الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنظر إيها المتعالي – على ظهر من تتسلق

زيد ميشو

2009 / 10 / 11
كتابات ساخرة


يقَرٌ الإنسان بأنه خليقة غير كاملة ، ويعترف بمحدوديته وضعفه ، إلا إنه يعيش وكأنه مطلق . يبالغ بمدح نفسه عندما يكون الحديث عن الطيبة والمسامحة والعدالة ، إلا إنه يتصرف دوماً بخشونة ويتفاخر بسرعة إنفعاله وعصبيته . لايقبل بالظلم على نفسه إلا أنه يظلم من هم بمعيته . يحرّم على الآخرين مايحلل لنفسه ، ويرفض النقد ولايقبل بالتصحيح ، يخضع لمن هو أعلى ويستأسد على من هم بحاجة له ، ويغضب إن نُعت بالإزدواجية ! .
عند الإخوة المسلمين – الرجال قوّامون على النساء ، وقد فهم من ذلك بأن المرأة بحاجة إلى الرعاية والحماية ، وهذه ماوفّره الرجل لها خصوصاً في المجتمعات القبلية والقروية ، إلا ن البعض قد فهمها على إنها قوامة أستبداد وأستعباد ، بدأً من فراش النوم وفي كل التفاصيل علاقتهم اليومية .
وبناءً على المفهوم الثاني ، وبما إن التسلط هو مرض شرقي مزمن ، وهو يولِّد غرور وتكبر وتباهي فارغ ، لذا أصبح الجميع يسعى كي يكون قوّام ؟
المعلم قوام على طلابه والأب في بيته والأم على أبنائها والحماة على كنتها والموظف على المراجع والمدير على الموظفين ، ورجال الدين قوامون على كل المؤمنين ورجال السياسة على الشعب المسكين . الكل قوامون وإن كان عدد شعب معين مليون ، وواحد منهم فقط لايملك أن يقوّم على أحد فسيقوّم على أقرب حمار أو جحش يراه ، سيضربه ويجلده ويقول له : شي ياحمار .
إنها لعبتنا نحن الشرقيون ، لعبة السطوة ، إنها ثقافتنا ، ثقافة القوة ، علينا أن نمارسها ولو على جثة هامدة وإلا سنموت بنوبة قهر . فالعجرفة هي شغلنا الشاغل وهمنّا الوحيد ، نتعجرف في كل شيء وعلى كل شيء .
في مطلع التسعينات وبعد إنعتاقي من الخدمة العسكرية ( أفضلها على كلمة تسريح التي تستخدم للخراف ) ، ضاقت الأمور قليلاً فلم يكن لي مهرب سوى العمل كسائق أجرة إنما بسيارة خصوصي . وأذكر في إحدى الأمسيات وأنا ذاهب إلى إحدى النوادي الإجتماعية كما هي العادة في كل إسبوع ، وإذا بشخص في الخمسينيات من عمره ، يلبس أبيض من فوق إلى أخمص القدم ، وشعره أسود لماع من كثرة الدهن ، يؤشر لأي سيارة تنقله إلى حيث عمله ، فقلت في نفسي ( كم دينار من هذا الرجل ثمن البيرة التي أحتسيها ) ، فنقلته معي بعد أن قال لي وبثقة وأعتداد في النفس " الله يساعدهم ، بالله متوديني على لوكال " . فأستغرب بأني لاأعرف بأن لوكال هو إسم لملهي ليلي في منطقة المسبح ، وكيف أعلم وأبي لم يأخذني إليه يوماً في طفولتي . وبينما كنا نتحدث في الطريق وإذا به يفاجئني بعرض ، حيث قال لي نصاً ( مبيِّن عليك خوش ولد وإبن أوادم ، ترى بيت أخوك موجود وفارغ ، وبأي يوم عندك شي إدلل – ويقصد إن كان لي علاقة بإحداهنّ ) . وبعد أن أوصلته إلى المكان الذي يريد ، أعاد عرضه مجدداً إلا إنه أردف قائلاً ( بس تحتاجني إدخل للملهى وإسأل على أستاذ عادل ) . فودّعته حابساً الضحكة ، ياأهلاً بإستاذ عادل .
وعندما قصصت ذلك على أصحابي ، أصبحت كلمة الجفرة فيما بيننا عندما نريد أن نصف أحداً لانطيقه " أستاذ عادل " ، وحاشى لكل من إسمه عادل إن كنت أعرفه أو لاأعرفه .
فحتى مهنة (عدّولي) هذا ، يريد بها أن " يتشمخر " على غيره . ولمَ لا وهو قوّام على بعضهنّ ، أوقد يكون له مساعدين ( أبناء كار ) لهم مستقبل مهني مهم ، فليس محال أن يكون صانع الأستاذ أستاذ ونص .
ومع ذلك فأنا أعتقد بأن عادل هذا أعدل أخلاقاً من كثير من المسؤولين ، على الأقل إنه يحب ( الكيف ) ، له ولغيره ، إنما من يقوّم على المساكين 24 ساعة ، سبعة أيام ، 365 يوماً ويكدّرهم ويسرق جهودهم ويسقوي عليهم ، فهذا أستاذ عادل بإمتياز ، إلا انهُ في قمة السلبية .
إن التسلط والغرور والتبجح تعدُ من أكبر المشاكل حقيقةً ، فهي تمنع الإنسان من رؤية أخيه الإنسان كآخر بشكل واضح وصحيح ، بل سيكون له كمرآة لايرى من خلاله سوى ذاته ومصالحه ، تعكس له نرجسيته إذ سيكون الآخر كجدول ماء يروا من خلاله مايرضيهم فقط دون النظر إلى العيون وقراءتها . فماذا يعني بأن أكون متسلط غير أن أكون قد ألغيت حق الآخر في العيش بكرامة ، وماذا يعني التبجح والتفاخر سوى التعالي على أخي أو أختي الذين يساوياني في كل شيء ، وماذا نسمي من هو بموقع مسؤولية ( مهما كانت ) ويسيء لتلك المسؤولية إرضاءً لتكبُّره وطمعه سوى خائن وغير جدير بالثقة .
فمتى يكون لدى الإنسان الوعي الذي يدرك من خلاله بأنه ومهما إرتفع من شأنه ، فهو ليس بأكثر من إنسان أُسوة بغيره من البشر ؟
فهذا هو واقع الإنسان الحالي وللأسف الشديد ، وهذا هو الموروث ، إنسان شرقي يعني إنسانٌ متسلّط ، بالرغم من كل الصفاة الطيبة التي يتصف بها الشرقيين . لذلك نحن في سباق دائمُ للخلف والعالم بأسره يتسابق للأمام ، إنما إلى متى ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أون سيت - هل يوجد جزء ثالث لـ مسلسل وبينا ميعاد؟..الفنان صبر


.. حكاية بكاء أحمد السبكي بعد نجاح ابنه كريم السبكي في فيلم #شق




.. خناقة الدخان.. مشهد حصري من فيلم #شقو ??


.. وفاة والدة الفنانة يسرا اللوزي وتشييع جثمانها من مسجد عمر مك




.. يا ترى فيلم #شقو هيتعمل منه جزء تاني؟ ??