, هكذا قَصمت تلك الفاصلةُ ظهرَ الأرض, بعد أنْ قُصِمَ ظهرُ البعير منذ دهرٍ بعيد.

أقل من عام, ما تزال الأرواحُ سوداءَ من أثر النكود, والجروحُ مخضبةً بالمرارة, وما يزال الفوسفورُ أبيضا, والحصارُ محاصرا, والقطيعةُ قطيعةً, وما زلنا طوائفَ,... وريحُنا هَباء.

كأنّ الذاكرة لا تتسعُ لجديد, تكادُ برهةُ المحرقة لا تجدُ لها مكاناً في ضمير الحاضر, بينما الأسئلةُ المطروحة هي كيفية غسل أيديهم من آثارنا {نحن الجريمة}, والانشغالُ الآنيُّ المثابرُ ينصبُّ على توقّي ارتدادات نزق نتانياهو وليبرمان, وفي خِضمِّ انفعالات ذعر القطيع وتخابط الإرادات, والاهتزازات بين عِرْق الحياء وغريزة النجاة, تَرانا حُمُراً مستنفِرة فرَّت من قِسْوَرَة.

كأنّ الذاكرةَ مرهقةٌ, أو كأنّها يائسةٌ من المنظومة العامّة, مختزِنةً ذاكرتَها ليوم كريهةٍ وطعانِ خَلْسِ, علماً بأنّ المحرقة لم تتوقفْ, وإنّما تبدّلتْ تجلياتُها, بل إنّها تتلظّى أكثر بالوقود الذي يكشف عنه المشهدُ الجديد, التلموديّ القديمُ الكامنُ تحت رماد الغيرة القديمة وأسفار عزرا, فالقدسُ محسومة, وكذا اللاجئون, و {لا} لِفلسطين, وفلسطينيو الخطّ الأخضر على وشك أن يَكتمل بهم سفرُ الخروج.

بحاسته الاستشعارية التي نمَت كخوف عشب الجليل والحجرِ المنتزَع من الأقصى ليتعذبَ وحيداً في الكنيست, قالها رائد صلاح: {القدس في خطر, اللهم هل بلّغت, اللهم فاشهد.}
قالها وكأنها وصيّة خطبة الوداع.

في متحف أياصوفيا كانت قامةُ أوباما قصيرةً, وصغيرةً في المشهد, وهو في مناخ بهو الحضارة التي أعطت للإنسانية ما يحقُّ لها أنْ تفخر به, وكان أردوغان بجانبه, صامتاً وبدون انفعالٍ هذه المرّة, لقد ترك لمقتنيات المتحف أنْ تتكلمَ بالنيابة عنه.
وكان أوباما يعلن أن على أوروبا أن تقبل تركيا في المجموعة الأوروبية, وكأنه استشعر أن الباب العالي قد فتح بابه العالي على سنجق القدس, واكتشف ذاته.
هل أراد أوباما أن ينقذ تركيا من بابها العالي, أم أراد أن يحرم المشهد من ومضة الزهو الوحيدة في أتون المحرقة.
فلتذهبْ تركيا إلى الغرب, لأنّ مشهد المحرقة القادمة لا يحتمل إيحاءات المشهد السابق...
فالقدسُ وحدَها ستملأ الأفق.












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا