الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القائمة المغلقة والقائمة المفتوحة

طلال احمد سعيد

2009 / 10 / 11
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


الديمقراطية ليست مجرد كلمات انما هي مجموعه افكار ومباديء واليات ناضلت من اجلها الشعوب المتحضرة وتكونت عبر سنين الى ما يشبه النصوص الملزمة . وهي ليست مقتصرة على مظهر واحد من مظاهر التعامل بين الناس انما تغطي الكثير من جوانب الحياة السياسية على وجه الخصوص ، وعندما عرف ابراهام لنكولن الديمقراطية بأنها حكم الشعب للشعب كان كلامه عاما وبحاجة الى اليات وخطوات لترجمته الى حقيقة ونقله الى ارض الواقع . والسؤال هو كيف يقوم الشعب بالحكم بنفسه او بعبارة اخرى كيف يمكن ايصال ممثلي الشعب الحقيقين الى سدة الحكم .
النضال المرير الذي خاضته الشعوب المتحررة عبر تضحيات لايستهان بها رسمت الخطوط العريضة لمباديء الديمقراطية ومنطلقاتها وحددت الياتها ، وهي لم تطبق صفقه واحد انما اصبحت قناعه رسخت عبر سنين وكانت اهم ركيزة لتلك القناعه هي الايمان المطلق بالحريات العامة والشخصية واحترام حقوق الانسان والاعتراق بحقوق المرأة كامله . الديمقراطية نقيض الاستبداد والطغيان والظلم وهي نصير الانسان المتحرر حسب ثقافته وقناعاته وهي عدوة التقوقع بالماضي ( السلفي ) لنقله الى الحاضر باعتبارة بديلا عن الفكر المتحضر .
لقد كان اختيار الحاكمين من قبل المحكومين من اشد المعارك التي خاضتها الشعوب فالتاريخ مليء بالامثلة عن حكام قفزوا الى السلطة عن طريق الانقلابات وسفك الدماء وحكموا شعوبهم رغم ارادتهم ، مقابل ذلك ظهرت منذ القدم انظمة حكم اعتمدت على نوع من الشورى والانتخاب وكانت تمثل بداية طيبة للنظام الديمقراطي .
الديمقراطية ظهرت بجلاء وتقدمت الى الامام بشكل مذهل بعد تحقيق انتصار الحلفاء على النازية والفاشية في الحرب العالمية الثانيه وبعد صدور الاعلان العالمي لحقوق الانسان عام 1948 وسرعان من تكونت الحركات والاحزاب الليبرالية والديمقراطية والاشتراكية والشيوعيه في دول اوروبا المنتصرة واجريت الانتخابات وفق المعايير الديمقراطية الحقيقية وفازت بها احزاب معروفة وفق برامج محددة طرحتها امام الجماهير والتي جرى التصويت على اساسها .
بمرور الوقت والتجربة تحولت الديمقراطية الى مايشبه القانون اطلق عليه اسم المفاهيم هذه المفاهيم اخذت تطبق حتى في التنظيمات الصغيرة مثل مجالس البلدية والجمعيات والنوادي وغيرها ومن ثم طبقت على نطاق واسع في الانتخابات العامة وعن طريق الديمقراطية تكتسب السلطات في العالم الشرعيه في الحكم وهي تدعم من قبل شعوبها وحتى من قبل الذين لم يصوتوا اليها .
في العراق كان العهد الملكي يجري انتخابات عامة على اساس الترشيح الفردي فنجد ان مجلس النواب يتكون من ممثلين عن البصرة والعمارة والنجف وغيرها وفي بغداد كان هناك ممثلين عن الكرادة والاعظمية والكاظمية وهكذا .
وبالرغم من ان انتخابات العهد الملكي لم تكن بعيدة عن تدخلات السلطة الا ان البعض منها افرزت عددا من المعارضين الذين كان لهم دورا مهما يؤخذ بالحسبان من قبل السلطات القائمة وكانوا يشكلون معارضة حقيقية داخل المجلس وخارجه .
بعد سقوط نظام صدام حسين على ايدي القوات الامريكية زفت البشرى بأن الديمقراطية سوف ترى النور في العراق لاول مرة ، وسرعان ماقامت الدولة المحتلة بترتيبات لنقل العراق الى نمط جديد من الحكم يعتمد على دستور دائم ومجلس وحكومة منتخبة الا ان السبيل الذي سلكه الامريكان كان مشوها فاقر دستور البلاد بسرعه على طريقة ( سلق البيض ) وضمن الدستور مادة تقول ( لايجوز سن قانون يتعارض مع مباديء الديمقراطية ) واعتقد الكثير بأن العراق سوف ينتقل فعلا للنهج الديمقراطي وهذا لم يكن صحيحا على الاطلاق .
في انتخابات عام 2005 التي جرت لتأسيس مجلس نيابي على اساس الانتخاب المباشر الحر . ومن ثم انتخاب حكومة منبثقة عن ذلك المجلس وجرت فعلا الانتخابات على اساس نظام القوائم المغلقة وتوجه الناخبون الى صناديق الاقتراع معصوبي الاعين للتصويت لارقام وليس لاشخاص وكان على الناخب ان يضع علامة (صح) امام رقم القائمة 170 او 555 او 618 او غيرها من القوائم دون ان يعرف محتوياتها او حتى اسم واحد من مرشحيها . في تلك الفترة قيل ان الوضع الامني الحرج هو الذي دفع الى اخفاء اسماء المرشحين وهذا التبرير قد يكون مقبولا في عام 2005 الا انه غير مقبول على الاطلاق الان لان هذا النوع من التصويت لاعلاقة له بالديمقراطية ، وكان واضحا ان تلك الانتخابات افرزت مجلسا ضرب مثلا صارخاَ في سوء الاداء وهدر المال العام .
نحن الان امام جدل دائر حول شكل النظام الانتخابي الذي سيفعل مطلع العام القادم والجدل ينحصر في ايهما يجب ان يطبق القائمة المغلقة ام المفتوحة والغريب في الامر ان من يقرر ذلك هم نفس النواب الذين تسللوا الى المجلس تحت عباءة القائمة المغلقة لذلك فنحن نسمع كلاما كثير حول ترجيح هذه القائمة على المفتوحة وهذا مشهد طبيعي لان هؤلاء يريدون الحفاظ على كراسيهم بمثل الطريقة التي حصلوا عليها . القائمة المغلقة تمثل شكلا من اشكال الديكتاتورية الانتخابية فالاحزاب الكبيرة التي ينتابها الخوف من السقوط مثل ماحصل في انتخابات مجالس المحافظات تفضل النظام المغلق حيث يضمن لها السيطرة المطلقة على اتباعها ويغلق باب المفاضلة امام الناخب فاما عليك ان تصوت على القائمة باكملها من خلال الرقم المعتمد واما ان تقاطع العملية الانتخابية والاختيار الثاني بالتاكيد اكثر خطورة وله مضاعفات قد تاثر على مستقبل الناخب واسرته .
عندما يجري الكلام عن الديمقراطية فيما يتعلق بالشان الانتخابي يجب ان تطبق اليات النظام الديمقراطي وعلى راسها اطلاق الحرية الكاملة للمواطن في اختيار ممثليه والابتعاد عن الترغيب والترهيب وعدم ادخال الرموز الدينيه في العملية وكذلك الابتعاد عن الوعود الكاذبة التي ماكان لها ان تتحقق تحت ايه ظروف .
لقد بادر الشعب العراقي بتنظيم مظاهرات لرفض القائمة المغلقة والمطالبة بالقائمة المفتوحة وسقطت المغلقة باعتبارها طريقة اكيدة لتزوير العملية الانتخابية ولابد من الاشارة هنا بان الطريق الامثل لتنفيذ الانتخابات وفق احدث المعايير الديمقراطية هي ان تجري في دوائر متعددة ومناطقية وان تتم حسب الترشيحات الفردية والتي لاتمنع من ان يجتمع عدد من المرشحين في قائمة واحد مفتوحة .
الشعب العراقي بعد ان سئم ممارسات المجلس الحالي وهو يواجه وضعا في غاية التعقيد عليه ان يكون يقضا وحازما في اختياراته للمجلس القادم والحكومة والمواطن يجب ان يمتلك القناعه بانه صاحب الكلمة الاخيرة في قبول او رفض عمل البرلمان او الحكومة في ضوء التجارب المريرة السابقة التي ضيعت سنوات من عمر البلاد عبر مجالس لم تقدر مسؤولياتها الكاملة اتجاه هذا البلد ومستقبل ابناءه










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Ynewsarab19E


.. وسط توتر بين موسكو وواشنطن.. قوات روسية وأميركية في قاعدة وا




.. أنفاق الحوثي تتوسع .. وتهديدات الجماعة تصل إلى البحر المتوسط


.. نشرة إيجاز - جماعة أنصار الله تعلن بدء مرحلة رابعة من التصعي




.. وقفة طلابية بجامعة صفاقس في تونس تندد بجرائم الاحتلال على غز